مدرسة خربة طانا الفلسطينية تتحدى غطرسة الاحتلال

29 ديسمبر 2016
مدرسة خربة طانا الفلسطينية (العربي الجديد)
+ الخط -

في خربة طانا، الواقعة شرقي بلدة بيت فوريك إلى الشرق من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، يعيش نحو 250 مزارعا فلسطينيا في أراضيهم التي تُقدر مساحتها بـ25 ألف دونم، فيما تتربص سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالأهالي، محاوِلة ترحيلهم من أجل السيطرة على المنطقة.

أمس الأربعاء، حضر تلاميذ المدرسة إلى صفوفهم في الصباح الباكر، والتزموا بدوامهم المدرسي في مدرستهم الجديدة التي شُيدت، قبل نحو أسبوعين، بتمويل من مكتب المساعدات الإنسانية والحماية المدنية التابع للمفوضية الأوروبية، بعد أن هدم الاحتلال مدرستهم السابقة، بحجة أنها غير مرخصة.

ليس البرد القارس وحده الذي يتسلل إلى أجساد الطلاب في مدرسة خربة طانا ليؤذيهم ويزعجهم، بل إن أشياء أخرى أكبر تدور في مخيلاتهم أثناء تلقي دروسهم في مدرستهم الجديدة، وتؤثر سلبا على تحصيلهم العلمي.

وأصر تلميذ الصف الرابع، أمير خطاطبة، الذي يعيش مع عائلته في خربة طانا، على أن يحضر دروسه في مدرسته الجديدة، وقال لـ"العربي الجديد": "جيت اليوم على المدرسة كي أبين للاحتلال أنني سأكمل تعليمي وأكبر وأقاومهم حتى تحرير فلسطين، زعلنا كتير لما سمعنا إن مدرستنا السابقة انهدمت".
وأضاف: "أفكر في بعض الأحيان أن جنود الاحتلال من الممكن أن يأتوا إلى المدرسة ونحن في صفوفنا، ويهدموها من جديد". هذا الخوف الذي يعيشه خطاطبة، كما باقي التلاميذ، جاء بعد أن هدم الاحتلال مدرسته 7 مرات، على مدار السنوات العشر الأخيرة.

وتعرضت خربة طانا، خلال عام 2016، إلى أربع عمليات هدم طاولت عددا من المنشآت الحديدية والبيوت البلاستيكية والكهوف وحظائر الأغنام ونبع المياه الرئيسي الذي يعتمد عليه الأهالي، كما هُدمت المدرسة، بينما انتقل الطلبة إلى مسجد الخربة الصغير ليكملوا فيه تعليمهم بشكل مؤقت، إلى أن نُقلوا إلى مدرسة بيت فوريك التي تبعد نحو 8 كيلومترات عن الخربة.

المدرسة الجديدة من الحديد، ومجهزة بالحمامات والماء والكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية، ولم يرُق لسلطات الاحتلال وجودها، بحسب أهالي الخربة، فحضر ما يسمى بـ"الإدارة المدنية" إلى المكان أثناء تجهيز المدرسة، وقاموا بالتقاط الصور لها ولعدد آخر من المنشآت في الخربة، ما يدل على أن الاحتلال ينوي هدمها.

وقال واصف أبو السعود، أحد سكان الخربة، لـ"العربي الجديد": "طانا بخير ما دام الاحتلال بعيدا عنها، ونحن أيضا وأطفالنا بخير ما دامت المدرسة قائمة، والمياه والكهرباء متوفرة".

ويؤكد أن العائلات التي تسكن الخربة مصرّة على أن يكمل أبناؤهم التعليم في المدرسة، كون مدرسة بيت فوريك، وهي الأقرب لهم، تبعد مسافة طويلة، فيما وجّه رسالة للمسؤولين للنظر بجدية إلى المنطقة، وتوفير مقومات الحياة الأساسية لتعزيز صمودهم فيها.

بدوره، قال عضو المجلس البلدي، أسامة خطاطبة، لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتلال الإسرائيلي يسعى، من خلال عمليات الهدم والمداهمات المتكررة، لإخلاء الخربة من سكانها"، مشيرا إلى أن مستوطنتي "إيتمار" و"ميخولا" تحيطان بالخربة، إضافة إلى معسكر تدريب لجيش الاحتلال، وهو ما يؤكد نية الاحتلال مصادرة الأرض.

تبدو الأجواء في مدرسة طانا مشجعة عند رؤية الأطفال وهم يتفاعلون مع معلميهم خلال الحصص الدراسية، إلا أن مشهد جنود الاحتلال الذي أطلوا من نقطة قريبة على الخربة، لا يبشر بخير، ويؤذن بأن مداهمة جديدة قريبة، وربما تُهدم فيها المدرسة من جديد.

المساهمون