مزارعون عرب يدافعون عن السيادة الغذائية

05 يناير 2019
محاولات لتحصين حقوق صغار المزارعين (فرانس برس)
+ الخط -
يسعى مزارعون  للدفاع عن تحقيق السيادة الغذائية في المنطقة العربية، بما يساعد على بلوغ الاكتفاء الذاتي. إضافة إلى المطالبة بتعزيز حقوق المزارعين الصغار، في مواجهة الشركات الكبيرة التي تركّز على التصدير  على حساب السلع الأساسية، مثل الخبز والزيوت والسكر. 

وانضمت جمعيات أهلية مدافعة عن المزارعين والبيئة في العالم العربي  إلى الحركة العالمية " فيا كامبيسينا"، التي تنسق نضالات  المزارعين والمزارعات، والعاملات والعمال الزراعيين...

ويشير محمد الهاكش، الناطق الرسمي باسم "فيا كامبيسينا" في المغرب، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن السودان كان آخر الملتحقين بفرع الحملة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي ضم في البداية المغرب وتونس وفلسطين. وعرض "تحالف أبناء الجزيرة"، الذي يضم مزارعين محليين بالسودان المشاكل التي يعاني منها المزارعون في ذلك البلد، على مستوى تحقيق السيادة الغذائية.

ويجرى العمل من أجل انضمام ممثلين للمزارعين من الجزائر ومصر إلى هذا الفرع، الذي لا يقبل في عضويته سوى المزارعين الصغار، ويرفض مشاركة منظمات تمثل المستثمرين في الزراعة.

وطرحت "فيا كامبيسينا" لأول مرة مفهوم السيادة الغذائية في مؤتمر لمنظمة الزراعية والأغذية، حيث أوضحت أنه مفهوم يشمل إعطاء الأولوية للإنتاج الزراعي المحلي، وحق المزارعين في إنتاج الأغذية وحق المستهلكين في تحديد ما يريدون استهلاكه، وكذلك ربط الأسعار الزراعية بتكاليف الإنتاج، ومساهمة السكان في تحديد السياسات الزراعية، والاعتراف بحقوق المزارعين الذي يضطلعون بدور حاسم في الإنتاج الزراعي والتغذية.

ويؤكد الهاكش على أن السيادة الغذائية يفترض أن تتحقّق في العالم العربي، عبر ضمان الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الرئيسية، إذ يجب التركيز على الخبز والزيوت والسكر، التي تشكل أساس الاستهلاك في تلك البلدان، علماً أن بلداناً أخرى في آسيا مثلاً، يمكن أن تُعطي الأولوية للأرز عوض الخبز.

ويشير إلى أن البلدان العربية تلتقي في كونها تعتبر أكبر مستورد للحبوب من أجل توفير الخبز، ما يؤثر على أمنها الغذائي، ويجعلها ترتهن لتقلبات السوق العالمية، هذا في الوقت الذي تسعى فيه بلدان المنطقة إلى إعطاء الأولوية أكثر للزراعات التصديرية.

ويضرب مثل بالمغرب، حيث المستثمرون الذين يوجهون أغلب الإنتاج للخارج لا يسهمون في إنتاج السلع الغذائية الأساسية، ليتم استيراد نصف احتياجات المملكة من القمح اللين و90 في المائة من زيوت المائدة، ونحو 75 في المائة من السكر، حسب المواسم.

ويلح على أن تحقيق الاكتفاء في العالم العربي لا يجب أن يركز فقط على إنتاج تلك السلع الغذائية، بل لا بد من توفير البذور، التي يفضي عدم إتاحة ما يكفي منها إلى الإضرار بالمزارعين الصغار، الذين يصبحون تحت رحمة الشركات التي تتحكم في سوق البذور.

ويلفت إلى أن الشركات العابرة للقارات تساهم في تدمير البيئة والقضاء على الغابات وتلويث المياه الجوفية، ومياه الأنهار والبحار، عبر الاستخدام المكثف للمواد الكيميائية، ما يهدّد حياة الأجيال المقبلة. بالإضافة إلى إجبار ملايين المزارعين على ترك أراضيهم للالتحاق بالمدن والأحياء الهامشية، بما يفضي إليه ذلك من أزمات حضرية وتفاقم مشاكل الهجرة الداخلية والخارجية.

من جهته، يشرح الاقتصادي المغربي، نجيب أقصبي، في دراسة له، الأهمية التي تحظى بها الزراعة التي تحيل إلى نموذج المزارع الكبرى والاستغلال الذي من شأنه أن ينال من توازن الزراعة الأسرية التي تعتبر مهمة في العالم القروي.

في حين يلفت الهاكش إلى أنه في مطلع الشهر الماضي، تبنّت الجمعية العمومية للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق المزارعين والأشخاص العاملين في المناطق الريفية، ليصبح آلية قانونية دولية ملزمة لجميع الدول الأعضاء.

ويرى الهاكش أن هذا الإعلان يعطي دفعاً لفرع "فيا كامبيسينا" في المنطقة العربية، من أجل السعي للدفاع عن حقوق المزارعين والعاملين في الأرياف، مع حث الدول على ترجمة الأهداف التي وضع من أجلها ذلك الإعلان.

وتدعو "فيا كامبيسينا" إلى حماية الزراعة الأسرية التي تستند إلى استغلال محسوب وإيكولوجي للموارد الطبيعية، على اعتبار أنها لا تجعل من التصدير أولوية لها، وتصون النسيج الاجتماعي في الأرياف وتخدم التوظيف وتنمّي إيرادات السكان، فضلاً عن أنها توفر سلعاً تُراعي معايير الجودة وذات قيمة مضافة عالية.
دلالات