مخيمات مسيرات العودة على حدود غزة: محجّ جديد للفلسطينيين

22 ابريل 2018
تجمّعات للعائلات على حدود غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

جلست المسنّة الفلسطينية أم سائد عيسى على ساتر ترابي قريب من الشريط الحدودي الفاصل بين المناطق الشرقية لمدينة غزة وبين الأراضي المحتلة عام 1948، وقد تجمّع أحفادها حولها لتناول طعام الغداء، بعد أن استجابت لإصرارهم المتكرر باصطحابهم إلى مسيرة العودة. أثناء الجلسة، أخذت الجدة السبعينية تتحدث لأحفادها عن القرى والمدن المحتلة وهي تنظر إلى أقصى نقطة يمكن للعين المجردة أن تلحظ من خلالها بعض القرى القريبة من القطاع، وكيفية نزوح آلاف الفلسطينيين من مدنهم على يد العصابات الصهيونية في نكبة عام 1948. وتقول عيسى لـ"العربي الجديد"، إن "مشاركتها في مسيرة العودة جاءت بعد أن ألحّ أحفادها بشكل كبير، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، للمشاركة فيها، وبعد ما رأته من أحداث شهدتها المناطق الحدودية واستهداف الاحتلال للمدنيين الذين شاركوا فيها". وتؤكد المسنة الفلسطينية أن "هذه المسيرات وحجم المشاركة من قبل الفلسطينيين في القطاع أثبتا مدى تمسكهم بالأراضي التي احتلتها إسرائيل قبل 7 عقود، على الرغم من كل ما قام به الاحتلال من عدوان وحروب وفرض للحصار، والتهديد الدائم بالقتل والأسر".

وتبيّن أنها "حرصت، طيلة السنوات الماضية، على الاحتفاظ بكل التفاصيل التي احتفظت بها عائلتها منذ النكبة الفلسطينية، وتقوم بين فترة وأخرى بجمع أحفادها والحديث معهم عن الأراضي المحتلة والهجرة، وماذا فعلت العصابات الصهيونية لإجبارهم على ترك أراضيهم". وتوضح عيسى أنها "حرصت، خلال اصطحابها لأحفادها للمناطق الحدودية، على جلب مفاتيح المنازل التي هُجّروا منها قبل 70 عاماً، والحديث إليهم عن أهم المدن والقرى المحتلة عام 1948، وما كانت تشتهر به من صناعة وزراعة ورعي، وعن جمالها وطقسها المعتدل وحواريها الجميلة، رغم ما كان فيها من فقر".

أما الغزي أبو صلاح شلدان، فاصطحب هو الآخر زوجته وأبناءه، للجمعة الرابعة على التوالي، للمشاركة في مسيرات العودة، والحديث معهم عن أهمية التمسك بالأراضي المحتلة عام 1948، بالرغم من كون أصوله وجذوره تعود إلى مدينة غزة.

وحرص شلدان على رفع طفليه، من أجل النظر إلى بعض المناطق القريبة للقطاع، والإجابة عن أسئلتهم التي طرحوها عليه، خصوصاً سؤالهم الأبرز حول أصول جنود دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وقال شلدان لـ"العربي الجديد" إنه "منذ الجمعة الأولى التي انطلقت فيها مسيرات العودة، أحرص على اصطحاب عائلتي لتناول طعام الغداء، والجلوس معهم قرب المناطق الحدودية والنظر إلى المدن والقرى المحتلة عام 1948، كمظهر يؤكد تمسك الفلسطينيين جميعاً بحقوقهم وأرضهم".



وبحسب المواطن الغزي، فإن "هذه المسيرات أعادت الاهتمام والاعتبار للقضية الفلسطينية من جراء حجم التفاعل الشعبي معها من قبل الفلسطينيين في القطاع، وما ارتكبه الاحتلال من عمليات قتل واستهداف للمدنيين حرّضت الرأي العام الدولي عليه". ورأى أن "استمرار هذه المسيرات بشكل كبير ومكثف سيساهم في زيادة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي ودفعه إلى إعطاء الشعب الفلسطيني جزءاً من حقوقه المسلوبة، عدا عن أهمية الحراك كونه ساهم في إعادة لفت الأنظار للقضية الفلسطينية".

وتشهد المناطق الحدودية تجمعاً أسبوعياً للأسر والعائلات الفلسطينية التي تصطحب أبناءها إلى المناطق الشرقية، للمشاركة في مسيرات العودة التي انطلقت منذ 30 مارس/آذار الماضي، على أن تتواصل حتى ما بعد 15 مايو/أيار المقبل، المتزامن مع ذكرى النكبة. وتتجمّع هذه الأسر داخل الخيام، فالمناطق الشرقية بالنسبة لسكان القطاع اللاجئين منهم أو حتى المواطنين، مكان لتعريف أبنائهم بطبيعة الصراع مع الاحتلال، وبالحقوق الوطنية والثوابت الفلسطينية.

ويلاحظ المتجول داخل مخيمات مسيرة العودة المنتشرة على طول الشريط الحدودي للقطاع، تجمّع الغزيين على شكل جماعات كالعائلات والنساء والشباب والأطفال، الذين يتوافدون كل جمعة إلى هذه المناطق للمشاركة في المسيرة. وتنتشر هذه الأسر في المساحات التي حددتها الهيئة العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار، والتي تبعد نحو 650 متراً في أقصى حدودها عن الشريط الحدودي، بشكل يوحي لمن ينظر إلى هذه التجمّعات بأن هذه المناطق باتت مصدراً رئيسياً للتظاهر والمطالبة بالحقوق الوطنية الفلسطينية. وفي كل جمعة، تبدأ الباصات بعملية نقل للمتظاهرين المشاركين في مسيرات العودة بعد انتهاء صلاة الجمعة من مناطق يجري تحديدها مسبقاً من قبل الهيئة العليا للمسيرات، لضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في هذه المسيرات.