مخصصات "زعماء" لبنان توازي أجر 93 ألف لبناني

10 يونيو 2015
ناشط في تحرك ضد قيادات الأحزاب والطوائف (فرانس برس)
+ الخط -
عام 2009، وإثر الظروف الاقتصادية التي كانت تمر بها نيوزيلندا، قرر أعضاء برلمانها أن يتوقفوا لمدة عام عن الحصول على رواتبهم، وذلك دعماً منهم لوضع بلادهم. هذه الخطوة لم تقتصر فقط على نيوزيلندا، ففي بلدان أخرى وعلى مراحل مختلفة لجأ بعض الرؤساء إما للتخلي عن رواتبهم وإما إلى تخفيضها.

العكس تماماً حصل في لبنان، فرواتب المسؤولين إما ترتفع أو تبقى على حالها بلا تخفيض ولا من يحزنون. أما في ما خص المواطنين اللبنانيين، الذين يطالبون منذ سنوات بزيادة أجورهم المتدنية، فلم يلقوا إلا الرفض أو المماطلة بحجّة أن الزيادة هذه ستؤدي إلى انهيار الاقتصاد.

ويتقاضى رئيس الجمهورية، وفق القانون: 144 ألف دولار سنويا. في حين أن رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء يتقاضيان حوالي 141.8 ألف دولار سنوياً. أما الوزير فراتبه 103.4 آلاف دولار سنوياً. فيما يتقاضى النائب 102 ألف دولار سنوياً. إلا أن الأمر لا يتوقف عند الرواتب، إذ تضاف إليها ملايين الدولارات على شكل مخصصات وتعويضات ومصاريف.

أما رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة والنواب السابقون والمتوفون، فهم أيضاً لهم رواتبهم، التي تصل إلى 58 مليار ليرة سنوياً... بالنتيجة، يدفع اللبنانيون حوالي 100 مليار ليرة (65 مليون دولار) سنوياً للرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين. ويضاف إلى هذا المبلغ تعويضات تقاعد ضخمة. ويبلغ متوسط الأجر في لبنان حوالي 700 دولار، بما يعني أن رواتب المسؤولين توازي أجور حوالي 93 ألف لبناني!

وهذه المبالغ الطائلة التي يدفعها اللبنانيون، ليست سوى رواتب لمسؤولين لا يقومون بوظيفتهم. فالمجلس النيابي معطّل والحكومة تسيّر الأعمال. ولكن بحسب الخبير الاقتصادي، إيلي يشوعي، فإن المبالغ التي يدفها اللبنانيون كرواتب للمسؤولين ليست ذات قيمة أمام الأموال الأخرى التي يتم السطو عليها. ويقول إن المشكلة الحقيقية هي في المحاصصة والهدر والسرقات والصفقات والعمولات، "مثلاً، هناك إنفاق كثيف بدأ منذ عام 1993 على الخدمات العامة، ولكن لم يحقق مقابل هذا الإنفاق أي إنماء متوازن ولم يخلق أيضاً فرص عمل". برأي يشوعي إن هذه المبالغ "أنفق اليسير منها والباقي تمّ توزيعه ومحاصصته وسرقته. وإلا كيف يمكن تفسير وصول الدين العام إلى 70 مليار دولار؟ ومن أين تراكمت هذه الديون، في حين أننا لم نستطع تحقيق ناتج محلي أكثر من 4 مليارات دولار؟". ويضيف يشوعي: "المشكلة إذن ليست برواتب المسؤولين فقط، بل في عدم اكتفائهم بهذه الرواتب".

وبعيداً عن رواتب النواب والوزراء، هناك أكثر من 10 مؤسسات عامة ومجالس غير مفعّلة، لكنها تحصل على موازنة سنوية تصل كلفتها إلى أكثر من 24.3 مليار ليرة. من هذه المؤسسات المجلس الأعلى للخصخصة الذي يرصد له موازنة سنويا بمقدار 4 مليارات ليرة، ومصلحة السكك والنقل العام التي يبلغ إنفاقها حوالي 12 مليار ليرة سنوياً، والهيئة المنظمة للاتصالات وهيئة إدارة النفط.

ويقول الخبير في الموازنات، داني حداد، إن هذه المؤسسات من المفترض أن تلعب دوراً مستقبلياً، ولكن تعطيل دورها يأتي بسبب الجو السياسي الذي لا يعتبر هذه المؤسسات أولوية وبالتالي يعرقل عملها. الحل برأي حدّاد ليس إقفال هذه المؤسسات بل إعادة تقييم دورها بالحد الأدنى، وإنشاء هيئات رقابية على هذه المؤسسات، وبحال لم تفعل عملها، على المجلس الوزاري أن يقوم بإنشاء لجان مراقبة لإعادة النظر بميزانيات هذه المؤسسات أو وقفها نهائياً".
دلالات
المساهمون