مخطط السيسي لتفكيك المعارضة: استنساخ تجربة مبارك

31 اغسطس 2016
التجربة الحزبية في مصر شكلية منذ بدايتها(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
دفعت سياسات النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، منذ تولّيه سدة الحكم قبل ما يزيد عن عامين، إلى تفكك معسكر 3 يوليو/ تموز المؤيّد للانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي. السيسي بخلفيته العسكرية، يرى صحة آرائه ومواقفه في كل المجالات، فضلاً عن رفض فكرة معارضة قراراته، وهو ما أوجد فجوةً بينه وبين مؤيديه، سرعان ما تزايدت إلى أن وصلت إلى درجة القطيعة والهجوم عليه، لتخرج أصوات ترفض ترشحه لفترة رئاسية ثانية وتدعو للبحث عن بديل للانتخابات المقررة في 2018.
تزايد حدّة الانتقادات لتوجهات وقرارات السيسي وتحديداً من أحزاب وشخصيات عامة وسياسية كانت من أشدّ مؤيديه، كان له مردود سلبي على الرأي العام في الشارع المصري، وبات يواجه هذا التكتل الموالي مجموعة من الأحزاب التي تأسست عقب 3 يوليو أو تلك التي يسيطر عليها عسكريون وأمنيون سابقون. تراجع شعبية السيسي بات أمراً واقعاً باعتراف مراكز استطلاع مقربة منه، بفعل عوامل عديدة، وهو ما دفع جهات في الدولة إلى محاولة شق صفوف المعارضة المصرية في محاولة للسيطرة عليها.
وكشفت مصادر سياسية خاصة، عن ترتيب جهات وأجهزة سيادية في الدولة لشق صفوف المعارضة للسيسي في محاولة لإضعافها، وذلك في استنساخ لتوجّهات وأدوات الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في الحكم. ولم تستبعد المصادر أن تكون هذه المحاولات من اقتراح شخصيات مقربة من السيسي كانت تعمل في إطار نظام مبارك، ولديها علم باستراتيجية التعامل مع المعارضة لكي تبدو في صورة هشّة وغير متماسكة.
ووفق المصادر، فإن أجهزة في الدولة تواصلت مع بعض السياسيين، خصوصاً أحد رؤساء الأحزاب المحسوبة على المعارضة، لاستقطابهم ومحاولة استمالتهم ليشكلوا نوعاً من المعارضة "المستأنسة"، مشيرة إلى أن هناك محاولات لاستمالة عدد من رؤساء الأحزاب لأداء نوع من المعارضة التي يوافق عليها السيسي، والتي لا توجّه نقداً لاذعاً لأدائه بشكل عام، مع وعود وإغراءات بمناصب ووضع مميز.
ولفتت المصادر إلى أن هذا الأمر تم كشفه من خلال رفض بعض الشخصيات هذه المحاولات لتقييد تحركات المعارضة، مشددة على أن خطاب الأحزاب الداعمة للسيسي غير مؤثر مقارنة بأصوات المعارضة، في ظل تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع معدلات التضخم والغلاء وارتفاع الأسعار، وبالتالي هناك حاجة ماسّة لإضعاف تأثير أحزاب المعارضة.


وأوضحت أن أحد أهم أهداف استمالة بعض قوى المعارضة يرجع إلى محاولة اختراق واسعة لكل تحركات قوى المعارضة، وهو ما يُعتبر استنساخاً لتجربة مبارك في التعامل مع الأحزاب، مشيرة إلى أن محاولات استمالة قوى المعارضة ليس من أهدافها تحويل المواقف ولكن توجيه انتقادات إنما ليس للسيسي شخصياً.
وأضافت المصادر أن "هذه الاتصالات ظهرت خلال الفترة الأخيرة، وربما ترتبط بشكل أساسي بالاستعدادات لانتخابات الرئاسة المقبلة في 2018"، موضحة أنه بحسب أحاديث بعض المقربين من النظام الحالي، فإن هناك اتجاهاً لتكوين معارضة على هوى السيسي، في حين يتم تقزيم دور باقي قوى المعارضة التي يمكن أن تسبب حرجاً للنظام عبر شنّ هجوم واسع عليها عبر الأذرع الإعلامية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، رأى خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن مسألة تعامل أجهزة الأمن والاستخبارات مع الأحزاب السياسية ليس بالأمر الجديد على الحياة الحزبية المصرية. وقال الخبير، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الأحزاب في مصر بفعل ضعفها الشديد وعدم قدرتها على طرح خطابٍ يلقى استجابة في الشارع، فضلاً عن عدم وجود برنامج حقيقي وطرح بدائل موضوعية ووجود بعض رؤساء الأحزاب والسياسيين من أصحاب المصالح الشخصية، والأهم التضييقات واختراقها أمنياً، تصبح دائماً تحت مظلة الدولة مع وجود استثناءات.
وأوضح أن التجربة الحزبية في مصر شكلية منذ بدايتها، وباتت كل الأنظمة تدرك هذا الأمر، فهي مجرد ديكور، وكان لها أهمية عقب ثورة 25 يناير ولكن الآن لا وجود فعليّاً لها، إلا لبعض تلك الأحزاب المقربة من النظام الحاكم، أما المعارضة فيتم التضييق عليها. ولفت إلى أن استراتيجية السيسي في التعامل مع المعارضة ليست بجديدة، بل هي استنساخ لتجربة مبارك، إذ لا اهتمام بالأحزاب ويتولى بعض رجاله قبل 25 يناير عقد صفقات واتفاقات لبقاء تلك المعارضة تحت السيطرة، وحتى لا تطاول سهام النقد شخص السيسي.

المساهمون