محامي المشاهير البلجيكي يدافع عن منفذ هجمات باريس

24 مارس 2016
تسليط الأضواء أكثر على محامي المشاهير (Getty)
+ الخط -
بالنسبة لمحامٍ يبحث عن الشهرة والأضواء، ليس ثمة ما يمكن الدفاع عنه، أهم من قضايا الإرهاب والسياسة أو فضائح المشاهير، هذا حال المحامي البلجيكي المثير للجدل، سفين ماري، والذي قرر أن يتصدى للدفاع عن المتهم الرئيسي في هجمات باريس، صلاح عبدالسلام، والمعروف بلقب "انتحاري باريس العاشر".

وسفين ماري، مشهور في بلجيكا، وهو يعرف أجواء المتشددين الإسلاميين، وسبق أن ترافع عن أحد القياديين، كما اشتهر بالدفاع عن "مجرمين كبار"، لكنه رغم كل ذلك يعترف بأن الدفاع عن صلاح عبدالسلام، الذي ستسلط الكاميرات العالمية على محاكمته "سيُغيّر حياتَهُ وحياة المقرَّبين منه".

اعترف ماري، الذي لا يجهل أحَدٌ في عالَم القضاء البلجيكي موهبتَه وخبرته في القانون الجنائي، قبل أيام، وبعدما قرر الدفاع عن المتهم الرئيسي في اعتداءات باريس الأخيرة، بأنه لا يطلب شيئا، سوى عدم التعرض لعائلته، معرباً عن استعداده للدفاع عن كل قضايا العالَم، عدا اليمين المتطرف.

ولا يمكن لأحد أن ينسى صورة المحامي حليق الرأس (43 سنة)، الذي يعرف كيف يتحدث إلى الصحافيين بجفاء مقصود، والذي جاءته قضية الدفاع عن صلاح عبدالسلام (عدو فرنسا وبلجيكا الأول) كأنها هبة سماوية كان ينتظرها بشغف. كيف لا، وقد أصبحت صورته تتصدر أغلفة المجلات الأوروبية.

شهرة جاءت بفضل تصريحات قصيرة، أدلى بها بعد خروجه من المحكمة الفيدرالية البلجيكية، في بروكسل، السبت الماضي، بعدما اطلع على مذكرة توقيف أوروبية أصدرتها السلطات الفرنسية بحق عبدالسلام.

وماري معروف بلغته البعيدة عن الدبلوماسية المستفزة، طالما أن كل شيء يساعده على منح قضاياه هالة دولية، فقد رسم طريقة فريدة في الدفاع عن موكله الفرنسي الجنسية، تتمثل في اعتراف موكله بالتواجد في باريس أثناء الاعتداءات، واستعداده للتعاون مع العدالة.

يستخدم المحامي، عبارات من قبيل: "على بلجيكا أن تتوقف عن الانبطاح أمام فرنسا"، بل وذهب بعيدا إلى درجة التفكير في تقديم شكوى ضد مدّعي باريس العام، فرانسوا مولينس، بسبب ما قيل إنه كشف عن جزء من اعترافات موكله صلاح عبد السلام، ومفادها بأنه كان مع المجموعة التي ضربت باريس يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، ولكنه تراجع عن تفجير نفسه قرب (استاد دي فراس)، حيث كان يتواجد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.

خلال فترة اختفائه التي دامت أربعة أشهر، حاول بعض معارف صلاح عبدالسلام، ممن يعرفون شهرة المحامي، الاتصال بالأخير، ثم تكرر الأمر بُعيْد اعتقال عبدالسلام، فوافق ماري من دون تردد، رغم أنه اعترف بالحاجة إلى حماية زوجته وأبنائه، الذين عانوا كثيرا من اتهامات طاولته أثناء عمله من قبل.

اقرأ أيضا:ما بعد اعتداءات بروكسل: أسئلة عن الإخفاقات الأمنية

وليس من النادر أن يقرأ المرء كتابات صحافية تنعته بـ"محامي الأوغاد". كما أن سياسيين نافذين وصلوا إلى درجة اتهامه بتشكيل "تهديد لدولة القانون".

قَبل ماري من دون تردد، ما يمكن أن يشكل المهمة الأصعبَ في حياته، لأنه يأمل عبر هذه القضية، كما يرى كثيرون، تصفية حساباته مع الادعاء الفيدرالي البلجيكي، المُتَّهَم بالتعدي على "الحق في قرينة البراءة".

يتقن سفين ماري، لغتي بلده، الفرنسية والهولندية، وهو ابن للرئيس السابق للإذاعة والتلفزيون الفلامندي. وفي سجله المهني مرافعات شهيرة، من بينها مرافعات عن شخصيات مثيرة للجدل، كميشيل ليلييفر، المتواطئ مع المجرم مارك دوترو، وعدد من السلفيين، من بينهم فؤاد بلقاسم، زعيم تنظيم (الشريعة من أجل بلجيكا)، وهو بلجيكي من أصول مغربية، ومُتهم بتجنيد شباب للتوجه إلى سورية والعراق. وتميز المحامي بقدرته على إظهار موكله باعتباره كبش فداء لفشل سياسة بلجيكية كاملة في إدماج الأقليات.

كما دافَعَ عن قاض متهم في قضية مصرفية، وعن لاعب كرة قدم اتهم بالضرب، ودافع عن صديقة الممثل الفرنسي الكبير، جان بول بيلموندو.

ويعرف المحامي البلجيكي أن الدفاع عن متهمين بالإرهاب في وقت لم تندمل فيه الجراح، ولا تزال بروكسل تبكي قتلاها، محفوفٌ بالمخاطر، وهو ما اعترف به شخصيا، حين تحدث عن اعتداء جسدي تعرَّض له من قبل شخص، بسبب دفاعه عن صلاح عبدالسلام.

وبعدما أعلن صلاح عبدالسلام، الفرنسي الجنسية، عن رغبته في أن يُحاكَم في فرنسا، يدرك المحامي البلجيكي أنه سيكون ضيفاً في باريس، على نظام قضائي مختلف. وأن المرافعات على الطريقة البلجيكية ستظهر قُصورَها، وهو ما يشكّل تحدّيا إضافيا لمحامي "الشهرة".

اقرأ أيضا:اعتداءات بروكسل بعيون إسرائيلية... اتهامات واستعلاء ونصائح 

دلالات