مركز بحثي: ارتفاع مستوى التدين في المغرب

25 يوليو 2018
الندوة الصحافية التي عرضت خلالها نتائج التقرير(فيسبوك)
+ الخط -


اعتبر المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة أن مستوى التدين زاد عند المواطنين المغاربة، عن "الحالة الدينية في المغرب بين 2016 و2017"، معتمداً على جملة مؤشرات منها الإقبال على المساجد في رمضان، ومدارس التعليم الديني، والعناية بالمساجد ودور القرآن، وارتفاع عدد الحجاج. في المقابل وضّح خبير في الشأن الديني أسباب عدم دقة النتائج، معتبراً أن المؤشرات المعتمدة ليست مقياساً للتدين.

وسجل التقرير السنوي للمركز البحثي المغربي، الذي أعلنت محاوره في ندوة صحافية أمس الاثنين تنامي عدد بيوت الله في الكثير من مدن المملكة متجاوزة الـ 50 ألف مسجد، فضلاً عن تزايد الإقبال في تسجيل الأطفال في مدارس التعليم العتيق (التعليم الديني)، وكذلك النقاشات المجتمعية الرافضة لبعض التيارات الوافدة، ومنها حركة "ما صايمينش" (لن نصوم)، وغيرها.

وتجلت مظاهر التدين عند المركز البحثي بارتفاع أعداد المصلين في التراويح والتهجد في الكثير من مناطق المملكة، وصلاة ربع مليون مصلٍّ خلف الإمام المعروف عمر القزابري بالدار البيضاء، بالإضافة إلى تزايد أعداد المسجلين لأداء فريضة الحج، إذ وصل عدد الحجاج عام 2016 أكثر من 25 ألف حاج، والعدد نفسه تقريباً سجل في عام 2017.

ووفق المصدر ذاته، اعتبر 77 في المائة من الشريحة المستجوبة أن للدين أهميته على مستقبل البلاد، في حين قال 51 في المائة منهم إن البرامج الدينية في القنوات التلفزية تعد أهم مرجع ديني يستقون منه معلوماتهم عن شؤون دينهم وعباداتهم، واعتبرت نسبة ساحقة أن "داعش" جماعة تمثل انحرافاً عن تعاليم الإسلام السمحة.

ولاحظ امحمد الهلالي مدير المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، أن هذه الصحوة الدينية والإقبال على التدين عند الشباب المغربي قابلته سلوكيات ودعوات وصفها بالمستفزة.

في المقابل، اعتبر الخبير في الشأن الديني الدكتور إدريس الكنبوري، أن المؤشرات التي اعتمدها المركز البحثي "غير دقيقة لقياس مستوى التدين في أي بلد، وإلا اعتبرنا أيضًا صلاة الجنازة ذات الحضور القوي في منطقة معينة دليلاً على مستوى التدين".

وأفاد الكنبوري بأن المؤشرات تعتمد عادة انطلاقاً من الأوضاع العادية والطبيعية، بعيداً عن طرفين متقابلين، وهما الحد الأدنى والحد الأقصى، لذلك يؤخذ بالاعتبار الوضع المتوسط، حتى لا يكون هناك تحيز إلى الجانب الأدنى أو الجانب الأقصى.

وزاد أن "هذه المؤشرات تحيزت إلى جانب الحد الأقصى مما أفقدها الموضوعية"، لافتاً إلى أنه "إذا اعتبرنا تلك المؤشرات علمية فإن هذا ليس خاصاً بالمغرب وحده بل يتعلق بالعالم بأسره، فعدد المسلمين في فرنسا مثلاً المرشحين للحج ازداد العام الماضي مقارنة بالعام الذي قبله، كما أن هناك إقبالاً على صلاة التراويح لدى المسلمين المهاجرين، فهل يمكن القول بأن مستوى التدين ارتفع في فرنسا؟".

وأكد الخبير ذاته أنه لا يمكن قياس درجة التدين في سنة واحدة، لأن المعدل الطبيعي لحصول التحولات في المجتمع وفقاً للعلوم الاجتماعية هو خمس سنوات إلى عشر سنوات، لأن من العناصر الهامة في ملاحظة التغيرات المجتمعية هو ملاحظة عنصر الثبات والاستقرار والديمومة فيها، لذلك فإن سنة واحدة لا توفر هذه العناصر".

وأضاف الكنبوري، "من مؤشرات زيادة التدين في مجتمع معين العنصر الشبابي، لأن الشباب هو مقياس التجدد في أي مجتمع"، ضارباً المثال بكون المسنين عادة ما يلجؤون إلى المساجد والتدين في أعوامهم الأخيرة، "لكن لا يمكن أن يكون مؤشرا دقيقا، لأنه ليس ناتجاً عن عوامل ثقافية وحراك سوسيولوجي بل عن عناصر بيولوجية فطرية".

وتناول المتحدث مقياس الحجاب وقال "الإقبال على ارتداء الحجاب وسط النساء، يتحول إلى جزء من مظاهر الشارع في مجتمع معين، ويدل على حصول تحولات سوسيوثقافية في بنية المجتمع وسلوكياته اليومية".

كذلك رأى أن "الإقبال على المساجد خارج الأزمنة غير العادية، مثل رمضان والأعياد الدينية، كونها مواسم دينية لا يمكن أن يكون مقياساً، وهذه المناسبات تنعكس على وسائل الإعلام، التي تتجه لتناول قضايا الدين والتدين، وفتح النقاش في الموضوعات الدينية، وزيادة البرامج ذات الطابع الديني".