تصاعدت الانتقادات من شخصيات محسوبة على النظام المصري وخبراء اقتصاد لمشروع "تفريعة" قناة السويس الجديدة، مع اقتراب افتتاحها والمقرر له يوم 6 أغسطس/آب المقبل، وكان اللافت للنظر تشكّيك أحد أبرز مؤيدي النظام الحالي، وهو حازم عبد العظيم في المشروع قائلاً السبت في برنامج تلفزيوني إن المشروع لم يصل لأي جدوى اقتصادية تبرر حفر القناة الجديدة، وليس هناك دراسة له تحدد ما إذا كان المشروع مهم بالنسبة لمحور التنمية بالقناة أم لا.
وأضاف عبد العظيم، في تصريحاته، "بالتأكيد ضغط المشروع لينتهي في عام بدلا من ثلاثة زاد من التكلفة، ولكن لم يتم إعلان تلك التكلفة حتى الآن، كما أننا نسمع في الإعلام عن أن القناة الجديدة سترفع العائد من 5.3 مليارات دولار إلى 13.3 مليار خلال 8 سنوات، وأتساءل من أين جاءت تلك الأرقام".
وخاطب عبد العظيم المهاجمين له من مؤيدي السيسي قائلاً: "أنا راجل بتاع (صاحب) أرقام وعلم وأبحاث، أنا بدور (ابحث) على أى جدوى اقتصادية لعائد التفريعة مش لاقى ( لا أجد)، بالهداوة شوية علينا فيه ناس بتفكر، ومش كل حاجة تتخون فيه ناس بتفكر".
ولم يكن عبد العظيم المؤيد الوحيد لنظام السيسي الذي انتقد المشروع، بل سبقه رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي أكد في نهاية يونيو/حزيران الماضي، عدم استعداده للمشاركة بمشروع قناة السويس والاستثمار به، وقال للإعلامي عمرو أديب "ما أظنش المشروع اتعمل له الدراسات اللازمة".
كما طالب، ممدوح حمزة، المؤيد لنظام السيسي، بالإفراج عن الشباب المسجونين، قبل حفل افتتاح التفريعة الجديدة، وتساءل علي حسابه على «تويتر»، السبت،: «كيف نحتفل بالقناة، وهناك أسر مصرية تتألم وتبكي لأبنائها وذويهم المسجونين في ظروف قاسية.
ولم تعلن الحكومة حتى الآن عن تكلفة تفريعة قناة السويس بشكل دقيق، أو أية دراسات جدوى له، وقامت بجمع 64 مليار جنيه (8.2 مليارات دولار) منذ أقل من عام، عبر طرح شهادات استثمار اشترتها شركات وأفراد، وطالب السيسي بإنهاء المرحلة الأولى للقناة خلال عام واحد بدلاً من 3 أعوام.
وبدأت مصر حفر التفريعة الجديدة في أغسطس/آب الماضي والتي تمر بمحاذاة القناة الأصلية التي يعود تاريخها إلى 145 عاما. وكانت قافلة تضم 3 حاويات عملاقة، عبرت أول أمس التفريعة الجديدة في أول تشغيل تجريبي، تمهيداً لافتتاحها في 6 أغسطس.
وتصاعد الجدل حول جدوى التفريعة الجديدة، ففي الوقت الذي أكد البعض أنها لن تفيد الاقتصاد، وأن تنمية محور القناة كانت أهم من التفريعة، أشار آخرون إلى أنها سترفع معدل مرور السفن وستضيف عائدات جديدة للبلاد.
وقال رئيس هيئة قناة السويس، مهاب مميش، في تصريحات سابقة، "إنه بانتهاء تنفيذ القناة الجديدة سيكون الدخل قرابة الـ 100 مليار جنيه سنويا (12.8 مليار دولار).
