محمود العسيلي في التجاري: مسار مختلف

04 فبراير 2019
العسيلي صاحب رؤية خاصة (يوتيوب)
+ الخط -
غنى الفنان المصري محمود العسيلي، أغنية "تررم" في إحدى حلقات برنامج "صاحبة السعادة" على شاشة تلفزيون DMC. وضع العسيلي الأغنية في توزيع جديد، يمزج بين الإيقاعات الشرقية، مع بصمةٍ بسيطةٍ من الراب. يتأرجحُ العسيلي بين مناطق مختلفة، بحيث يصعب تصنيفه أو حصره في مكان واحد، إذْ كان يهرب من الموسيقى التجارية. ورغم أنَّه لم يحالفه الحظ في بداية مشواره، لكنه من أهم الموسيقيين المصريين في ما تسمّى موسيقى "الأندرغراوند" (وهو تعبير يطلق على الموسيقى غير الرسميَّة، التي تحاول كسر السائد والخروج عن المألوف). 


من أغنيته الأولى بعنوان "مجنونة"، ظهر العسيلي بشكل مختلفٍ بعيدٍ عن السائد على الساحة الفنية. نجحت "مجنونة" بسبب اختلافها، إذْ يشعر المستمع بأنه يسمع صوت شخص مصابٍ بالزكام، قبل تسجيل الأغنية بلحظات. اختار العسيلي اسم "مجنونة" للأغنية كأنسب وصف للحياة، وتأكيداً على فكرة عيش الحياة كما نحب. لتكون كلمة "مجنونة" مع تكرارها المكثف سرّ نجاح الأغنية، إلى جانب طرح إشكاليات وأفكار جديدة. جاءت كلمات "مجنونة" خارج قاموس أغنية البوب المصرية، وأقرب إلى رحاب فرق "الأندرغراوند".

تحرّك لحن "مجنونة" أيضاً في مسار مختلف عن المألوف، والمتعارف عليه في الموسيقى التجارية والمستقلة. استخدم العسيلي طبقات صوتية مختلفة وجديدة في أداء الأغنية. لا يغني العسيلي ما يُملَى عليه، بل إنه صاحب رؤية خاصة، إذْ يكتب أغلب أغانيه، أو يشاركه المقربون في كتابتها؛ مثل شقيقته يمنى، أو صديقه الممثل شيكو. إلى جانب موهبته وذكائه في إدارة أغانيه، يحمل العسيلي بداخله شغف الموسيقى والتجربة، إذْ وجد الشغف بداخله منذ الطفولة. يحكي العسيلي، دائماً، عن نومه على صوت موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وتعلمه الموسيقى منذ الصغر. فاستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية وعزف مقطوعات منها، إلى جانب اهتمامه بالموسيقى الغربية والتركية.


أغنيتا "ولد رسام" و"مش زي الأفلام" هما أمثلة جديدة لمنتج العسيلي الفني. منتج بديل عن المتاح، رغم تعبير هذه الأغاني عن أفكار مستهلكة ومعادة: كعلاقة حب مع بنت الجيران، أو الحب من طرف واحد. إلا أن الأغنيتين تحملان وعياً بالخوف الطفولي والمجتمعي، جعلتا التعبير الكامن فيهما أقرب للواقعية في السرد والتفاصيل، دون الخوف من نبرة الكلمات وصراحتها. ثمّة قرار بمواجهة المجتمع وعاداته، بوجود التفاصيل التي صنعت للأغنيتين هوية زمنية ومكانية.

بعد ثورة يناير، ظهرت فرق الأندرغراوند بشكل أكبر وأصبحت تجارية، وحظيت بنجاح كبير في ظل تأثر الجمهور بالتغيير السياسي والثوري، ورغبته بالبحث عن كل ما هو جديد. فكان على العسيلي تقديم أشكال أكثر جرأة، تماشياً مع الوضع، كأغنية "الشعب يريد عيشة حلوة" و"الأجزخانة".


لكن في ألبوم العسيلي الجديد، ترك مساحة زمنية لكل الأغنية، وطرح أغانيه منفردة على فترات، وحاول أن يحتمي بالمنطقة التجارية الآمنة، ذات النجاح المضمون. لذلك، كان الشكل التجاري مسيطراً في معظم الأغاني، وخاصة بعد تماهي الأندرغراوند مع الموسيقى التجارية، وتقديمها ألبومات تجارية طاولتها أيادي الرقابة وموزعو الموسيقى التجارية، ما أفقدها الكثير من روحها.



المساهمون