محنة علاوي في البرلمان العراقي... أخطاء تسببت بتعسر ولادة حكومته

01 مارس 2020
أقل من 24 ساعة بقيت لعلاوي (الأناضول)
+ الخط -
أقل من 24 ساعة على انتهاء المهلة الدستورية في العراق لإقرار الحكومة الجديدة، أو اعتبار تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيلها باطلا، وذلك بعد تعثر جديد للبرلمان العراقي في عقد جلسته الاستثنائية الخاصة بالتصويت على حكومته اليوم الأحد، بعد جلسة متعثرة مشابهة يوم الخميس الماضي، بسبب انعدام النصاب القانوني للبرلمان، وتأجيلين أحدهما بطلب من رئيس الوزراء المكلف نفسه محمد توفيق علاوي.

وأجادت القوى الرافضة لعلاوي لعبة الإخلال بنصاب جلسات البرلمان التي تتطلب وجود ما لا يقل عن 166 نائبا، وهو ما لم يتوفر بجلسة الخميس أو اليوم الأحد، إذ سجلت على التوالي حضور 137 نائبا، ثم 108 نواب، في تراجع واضح لعدد المؤيدين لحكومة علاوي.

ووفقا لمصادر سياسية وبرلمانية عراقية، أحدها عضو في تحالف "دولة القانون"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، فإن الكتل الرافضة للتصويت لصالح حكومة علاوي هي "تحالف القوى"، بزعامة محمد الحلبوسي، والكتلتان الكرديتان (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، والقائمة الوطنية بزعامة إياد علاوي، و"دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، ونواب كتلة "الرافدين" عن المكون المسيحي، ونواب يبلغ عددهم نحو 20 نائبا عن كتل سياسية متفرقة غالبيتهم ينتمون لتحالف "البناء".

وبحسب المصدر ذاته، فإن بعض القوى السياسية طرحت سيناريو فشل تمرير علاوي بجلسة يوم الغد التي ستكون الأخيرة، واقترحت البدء من الآن بالبحث عن بديل لعلاوي لتجنب ذهاب المنصب إلى رئيس الجمهورية، كما يشير الدستور.


ولفت إلى أن جلسة يوم غد ستكون حاسمة وسيتوجه علاوي بخطاب اعتذار في حال أيقن بعدم جدوى مفاوضاته مع الكتل الرافضة، نافيا أن يكون الرفض مقتصرا على الكتل السنية والكردية؛ بل هناك كتل شيعية تحفظت على دعمه.

وقال عضو الحزب الشيوعي العراقي، علي الصراف، لـ"العربي الجديد"، إن علاوي ارتكب عدة أخطاء جعلته يخسر نصف قوى البرلمان، من بينها، ميله لكتل بعينها دون غيرها مثل كتلة "سائرون"، التابعة للصدر، و"الفتح"، لهادي العامري، و"جبهة الإنقاذ"، بزعامة أسامة النجيفي، عدا عن اختياره وزراء غير مستقلين ولهم ملفات بهيئة النزاهة، وآخرين بأعمار كبيرة بواقع ثلث الوزراء فوق سن الستين عاما ويملكون أكثر من جنسية وغير مقيمين في العراق، عدا عن اختياره تقسيم حكومته إلى حصص طائفية وعرقية للهرب من أن تكون حكومة أحزاب، وهو ما ألب عليه المدنيين ونواب الأقليات في البرلمان.

ولفت إلى أن "ما زاد الأزمة هو رضوخه لشروط الكتل الكردية باليومين الماضيين، ما جعل كتلا أخرى في بغداد تتراجع عن دعمها له ووجهت له تهما بالضعف".

وحول إمكانية تمريره بجلسة غد الإثنين، اعتبر الصراف أن "علاوي سيحتاج إلى أكثر من تميمة وحظ لذلك، لكن تبقى المفاوضات مستمرة، وقد تحدث مفاجآت لصالحه في الساعات المقبلة".

