مخالب الذاكرة

23 فبراير 2017
جابر العظمة / سورية
+ الخط -

منْ يعلّمُني كيفَ أفتحُ عُلبةَ السَّردين؟
دونَ أنْ أجرحَ أصابعَ السّمك
أوْ أوقِظَ فيها ذاكِرةَ البَحر؟

أُنقِّبُ بعنفٍ في الذّاكرة
مثلَ قطٍّ ينبشُ حاويةَ مطعمٍ فقير
قطٍّ يحكُّ أنفَهُ بالقمرِ
كلّما أكلَ قطعةً منْ تفّاحِ وجوهِكِم

العصفورانِ اللذانِ اصطدتُهُما
قبلَ خمسةَ عشرَ عامًا
رأيتهما اليومَ في المنام
كانا ينقرانِ بعنفٍ عُنُقي
فيتسرَّبُ الهواءُ خارجِي
إزْرقَّ وجهي إزْرق..
ثمَّ فجأةً نَطَقا:
كيفَ شويتَ لحْمَنا في مِدفأةِ الحَطَب
وتركتَ فراخَنا في العشِّ للرّيح؟

الرّصاصةُ الّتي أصابَتْ رأسي..
لَمْ تتسبَّبْ بأيِّ ضَرَرٍ
اطمئنّي
لكنّي حزينٌ..
وأنزف
لأنّها خرجتْ منْ سقفِ جُمجُمَتي
آخذةً معَها صورَكِ المخزَّنةَ في دماغي
تلكَ هي أكبرُ خساراتي
في الحرب

الرّئَةُ الّتي تبتلعُ الفَحْمَ الحَجريَّ
الرئةُ التي تُغنّي للمُحرِّكات
تشخرُ الآنَ
في زاويةٍ منَ التّاريخ
منسيّةً
وباردة
دونَ أنْ يصحِّحَ لها أحدٌ
وسادةَ الذّاكرة

داخلي تتلّوى أفعى الزَّمن
سناها في كَبدي
وذيلُها الخشخاشُ
يهزُّ نُطفةَ السَّرطانِ
في رِئتي
إذًا تذكَّروني
حينَ يكونُ لدى الخَيالِ
وقتُ فراغ


* شاعر من سورية

دلالات
المساهمون