مخاوف من إغراق إيران لأسواق النفط

26 اغسطس 2015
توقعات بمزيد من التراجع في أسعار النفط (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

فرض توقيع الاتفاق الإيراني النووي مع الغرب، شهر يوليو/تموز الماضي، معركة ضمنية داخل منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" حول الحصص، كما أثار الاتفاق مخاوف من اتجاه الأسعار إلى التدهور بشكل أكبر الفترة المقبلة. يأتي ذلك في ظل تأهب إيران التي تحتل المرتبة الخامسة من حيث الإنتاج في أوبك، إلى زيادة صادراتها النفطية، مما سيؤدي إلى أزمة كبيرة في السوق، حسب خبراء.

ويبدو أن معركة نفطية على الأبواب داخل المنظمة التي تستحوذ على ثلث الإنتاج العالمي، حيث إنه في الوقت الذي أكدت طهران أن من حقها الطبيعي زيادة الإنتاج، وبالتالي لن تستأذن من أحد، أعربت السعودية عن تخوفها من إغراق السوق بالنفط، وأكدت أن أوبك لن تتجه إلى خفض الإنتاج على عكس رغبة طهران.

وشهدت أسعار النفط تراجعاً كبيراً خلال الفترة الماضية، حيث تراجع برميل برنت إلى أقل من 43 دولاراً، الأسبوع الجاري، مقارنة بنحو 115 دولاراً العام الماضي، أي خسرت الأسعار أكثر من 60%، ما دفع الأسواق العالمية إلى مزيد من القلق بشأن مصير الذهب الأسود.

عودة طهران

حسب خبراء إيرانيين، فإن عودة طهران إلى السوق لتعويض خسائرها النفطية التي سببها الحظر، قد يؤدي إلى توتر داخل أوبك، فطهران تنوي الوصول بإنتاجها للحد الأقصى وزيادته إلى 4 ملايين برميل يومياً، وفق تصريحات صادرة عن وزارة النفط الإيرانية سابقاً، وهذا قد يؤدي لإغراق الأسواق بالإنتاج النفطي وتراجع الأسعار حسب خبراء.

وتبلغ صادرات إيران النفطية، في الوقت الحالي، ما يعادل 1.2 مليون برميل يومياً، وهي التي بلغت العام الماضي 1.6 مليوناً.

وستعمل طهران، أيضاً، خلال الفترة القادمة، على استعادة حصصها من الدول الأخرى في أوبك، التي حصلت عليها بعد تشديد الحظر على هذا القطاع عام 2012، حيث انخفض إنتاج إيران إلى النصف، وهنا قد تبدأ معركة جديدة، حول الحصص في السوق العالمية، تزامناً مع وجود فائض نفطي.

وفي هذا الصدد قال ممثل إيران السابق لدى أوبك، محمد علي خطيبي، لـ "العربي الجديد"، إن إيران تريد استعادة حصصها بعد تطبيق إلغاء العقوبات بموجب الاتفاق النووي، معتبراً أن التأثير السلبي على أسعار النفط كان بسبب إصرار بعض الأطراف على زيادة إنتاجها خلال الفترة الماضية.

وأضاف خطيبي، أنه على الدول الأعضاء القبول بواقع ضرورة خفض الإنتاج النفطي، مؤكداً، أن إيران ستعمل على استعادة الحصص وعلى استعادة زبائنها القدامى في السوق العالمية من منافسيها.

معركة خفض الإنتاج

وسَعت إيران، خلال الأشهر الماضية، إلى قيادة جبهة في أوبك لإقناع كل أعضائها بخفض الإنتاج، وهو ما سيساهم في رفع أسعار النفط المتراجعة بشدة، خلال الأشهر الماضية، ولكن المنظمة خلال آخر اجتماعاتها التي انعقدت في فيينا، شهر يونيو/حزيران الماضي، قررت الإبقاء على المستوى ذاته من الإنتاج.

اقرأ أيضاً: إيران تلوّح برفع إنتاجها النفطي رغماً عن المنتجين

ووقفت السعودية التي تستحوذ على ثلث إنتاج أوبك في جبهة مضادة للرغبة الإيرانية، كون الرياض تعمل على منافسة النفط الصخري الأميركي العالي التكلفة من جهة ثانية، وتعمل بالتالي على الحفاظ على حصص أوبك في السوق العالمية والإبقاء على إنتاج مرتفع بمستويات أسعار منخفضة.

