كشف مسؤول عراقي أمني بارز بوزارة الداخلية التي تتولى التحقيق في قضية اغتيال الخبير والباحث الأمني العراقي هشام الهاشمي، الذي اغتيل مساء الاثنين الماضي في بغداد على يد مجموعة مسلحة، عن آخر ما تم التوصل إليه في التحقيق بالجريمة، التي شكلت صدمة لدى الأوساط الأكاديمية والسياسية والشعبية العراقية على حدّ سواء، مؤكداً استمرار فحص تسجيلات كاميرات المراقبة في محيط منطقة الجريمة ومناطق قريبة منها، أملاً بالتعرف على ملامح وجوه الأشخاص الذين نفذوا الجريمة على متن دراجات نارية.
ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن لجنة من ضباط تحقيق عدة وخبراء أدلة جنائية وضباط من جهاز المخابرات تواصل التحقيق بالجريمة، لكن لغاية الآن لا أسماء يشتبه بها محددة في التحقيق الذي خلص إلى أن العملية تتورط بها مليشيا ولائية"، في إشارة إلى أنها من الفصائل المسلحة المدعومة من إيران.
وتحدث عن أن "هناك مؤشرات على أن المجموعة التي نفذت العملية عبر دراجة نارية صغيرة كانت على تواصل مع مجموعة أخرى زودتها بخط سير الدكتور الهاشمي إلى منزله في حي زيونة شرقي بغداد، والعملية مخطط لها بشكل كبير"، كاشفاً عن أن عددا من كاميرات المراقبة التي تقع ضمن نطاق الجريمة، والتابعة بالأساس لقيادة شرطة بغداد، تبين أنها معطلة أو لا تحوي على أي تسجيل، وقد تم فتح تحقيق آخر حول موضوع تعطّل الكاميرات في مناطق مهمة من بغداد، وما إذا كان الأمر مقصوداً أم أنه إهمال من قبل الضباط المسؤولين وأن الكاميرات لم تكن تعمل أساساً منذ مدة.
يشرف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بنفسه على عملية التحقيق
وأكد في هذا السياق أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يشرف بنفسه على عملية التحقيق، وقد أمر بتسخير كلّ الإمكانيات للكشف عن أي خيوط توصل إلى المجرمين أو الجهة المتورطة بالجريمة، معتبراً أنه من المبكر الحديث عن وجود استنتاجات في هذا التحقيق الذي ما زال في بداياته.
واغتيل الهاشمي وسط العاصمة العراقية الاثنين الماضي، بعد خروجه من مقابلة تلفزيونية انتقد فيها ما أسماه "خلايا الكاتيوشا" التي تطلق الصواريخ وتهاجم البعثات الدبلوماسية في العراق، بعد وصوله إلى منزله في منطقة زيونة في العاصمة العراقية بغداد، من قبل مسلحين مجهولين يستقلون دراجات نارية.
من جهته، قال نائب في البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن المتحقق الوحيد من بحث وتدقيق الأيام الماضية هو أن اغتيال الهاشمي كان اغتيالاً سياسياً نفذته مليشيا مسلّحة معروفة وبارزة ولها نفوذ في بغداد، بسبب انتهاج الدكتور الهاشمي طروحات مع الدولة والقانون وتحدثه بأمور خافية عن العراقيين، وتحوله إلى وسيلة معلومة حقيقية غير تلك التي تروج لها وسائل الاعلام التابعة للأحزاب.
وأضاف أن "القوى السياسية تؤمن بذلك أيضاً، وهذا مؤشر خطير على مستقبل أي معارضة أو فكر أو طرح مغاير لطروحات القوى الممسكة بالسلاح"، لافتاً إلى أن "أفضل دليل على ذلك هو طلبي منكم عدم ذكر اسمي مع أني نائب في البرلمان"، وفقاً لقوله، معتبرا أن الرسالة من اغتيال الهاشمي تأكيد على أن الدولة باتت مختطفة من مجموعة مليشيات ولاؤها لإيران أكثر من ولائها للعراق.
بدوره، أعرب الخبير في الشأن الأمني العراقي مؤيد الجحيشي عن أسفه لأن التحقيق الحالي باغتيال الهاشمي سيكون مثل تحقيقات أخرى بحوادث اغتيال مماثلة وقعت في العراق في السنوات الماضية، معتبراً، في حديث إلى "العربي الجديد"، أنه "بسبب ضعف الحكومة في مواجهة مليشيات القتل والاغتيال التي تسيطر على الشارع بقوة السلاح، لا ترجى من التحقيق نتائج توصل إلى القتلة".
واعتبر أن "أي قضية يتم على أثرها تشكيل لجان تحقيق، تعني أن المنفذين لن يتم العثور عليهم، ودليل ذلك مئات القضايا التي شُكلت لجان من أجلها، ولم تُحسم على الرغم من مرور سنوات عليها، بل ما زال القتلة يصولون ويجولون في الشارع، وأمام أنظار الحكومة، لكنها تخشى التقرب منهم، خصوصاً أن هؤلاء القتلة لهم من يدافع عنهم ويوفر لهم الغطاء من قبل بعض الجهات السياسية، وحتى الشخصيات الحكومية في الدولة العراقية".