وفي دراسة أعدّها كل من الجنرال أودي ديكل، والباحثة عينات كورتس، ونشرها اليوم الأربعاء، ضمن مشروع بحثي واسع حول علاقة إسرائيل بغزة، حث المركز حكومة بنيامين نتنياهو على التنازل عن مطلبها بربط السماح بتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار بموافقة حركة "حماس" وبقية الفصائل الأخرى على التخلص من سلاحها.
وحسب الدراسة، فإن المخاطر الاستراتيجية التي تتعرض لها إسرائيل من جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة كبيرة جدا، مما يستدعي أن تعيد تل أبيب بشكل جذري موقفها من قطاع غزة.
ونوهت الدراسة إلى أن تهاوي الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، الذي من المتوقع أن يبلغ ذروته عام 2020 من خلال انهيار تام لكل المؤسسات الخدماتية في القطاع، تمثل تهديدا استراتيجيا من الطراز الأول لإسرائيل.
وأوضح معدّا الدراسة أن انهيار قطاع الخدمات والمرافق في قطاع غزة سيفضي حتما إلى اندلاع مواجهة عسكرية مع حركة حماس، ستفضي إلى تهديد العمق الإسرائيلي بشكل كبير.
وأشارت الدراسة إلى أن أية مواجهة جديدة مع القطاع ستفضي إلى تدهور المكانة الدولية والإقليمية لإسرائيل. ونوهت إلى أن سقوط عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين في المواجهة القادمة، إلى جانب إلحاق ضرر هائل بالبنى التحتية المتهاوية أصلا، سيدفع دول العالم والمنظمات الدولية إلى توجيه انتقادات حادة لإسرائيل.
وشددت الدراسة على أن أحد المخاطر الناجمة عن أية مواجهة جديدة في القطاع يتمثل في إمكانية مسّه ببيئة العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، مشيرة إلى حقيقة أن هذه العلاقات تطورت، في الآونة الأخيرة، بشكل كبير. وحذّرت من أن المسّ بالمدنيين في قطاع غزة سيفضي إلى ردة فعل غاضبة جماهيرية واسعة في العالم العربي، مما سيقلص هامش المناورة أمام أنظمة الحكم العربية، وسيؤثر على فرص التعاون بين تل أبيب وهذه الأنظمة. ورسمت الدراسة سيناريو قاتما في حال توجهت مسيرات فلسطينية حاشدة إلى الحدود مع إسرائيل، ردا على تدهور الأوضاع البائسة في القطاع، مما سيمثل تحديا سياسيا كبيرا لتل أبيب.
وأشارت الدراسة إلى أنه يتوجب تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، بحيث تفضي إلى تمكين السلطة من إعادة سيطرتها على قطاع غزة، مما يستدعي التنسيق مسبقا مع السلطة ومصر والدول العربية والمجتمع الدولي. وأوضحت أنه يتوجب أن تصر إسرائيل على اشتراط تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار بموافقة حركة حماس على ضمان فترة هدوء أمنية طويلة المدى ومتواصلة، إلى جانب تعهّد الحركة بعدم استغلال مشاريع إعادة الإعمار من أجل تعزيز قوتها العسكرية.
وحثت الدراسة على تشكيل فريق مراقبين من جنسيات متعددة لفرض رقابة على قطاع غزة، بحيث يهدف إلى منع حماس من تعزيز قوتها العسكرية، من خلال الانتشار على المعابر الحدودية والسواحل لمنع تسلل الأسلحة والعتاد لحركة حماس. ويرى معدا الدراسة أن فريق الرقابة، الذي يمكن أن يشارك فيه ممثلون عن دول في المنطقة، يجب أن يمنع دخول مواد ذات استخدام مزدوج، بحيث يمكن استخدامها في عمليات إعادة الإعمار، وفي الوقت ذاته يمكن توظيفها في بناء الأنفاق والوسائل القتالية.
وشددت الدراسة على دور مصر الحاسم في ضمان تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، وضمان أن تحقق هدفها المتمثل في ضمان الهدوء المتواصل بين حماس وقطاع غزة. وعلى الرغم من أن الدراسة تشير إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، يرفض بإصرار التعاون مع مشاريع إعادة الإعمار في القطاع، إلا أنها ترى أنه سيكون بالإمكان إقناعه بتغيير موقفه من خلال تعزيز مكانة السلطة في القطاع، عبر منح السلطة الحق في الإشراف على هذه المشاريع. واستدركت الدراسة أن تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار يتطلب أولا إنجاز تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية، على اعتبار أنه يؤسس لانتقال القطاع إلى حكم السلطة الفلسطينية.
ويتفق ما جاء في توصيات الدراسة مع الدعوات الصادرة عن معظم قادة المؤسسة الأمنية ووزراء في الحكومة الإسرائيلية، الذين لا يفوتون فرصة بدون التحذير من مآلات انهيار الأوضاع الاقتصادية في القطاع وتأثيراتها السلبية على الأوضاع الأمنية في قطاع غزة.
ويواصل المعلقون العسكريون في وسائل الإعلام الإسرائيلية النقل عن مصادر أمنية رفيعة تحذيراتها بأن مصالح إسرائيل تقتضي إحداث تحوّل كبير على الواقع في القطاع. وقد أعد وزير الاستخبارات والمواصلات، الليكودي يسرائيل كاتس، خطة لإعادة إعمار القطاع تقوم على تدشين ميناء عائم وتجفيف مياه البحر لبناء أحياء سكنية. وفي المقابل، فإن وزير الحرب، أفيغدور ليبرمان، يرفض بشدة الموافقة على بحث هذه الأفكار، على اعتبار أن حركة حماس ستفسرها على أنها "مكافأة" لها على مواقفها العدائية تجاه إسرائيل.