يتصاعد التوتر والترقب في الشارع السياسي التركي، وذلك مع بقاء يوم واحد على الانتخابات البرلمانية العامة المقررة في السابع من الشهر الحالي.
وعلى الرغم من أنه من المستبعد حصول حزب "العدالة والتنمية" الحاكم على نسبة 49.5 في المائة من الأصوات على غرار التي حصل عليها في الانتخابات البرلمانية السابقة عام 2011، إلا أن آخر استطلاع للرأي أجراه مركز ORC للأبحاث أشار إلى تحقيق "العدالة والتنمية" تقدّماً واضحاً عن استطلاعات الرأي التي أجريت في الفترة السابقة.
وبحسب الاستطلاع الذي جرى يومي الأحد والإثنين الماضيين وشمل 36 ولاية و3850 مواطناً تركياً، فقد حصل "العدالة والتنمية" على نسبة 46 في المائة من الأصوات، بينما انخفضت نسبة أصوات حزب "الشعب الجمهوري" بمقدار ثلاث نقاط عن نتائج الانتخابات البلدية العامة التي أُجريت في مارس/آذار الماضي لتعود إلى وضعها في الانتخابات البرلمانية السابقة وتبقى عند نسبة 25.3 في المائة. أما حزب الحركة القومية (قومي متطرف) فلا زال يراوح عند معدلاته بنسبة 15.5 في المائة، ليخرج حزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني) من البرلمان بحصوله على نسبة 9 في المائة من الأصوات فقط، بينما ستذهب 4 في المائة من الأصوات المتبقية إلى باقي الأحزاب الصغيرة، ومن المرجّح أن يكون لـ"التحالف الملِّي" بين حزب السعادة وحزب الاتحاد الكبير، حصة الأسد منها.
بطبيعة الحال، لا يمكن اعتماد نتائج استطلاعات الرأي حتى وإن كان المركز ذا سمعة جيدة، فالتوتر المرافق لهذه الانتخابات يجعل كل شيء ممكناً حتى اللحظات الأخيرة، لكن هذا لا يعني بأن مصير "الشعوب الديمقراطي" ليس على المحك.
وكان الرئيس المشارك لحزب "الشعوب الديمقراطي"، صلاح الدين دميرتاش، صريحاً تماماً في المقابلة التلفزيونية التي أجريت معه، يوم الأربعاء، عندما أكد "بأن صوتاً واحداً قد يغيّر كل شيء" وبأن "مصير الحزب لا زال على حد السكين"، قائلاً: "تبعاً للبيانات والمعلومات التي تصلنا، فإن الحزب لا زال يقف على حد السكين، كنت أتمنى أن أستطيع التأكيد بارتياح على أن الحزب سيجتاز العتبة الانتخابية".
اقرأ أيضاً: جثث "العمال الكردستاني" والانتخابات التركية: الهدنة مستمرة
وفي إطار اشتداد التوتر والتنافس بين "العدالة والتنمية" و"الشعوب الديمقراطي"، وجّه رئيس الوزراء التركي وقائد "العدالة والتنمية" أحمد داود أوغلو، انتقادات شديدة لدميرتاش، خلال خطاب له أمام حشود جماهيرية لأنصار الحزب في إسطنبول، متهماً إياه بتمثيل دور "الرجل الطيب"، قائلاً: "دميرتاش يحاول لعب دور الرجل الطيب الديمقراطي هنا (أي في الغرب التركي)، بينما لا يتوقف عن تهديد الشعب في شرق البلاد إن لم يستطع حزبه تخطي العتبة الانتخابية، إن الرجل الذي يتحدث عن الدماء، ويقول بأن الكعبة هي تقسيم، هل يصلح أن يمثل الأكراد؟".
كما ربط داود أوغلو بين حزب "العمال الكردستاني" ودميرتاش، مشدداً على انتماء الأخير اليساري الماركسي وأصله الظاظي (وهي إحدى اللهجات الكردية التي يختلف ناطقوها وهم أقلية بين مؤيد ورافض لأصوله الكردية)، في محاولة لإبعاد المتديّنين الأكراد عن التصويت له، قائلاً: "إنهم يحاولون أن يُظهروا دميرتاش بشكل جيد للشعب، إنه يقول بأنه يمثّل الأكراد، هل يستطيع أن يمثّل إخواننا الأتقياء من الظاظا والأكراد، هل يستطيع أن يمثّل الأتراك، ليس له جذور في هذه البلاد، جذوره خارجها"، في إشارة إلى جبل قنديل في العراق حيث تقع معسكرات "العمال الكردستاني".
في غضون ذلك، استمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمشاركة المواربة في الحملة الانتخابية لـ"العدالة والتنمية"، شانّاً حملة شرسة على بعض القنوات والصحف المحلية والعالمية التي تتخذ مواقف معارضة له مثل صحيفة "جمهورييت" التركية و"نيويورك تايمز" وتلفزيوني "سي إن إن" و"بي بي سي"، متهماً إياها بمحاولة إضعاف البلاد والعمل على تفكيكها تماشياً مع أوامر صادرة مما أطلق عليها "عقولاً عليا".
واستشهد أردوغان بمواقف لصحيفة "نيويورك تايمز" ضد كل من السلطان عبد الحميد عام 1896 وأيضاً وقوفها إلى جانب الانقلاب العسكري عام 1960 ضد رئيس الوزراء حينها عدنان مندريس، ومواقفها ضد تورغوت أوزال، وذلك بعد أن تم رفع دعوى قضائية ضد رئيس تحرير "جمهورييت" جان دوندار بتهمة التجسس السياسي والعسكري والتآمر على الحكومة، طلب فيها المدعي العام حكمين بالمؤبد على رئيس تحرير "جمهورييت" إثر نشر الصحيفة مقاطع فيديو لشاحنة تابعة للاستخبارات التركية متهمة الحكومة بإرسال مساعدات عسكرية للجماعات الجهادية في سورية.
من جهته، أكد زعيم حزب "الشعب الجمهوري" كمال كلجدار أوغلو، أنه سيعمل على جلب السلام إلى الشرق الأوسط وبالتالي إلى تركيا، مشيراً إلى أصوله العلوية البكداشية بوصفه أحد أبناء مدينة تونجلي (ديرسيم)، وذلك لحث الناخبين اليساريين والعلويين على التصويت للحزب بعد التقارير التي تحدثت عن توجّه واضح لأصوات العلويين نحو "الشعوب الديمقراطي"، قائلاً: "أنا سأكون رئيساً للوزراء، من أولئك الذين ينتمون لفهمٍ ولتقاليدٍ لا تهمّش الآخرين ولا تهمل أحداً، رئيساً للوزراء يحتضن 77 مليون مواطن، من دون أن يسأل أياً منهم عن هويته أو أسلوب حياته أو معتقداته، بل يركّز على الإنسان بكونه القيمة الأهم".
اقرأ أيضاً: العد العكسي للانتخابات التركية: لعب الأوراق الأخيرة