في المقابل، قال النائب عن تحالف "سائرون"، غايب العميري، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "القوى السياسية التي تعتاش على المحاصصة، أفشلت جلسة البرلمان، بسبب رفض رئيس الوزراء المكلف إعطاءها وزارات في حكومته المرتقبة، كما كان هذا الرفض مدعوما من قبل أطراف سياسية كبيرة"، وفقا لقوله.

وبيّن العميري، أنه "في حال لم تمنح الثقة لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، في الجلسة المقبلة للبرلمان العراقي، فهذا لا يعني اختيار بديل عنه يعطي حصصا ويقبل بالمحاصصة، فأي بديل عنه، سيفرض عليه عدم القبول بالمحاصصة وضغوطات الكتل السياسية، التي تعمل من أجل مصالحها السياسية والحزبية، فهي تعتاش على الوزارات التي تستحوذ عليها في الحكومة العراقية".

وحذر النائب عن تحالف "سائرون" من أن "استمرار فشل مجلس النواب العراقي بعقد جلساته، سيدعو الشعب العراقي إلى اتخاذ موقفه منه"، في تلويح بتظاهرات واعتصامات حول المنطقة الخضراء كان قد أشار إليها التحالف الذي يرعاه الصدر في وقت سابق.

إلى ذلك، قال قيادي في تحالف القوى العراقية، بزعامة محمد الحلبوسي، لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، وبعض القوى السياسية الشيعية، حاولوا بكل الطرق التصويت على حكومة علاوي في جلسة، الأحد، لكنهم فشلوا بسبب وجود رفض سياسي وبرلماني كبيرة لعلاوي، حتى من داخل القوى الشيعية نفسها".


وبيّن القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "علاوي، خلال اجتماعه مع القوى السياسية في البرلمان، هدد بتقديم اعتذاره في حال استمرت القوى السياسية في إفشال جلسة التصويت على منح الثقة".

وأضاف أن "رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، والقوى السياسية الداعمة له، سيخوضون اجتماعات وحوارات مكثفة، كمحاولة جديدة للوصول إلى الاتفاق والتوافق، خصوصاً أن علاوي أبدى مرونة بتقديم بعض التنازلات للقوى السنية والكردية".

وختم القيادي في تحالف القوى العراقية حديثه قائلاً إن "رفض علاوي، حالياً، لا يتعلق بقضية عدم إعطائه وزارات لبعض الكتل السياسية، بل الرفض لشخص علاوي، ولبرنامجه الحكومي؛ ولهذا نتوقع أن الجلسة المقبلة ستفشل من جديد، وهناك مباحثات حقيقية وجدية لإيجاد بديل عن علاوي، خلال الأيام القليلة القادمة".

من جهته، دعا النائب عن كتلة "صادقون"، الجناح السياسي لمليشيا العصائب، عدي عواد، الكتل السياسية إلى ما وصفه "التصرف بحكمة" والتشاور مع رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي لإمكانية التمديد لحكومته مع وضع ثلاثة شروط.

واعتبر في بيان له أن "حكومة علاوي لم تستطع الحصول على الأغلبية ورافقها كثير من المخالفات الدستورية، والبحث عن بديل هو استنزاف آخر للوقت، ولن نصل إلى نتيجة، ولذلك علينا التصرف بحكمة وعقل والتشاور مع عادل عبد المهدي لإمكانية التمديد لحكومته".

وأضاف: "نضع ثلاث نقاط، وهي تحديد تاريخ مبكر لانتخابات مجلس النواب والمحافظات، وإرسال ميزانية 2020 خلال أيام لمجلس النواب لإقرارها، بالإضافة إلى التركيز على الوقاية والعلاج من وباء كورونا ووضع الخطط لذلك من أعلى المستويات... بهذا قد نستطيع إخراج العراق من أزمة جديدة ومن خلافات نحن في غنى عنها في ظروف صعبة ومربكة".