اقرأ أيضاً: مصر تبدأ التشغيل التجريبي لمشروع قناة السويس الجديدة
وهو ما يراه خبراء مبالغاً فيه، حيث أكد خبير النقل البحري واللوجستيات حمدي برغوث، لـ "العربي الجديد"، إن القناة الجديدة لن تضيف جديدا، لأنها مصممة منذ أيام الخديوي إسماعيل.
وأوضح برغوث أن إنشاء تفريعة جديدة خطأ فادح، خاصة في ظل اقتصاد مترهل ومثقل بالديون، موضحاً أن القناة القديمة يمر بها نحو 55 باخرة يومياً في حين أنها مصممة لعبور 95 باخرة يومياً، وكان من الأفضل تعميق القناة بدلا من شق قناة موازية. وأشار إلي أن التفريعة الجديدة عبارة عن "شو سياسي" لإثبات قوة الدولة.
وأكد أن حجم المنقول من التجارة العالمية يبلغ 8.5 مليار طن منهم 10% تمر من خلال قناة السويس، ولا توجد زيادة متوقعة، وبالتالي عدم جدوى المشروع. ولفت النظر إلى أنه في حالة ضرب سفينة واحدة في باب المندب كفيل بأن يقلل حجم المنقول بالقناة إلى 17%.
وأكد أن تنمية محور القناة هو الذي يعد نقلة فعلية للاقتصاد المصري، لأنه سيعظم العائدات.
وكان الرئيس المعزول محمد مرسي الذي أطاح به الجيش في انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، قد أطلق مشروعاً لتنمية محور قناة السويس، إلا أن الجيش عطّله تحت مبرر خطورته على الأمن القومي .
وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، لـ "العربي الجديد"، إن كل ما ذكرته المصادر الرسمية عن ارتفاع إيرادات القناة، بعد تشغيل التفريعة إلى أكثر من 13 مليار دولار بعد 8 سنوات من الآن غير دقيق، مشيراً إلى أن آخر إيرادات للقناة العام الماضي بلغت 5.3 مليارات دولار.
وأوضح أنه في ضوء تراجع الطلب حاليا في أوروبا فقد توقع البيان المالي للموازنة المصرية للعام المالي الحالي 2016/2015 أن تتأثر القناة سلباـ وأكد أنه لا توجد دراسة رسمية توضح الإيرادات المتوقعة للقناة.
وفي المقابل قال عضو مجلس قناة السويس السابق وخبير النقل البحري، وائل قدور، لـ "العربي الجديد"، إن مشروع القناة الجديد سيضيف لعائدات القناة الحالي لأنها ستتيح للناقلات العملاقة دخول القناة، بعد أن كانت تسلك طريق رأس الرجاء الصالح، مضيفًا أن حركة الحاويات بالقناة ستزيد 30%.
وأضاف أن أهمية المجرى الموازي تكمن في أنه يقلل ويقلص زمن انتظار السفن بالقناة من 11 ساعة حتى 3 ساعات، وهو ما يزيد عدد السفن العابرة يوميا من 49 سفينة عام 2014، إلى 97 سفينة عام 2023.
وأضاف أن رفع الحظر عن الاقتصاد الإيراني، قد يزيد إيرادات قناة السويس لتصل إلى 100%، حيث يؤدي القرار إلى فتح الأبواب أمام الصادرات الإيرانية. وأشار إلى أن افتتاح القناة الجديدة سيقضي على العديد من الأزمات الاقتصادية وفي مقدمتها عجز الموازنة، ومواجهة أزمة البطالة .
وقال وكيل وزارة الصناعة والتجارة والخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، إن الإيرادات الإضافية المتوقعة سنوياً من افتتاح المجرى الملاحي الجديد لقناة السويس سيتراوح ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار.
اقرأ أيضاَ:
التحريض ضد فهمي هويدي لوصفه مشروع قناة السويس بـ"التفريعة"
عجز الميزان التجاري المصري يقفز إلى 3.26 مليارات دولار