دعا مركز أبحاث إسرائيلي إلى تشكيل تحالف إقليمي لـ"احتواء النفوذ" التركي في المنطقة، على أن يضم كلاً من إسرائيل وقبرص واليونان والأكراد في شمال العراق وسورية، معتبرا أن هذا التحالف سيمثل "منظومة دفاعية" تتكامل فيها جهود الأطراف الأربعة.
واعتبر "مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية"، التابع لجامعة "بارإيلان"، ثاني أكبر الجامعات الإسرائيلية، في تقدير موقف نشره اليوم الثلاثاء، أن استقرار حكم الرئيس رجب طيب أردوغان، وما نتج عنه من ابتعاد تركيا عن كل من إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يمثل تحديا يفرض تشكيل تحالف إقليمي لاحتوائه.
وزعم المركز، في التقدير الذي أعده الباحث ديمتري شوفوتنسكي، أن نهج "العثمانية الجديدة" في السياسة الخارجية التركية يستند إلى سمات "إمبريالية"، ويهدف بشكل أساس إلى تعزيز مكانة تركيا كقائدة للعالم الإسلامي، على حساب السعودية، محذرا من إمكانية أن يقدم أردوغان على "غزو كل من اليونان وقبرص".
واعتبر شوفوتنسكي الأصوات التي تتعالى في الغرب مطالبة بالحفاظ على علاقة مستقرة مع تركيا، على أمل أن يسقط حزب العدالة والتنمية في المستقبل، "تعكس تفكيرا رغائبيا لا يستند إلى الواقع".
واعتبر أن تكثيف تركيا تدخلها في الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط يوجب على الدول "المتضررة" التعاون مع أجل احتواء هذا التدخل، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تدعم التعاون الإسرائيلي القبرصي اليوناني في جميع المجالات، وتساند الأكراد، يمكن أن توفر غطاء لدعم انطلاق هذا التحالف لمواجهة "طموحات أردوغان التوسعية".
وأشار المركز إلى أهمية الدور الأميركي في محاصرة تركيا، مبرزا أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب الصيف الماضي على البضائع التركية قادت إلى تعرض الاقتصاد التركي لأزمة، ومشيرا إلى أن الإدارة عادت لتهدد تركيا بعقوبات إضافية في أعقاب قرارها شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة "S400"، على الرغم من أن واشنطن أوضحت أنه لن يتم تزويد أنقرة بطائرات "أف 35" في حال تمت الصفقة مع الروس.
ودعا المركز الولايات المتحدة إلى بيع اليونان طائرات "إف 35" بسعر مخفض مراعاة لأوضاعها الاقتصادية، بهدف تعزيز قدرتها الردعية في مواجهة تركيا، ولمنع أنقرة من مواصلة اختراقها أجوائها.
وحث إدارة ترامب على نصب منظومة الدفاع الجوي المتطورة "THAAD" في جزيرة "كريت" اليونانية، إلى جانب قيام بريطانيا بنصب منظومة "THAAD" وباتريوت في قاعدتي "أكروتيري" و"ديكليا" في قبرص.
ولفت إلى أن اليونان تعكف حاليا على بناء منظومات إنذار مبكر، اعتمادا على المساعدة الإسرائيلية، لتحسين قدرتها على مواجهة أي "عدوان تركي"، حاثا الحكومة الإسرائيلية على نصب منظومات دفاع الجوي الإسرائيلية المتقدمة داخل اليونان، لاسيما منظومات أرو، القبة الحديدية، ومقلاع داود.
واشار إلى أن تعزيز المنظومات العسكرية في كل من قبرص واليونان يكتسب أهمية خاصة، على اعتبار أنها توفر بيئة أمنية تسمح لقبرص باستغلال حقول الغاز التي اكتشفتها في البحر أخيرا، لافتا إلى أن اكتشافات الغاز القبرصي يكتسب أهمية خاصة لإسرائيل، على اعتبار أنه يعزز، بدوره، بيئة التعاون بين الجانبين في مجال اقتصاديات الطاقة.
ويرى المركز أن كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل مطالبتان بالعمل من أجل إقناع الأكراد في شمال العراق وشمال سورية، بالتوصل لاتفاق تعاون بينهم، مشيرا إلى أن التعاون بين الأكراد في المنطقتين سيمثل عامل ردع لتركيا والمحور الذي تقوده إيران.
وشدد على وجوب أن تدرس كل من تل أبيب وواشنطن إمكانية نصب منظومات دفاع جوية متطورة في المناطق الكردية شمال سورية لتقليص قدرة تركيا على العمل هناك، مؤكدا أن نصب هذه المنظومات هناك يمثل طبقة حماية أيضا لإسرائيل وحلفائها العرب في الإقليم والقواعد الأميركية في المنطقة.
وبحسب رؤية المركز، فإن إسرائيل والأكراد يمكن أن يتعاونوا في مجال الطاقة، مشيرا إلى أنه يمكن استخدام أنبوب واحد في تصدير النفط الذي يمكن أن تستخرجه من الحقول المكتشفة في الجولان والنقب، والنفط الذي يتم استخراجه في إقليم كردستان العراق، والنفط الذي يتم استخراجه في مناطق الأكراد في شمال سورية.
وأوضح المركز أن تل أبيب والأكراد سيكون بوسعهم استغلال اكتشافات البترول لديهم لتكون بديلا عن النفط الإيراني، مما يعزز المكانة الجيوإستراتيجية لإسرائيل. وشدد على أن إرساء قواعد التحالف بين إسرائيل وكل من الأكراد وقبرص واليونان سيساعد الولايات المتحدة على التدخل في المنطقة بشكل فعال.