على هامش الحرب في ليبيا هناك حرب أخرى على القيم والتربية المقدمة في المدارس. من هذه المدارس ما يتبع المنهج السلفي
خمس مدارس سلفية في العاصمة الليبية طرابلس مسجلة اليوم في ديوان التعليم، لكن هناك ما يصل إلى 12 مدرسة تعمل من دون ترخيص. يدور كثير من الأسئلة حول هذه المدارس ومناهجها وغاياتها وجهات تمويلها.
مسؤولو التعليم يتهرب أغلبهم من الحديث عنها، أما مديرو المدارس نفسها فلا يردون بصراحة، بل يمنعون تصوير التلاميذ والمباني أيضاً.
عبد الله كريد مفتش في مكتب التعليم الخاص بوزارة التعليم، يشير إلى أنّ "الصراعات السياسية تنعكس على كلّ إدارات الدولة، ومنها التعليم، ولم يعد خافياً أنّ للتيار السلفي حضوراً كبيراً لدينا، وهناك مسؤولون يتولون مناصب ومراكز في غاية الأهمية من السلفيين. وهؤلاء يوفرون الدعم لكلّ سلفي يزاول نشاطاً يحتاج إلى شرعنة"، مشيراً إلى أنّ هذا النوع من المدارس يتحايل على تشريعات الدولة.
يقول كريد لـ"العربي الجديد" إنّ "أولى هذه المدارس منحت ترخيصاً بموجب قانون التعليم الخاص عام 2012 وتلتها أخرى دخلت إلى قطاع التعليم من بوابة هذا القانون، لكنّ منحها الترخيص توقف بعد ورود تقارير تؤكد أنّ المنهج داخلها يختلف عن مقرّر الوزارة". يتابع أنّ وزارة التعليم أوقفت إصدار تراخيص المدارس الخاصة وعطلت القائم منها لمواجهة انتشار هذا النوع من المدارس "المشبوهة".
يضيف كريد: "أوقفت الوزارة العام الماضي نشاط المدارس الخاصة بسبب تزوير كبير في نتائج الامتحانات، لكن، الآن يعاد النظر فيها من خلال لجنة مختصة من بين أهدافها الوقوف بشكل حقيقي على غايات هذه المدارس". يلفت إلى أنّ اللجنة لم تلحظ شيئاً ملموساً، لكنّ تقارير عدة تؤكد نشاطاً لهذه المدارس من خارج المقررات. يتابع: "هم لا يقررون مواد دراسية بعينها، لكنّهم يتحايلون من خلال اعتماد دورات خاصة لا يمكن لقانون التعليم منعها، وبالتالي يستطيعون تمرير تلك الأفكار التي لا نعرف عن حقيقتها شيئاً". يضيف أنّ وزارة التعليم حتى الآن لم تتمكن من مواجهة داعمي هذا التيار المتمدد الذي يحظى بدعم غير رسمي من قبل شخصيات نافذة. ويختم: "بالفعل، هناك تخوف من هذه المدارس، فبعضها يتبع مؤسسات خيرية لا نعرف بمن تتصل في الخارج، كما أنّ بعضها ثبت تقديمه أموالاً كمساعدات للأسر وتعليماً مجانياً لاستدراج التلاميذ".
حاولت "العربي الجديد" زيارة بعض المدارس السلفية، فلم يكن ذلك متاحاً في مدرستين للفتيات هما "حفيدات السلف" و"سبل السلام"، بذريعة أنّ أغلب من فيها نساء يمنع التحدث إليهن. وتحجج المسؤول الوحيد في مدرسة "حفيدات السلف" أنّه إداري ولا يحق له منحنا إذناً بالزيارة.
اللافت في أسماء هذه المدارس أنّها مستمدة من كتب تعتبر من أبرز مراجع التيار السلفي، كمدرسة "نيل الأوطار" ومدرسة "أعلام النبلاء" ومدرسة "سبل السلام"، ومدرسة "زاد المعاد" ومدرسة "مدارج السالكين".