وتعتقد إيران، أن السعودية والكويت والعراق أخذوا حصص إيران في المنظمة خلال سنوات الحظر النفطي.

وكان نائب رئيس شركة أرامكو السعودي السابق، عثمان الخويطر، حذر في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، من أن إيران ستغرق الأسواق بمزيد من النفط بعد رفع الحظر الاقتصادي عنها، مشدداً على أن هذا الأمر سيقود الأسعار للمزيد من الانخفاض.

وشدد على أن: "السعودية قادرة على تحمل انخفاض الأسعار بنسبة تزيد عن 50% عمّا كانت عليه قبل عام، بفضل الفوائض المالية الكبيرة، لكنه أشار إلى أنه: "لو تكررت هذه الحالة في المستقبل القريب فسوف نعاني من عجز مالي كبير".

وأضاف الخويطر أنه، "سيكون من الطبيعي أن ترفع إيران من إنتاجها فور رفع العقوبات الاقتصادية عنها. مشيراً إلى أنه ليس من المنطق أن تدفع إيران بكمية تكون سبباً لانهيار جديد في الأسعار، وهو ما سوف يلغي القيمة الحقيقية للإضافة الجديدة بالنسبة لها".

زيادة تدريجية

أما الخبير في الاقتصاد الإيراني، محمد رضا فتح أبادي، فاعتبر أن عودة إيران للسوق النفطية في مرحلة ما بعد العقوبات قد تزيد التوتر بين الدول الأعضاء في أوبك في حالة عدم التوصل لاتفاق مرض، كما توقع انخفاضاً أكثر في أسعار النفط في السوق العالمية، فإيران ستسعى إلى زيادة الإنتاج بمعدل 500 ألف برميل بعد إلغاء الحظر، خلال 6 أشهر من الآن.

وتوقع فتح أبادي لـ "العربي الجديد"، عدم تسبب دخول إيران بمشكلة كبيرة لأن زيادة إيران ستكون تدريجية.

ويرى الخبير، أن سبب إصرار طهران على زيادة الإنتاج النفطي، هو حاجتها لمواجهة أزمتها المالية خلال الفترة الماضية، فتبعات الحظر النفطي كانت ملموسة وواضحة في إيران التي يعتمد اقتصادها على العائدات النفطية بشكل كبير، والحظر تسبب بعجز كبير في الميزانية، وهو ما تسعى إيران للتعويض عنه لاحقاً، وهو ما يزيد احتمال وقوع سيناريو الحرب النفطية بين إيران وبين بعض الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

إلا أن خبراء آخرين يتوقعون أن تتجه إيران أكثر نحو تطوير وتعزيز علاقاتها التجارية مع الدول الخليجية، ولاسيما مع الإمارات التي حافظت على علاقاتها هذه مع إيران حتى في زمن العقوبات، فقد شكل هذا البلد ممراً للبضائع الإيرانية نحو الخارج، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 17 مليار دولار، خلال العام الماضي، وعلى الرغم من أن الرقم كبير، لكنه أقل بكثير من حجم التبادل في الفترة ما قبل تشديد العقوبات، حيث وصل التبادل بين البلدين خلال عام 2011 إلى 23 مليار دولار.

ونقل موقع شمانيوز الإيراني، عن نائب رئيس اللجنة التجارية المشتركة في دبي، حسين حقيقي، قوله: من المتوقع أن ترفع إيران معدل التبادل التجاري مع الإمارات خلال السنة الأولى من تطبيق الاتفاق، بنسبة 15%، كما ستحرص إيران على تقوية علاقاتها التجارية والاقتصادية مع سلطنة عمان التي لطالما لعبت دور الوسيط في ملفات إيران الحساسة والخلافية مع الآخرين، وهذا قد يساعدها على تحقيق التوازن في العلاقات الاقتصادية الخليجية في وقت من المتوقع أن يستمر فيه التوتر مع السعودية وربما الكويت فيما يتعلق بالقطاع النفطي.


اقرأ أيضاً:
إيران تتأهب لإغراق الأسواق بـ40 مليون برميل نفط
إيران تعتزم العودة إلى سوق النفط بكامل طاقتها

المساهمون