مدرسة بثمانية آلاف دولار

07 فبراير 2017
ربّما سينال وظيفة مماثلة (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -
الحدّ الأدنى للأجور في لبنان 450 دولاراً أميركياً. ونعم هناك من يتقاضون الحدّ الأدنى لا أكثر. هؤلاء يعملون وهم أفضل في هذا المقام من نسبة ملحوظة عاطلة من العمل، وتصل في أقلّ تقديرات إلى 11 في المائة من القوة العاملة.

من يتقاضى الحدّ الأدنى للأجور يصل مدخوله السنوي إلى خمسة آلاف و400 دولار أميركي. قبل الحديث عن أيّ إنفاق، لا بدّ من لفت الانتباه إلى أنّ هناك مدارس في لبنان تتقاضى عن كلّ تلميذ ثمانية آلاف دولار، وقد تصل إلى 13 ألف دولار كرسوم أساسية، قبل الدخول في تفاصيل نشاطات مرافقة ربما تضيف ألفي دولار إلى الرسوم الأساسية تلقائياً.

"هؤلاء قادرون على ذلك فليفعلوا ما شاءوا بأموالهم"، قد يقول قائل. لكن، هل يستحق التعليم هذه الكلفة المرتفعة فعلاً؟ الكلفة التي تصل إلى حدّ الخيال لا أكثر بالنسبة لمتقاضي الحدّ الأدنى. فلننظر إلى النتائج إذاً. من هم الذين يتلقون هذا النوع من التعليم وما الذي تؤول إليه أمورهم لاحقاً؟ إذا كانوا من أبناء الخمسة في المائة - وربّما أقلّ - الذين يملكون أكثر من تسعين في المائة من كلّ شيء وليسوا مديونين للمصارف بقروض سكن وسيارة وتعليم وغيرها، بل إنّ المصرف المركزي نفسه قد يكون مديوناً لهم، فإنّهم لن يحتاجوا أساساً إلى أيّ تعليم. لماذا يحتاجون التعليم؟ هل ليديروا مصالحهم؟ إذاً، لماذا وجدت جيوش المستشارين والمحامين والمديرين والمحاسبين قبل الحديث عن الموظفين الخاضعين لكلّ أنواع الاستغلال؟ أم ليظهروا "فهمانين" في المجتمع؟ أيّ فهم وأيّة فصاحة وأيّ ذكاء وأيّة فطنة يمكنها أن تنافس مالاً لا ينضب وسلطة تتناقلها الأجيال مع اسم العائلة منذ ما قبل الولادة؟

وإذا كانوا من خارج الخمسة في المائة، بل من أولئك الذين يحسبون أنفسهم قادرين على اللحاق بهم - وهو وهم آخر بدوره دليله واقع اجتماعي تاريخي، أقرب منه إلى التحقق الفوز بجائزة اللوتو الكبرى - فإنّ هؤلاء يأكلون أنفسهم كي يتمكنوا من تعليم أبنائهم. ويراهنون - مجرد رهان - على أن يكون أبناؤهم موظفين لأولئك الأثرياء، وربما يشطح أحدهم في أحلامه إلى مستوى المديرين والمستشارين.

توازن رعب كبير يعيش في مجتمع واحد. طبقة من الفقراء تتعالى على الفقراء فقط لأنّها "غنية وأموالها المواعيد". مواعيد وظيفة "محترمة" يوماً ما. وحتى يأتي ذلك اليوم تستمر في الاستعلاء على فقراء قد لا يكلّفهم تعليم ابنهم من الروضة إلى التخرج من الجامعة، أي ثمانية عشر عاماً من التعليم، أكثر من ثلاثة آلاف دولار أميركي، وربّما - يا للمقلب السخيف - سينال وظيفة مماثلة لوظيفة ذاك الذي أنفقت عليه ثروة.

المساهمون