"أعلام النبلاء" إحدى تلك المدارس، مقامة في فيلا مستأجرة، ما يوحي بأنّها مدرسة مخصصة لذوي الدخل المرتفع من أتباع التيار السلفي. في وقت الدوام، يتحدث إلى "العربي الجديد" المعلم البديل الشيخ جمال، أبو عبد الرحمن، فيقول إنّها كغيرها من المدارس لا تقدم غير مقررات وزارة التعليم، وتتقاضى مقابلاً مالياً عن كلّ تلميذ مسجل فيها بصفتها مدرسة خاصة. بالسؤال عن اللوحات المعلقة على جدار استقبال في المدرسة تظهر نصائح موجهة إلى أولياء الأمور وموقعة بأسماء علماء سلفيين بارزين، يشير إلى واحدة منها ويقول: "هذه مثلاً تحث على ارتداء الزي الشرعي والحجاب بالنسبة للمعلمات وللبنات. مجتمعنا يطبق هذا الأمر فعلاً فلن تجد في الشارع أنثى تخرج من دون جلباب وحجاب". لكنّ سؤالاً آخر حول إمكانية قبول تلميذ أو تلميذة أهله غير سلفيين في المدرسة يبدو محرجاً له فيقول: "من الضروري أن تعيد وزارة التعليم النظر في ألبسة التلاميذ ومدى التزامهم بأوامر الشرع"، ليرفض بعدها الإجابة عن أيّ سؤال ويردّ: "هذا أمر تنظر فيه إدارة المدرسة".
لهذه المدارس صفحات على موقع "فيسبوك" يكشف بعضها عن مسابقات للتلاميذ في مواد دينية سلفية من خارج المنهج المقرر من الوزارة، كما هي الحال في صفحة مدرسة "زاد المعاد". وفي إشارة إلى صلة هذه المدارس بالخارج نشرت صفحة مدرسة "مفاتيح الخير" خبراً حول عقدها محاضرة لداعية سلفي سعودي عبر الإنترنت. ومن طرائف ما نشرته هذه الصفحة طلب المعلمات فتوى من شيخ سلفي بشأن إقامة حفل شرعي لمعلمة زميلة ستتزوج قريباً، أشرن فيه إلى أنّهن قد لا يحضرن حفل زفافها "لأنّ أهلها عوام"، أي ليسوا من السلفيين.
اقــرأ أيضاً
خمس مدارس سلفية في العاصمة الليبية طرابلس مسجلة اليوم في ديوان التعليم، لكن هناك ما يصل إلى 12 مدرسة تعمل من دون ترخيص. يدور كثير من الأسئلة حول هذه المدارس ومناهجها وغاياتها وجهات تمويلها.
مسؤولو التعليم يتهرب أغلبهم من الحديث عنها، أما مديرو المدارس نفسها فلا يردون بصراحة، بل يمنعون تصوير التلاميذ والمباني أيضاً.
عبد الله كريد مفتش في مكتب التعليم الخاص بوزارة التعليم، يشير إلى أنّ "الصراعات السياسية تنعكس على كلّ إدارات الدولة، ومنها التعليم، ولم يعد خافياً أنّ للتيار السلفي حضوراً كبيراً لدينا، وهناك مسؤولون يتولون مناصب ومراكز في غاية الأهمية من السلفيين. وهؤلاء يوفرون الدعم لكلّ سلفي يزاول نشاطاً يحتاج إلى شرعنة"، مشيراً إلى أنّ هذا النوع من المدارس يتحايل على تشريعات الدولة.
يقول كريد لـ"العربي الجديد" إنّ "أولى هذه المدارس منحت ترخيصاً بموجب قانون التعليم الخاص عام 2012 وتلتها أخرى دخلت إلى قطاع التعليم من بوابة هذا القانون، لكنّ منحها الترخيص توقف بعد ورود تقارير تؤكد أنّ المنهج داخلها يختلف عن مقرّر الوزارة". يتابع أنّ وزارة التعليم أوقفت إصدار تراخيص المدارس الخاصة وعطلت القائم منها لمواجهة انتشار هذا النوع من المدارس "المشبوهة".
يضيف كريد: "أوقفت الوزارة العام الماضي نشاط المدارس الخاصة بسبب تزوير كبير في نتائج الامتحانات، لكن، الآن يعاد النظر فيها من خلال لجنة مختصة من بين أهدافها الوقوف بشكل حقيقي على غايات هذه المدارس". يلفت إلى أنّ اللجنة لم تلحظ شيئاً ملموساً، لكنّ تقارير عدة تؤكد نشاطاً لهذه المدارس من خارج المقررات. يتابع: "هم لا يقررون مواد دراسية بعينها، لكنّهم يتحايلون من خلال اعتماد دورات خاصة لا يمكن لقانون التعليم منعها، وبالتالي يستطيعون تمرير تلك الأفكار التي لا نعرف عن حقيقتها شيئاً". يضيف أنّ وزارة التعليم حتى الآن لم تتمكن من مواجهة داعمي هذا التيار المتمدد الذي يحظى بدعم غير رسمي من قبل شخصيات نافذة. ويختم: "بالفعل، هناك تخوف من هذه المدارس، فبعضها يتبع مؤسسات خيرية لا نعرف بمن تتصل في الخارج، كما أنّ بعضها ثبت تقديمه أموالاً كمساعدات للأسر وتعليماً مجانياً لاستدراج التلاميذ".
حاولت "العربي الجديد" زيارة بعض المدارس السلفية، فلم يكن ذلك متاحاً في مدرستين للفتيات هما "حفيدات السلف" و"سبل السلام"، بذريعة أنّ أغلب من فيها نساء يمنع التحدث إليهن. وتحجج المسؤول الوحيد في مدرسة "حفيدات السلف" أنّه إداري ولا يحق له منحنا إذناً بالزيارة.
اللافت في أسماء هذه المدارس أنّها مستمدة من كتب تعتبر من أبرز مراجع التيار السلفي، كمدرسة "نيل الأوطار" ومدرسة "أعلام النبلاء" ومدرسة "سبل السلام"، ومدرسة "زاد المعاد" ومدرسة "مدارج السالكين".
"أعلام النبلاء" إحدى تلك المدارس، مقامة في فيلا مستأجرة، ما يوحي بأنّها مدرسة مخصصة لذوي الدخل المرتفع من أتباع التيار السلفي. في وقت الدوام، يتحدث إلى "العربي الجديد" المعلم البديل الشيخ جمال، أبو عبد الرحمن، فيقول إنّها كغيرها من المدارس لا تقدم غير مقررات وزارة التعليم، وتتقاضى مقابلاً مالياً عن كلّ تلميذ مسجل فيها بصفتها مدرسة خاصة. بالسؤال عن اللوحات المعلقة على جدار استقبال في المدرسة تظهر نصائح موجهة إلى أولياء الأمور وموقعة بأسماء علماء سلفيين بارزين، يشير إلى واحدة منها ويقول: "هذه مثلاً تحث على ارتداء الزي الشرعي والحجاب بالنسبة للمعلمات وللبنات. مجتمعنا يطبق هذا الأمر فعلاً فلن تجد في الشارع أنثى تخرج من دون جلباب وحجاب". لكنّ سؤالاً آخر حول إمكانية قبول تلميذ أو تلميذة أهله غير سلفيين في المدرسة يبدو محرجاً له فيقول: "من الضروري أن تعيد وزارة التعليم النظر في ألبسة التلاميذ ومدى التزامهم بأوامر الشرع"، ليرفض بعدها الإجابة عن أيّ سؤال ويردّ: "هذا أمر تنظر فيه إدارة المدرسة".
لهذه المدارس صفحات على موقع "فيسبوك" يكشف بعضها عن مسابقات للتلاميذ في مواد دينية سلفية من خارج المنهج المقرر من الوزارة، كما هي الحال في صفحة مدرسة "زاد المعاد". وفي إشارة إلى صلة هذه المدارس بالخارج نشرت صفحة مدرسة "مفاتيح الخير" خبراً حول عقدها محاضرة لداعية سلفي سعودي عبر الإنترنت. ومن طرائف ما نشرته هذه الصفحة طلب المعلمات فتوى من شيخ سلفي بشأن إقامة حفل شرعي لمعلمة زميلة ستتزوج قريباً، أشرن فيه إلى أنّهن قد لا يحضرن حفل زفافها "لأنّ أهلها عوام"، أي ليسوا من السلفيين.