وجاء كلام بن بريك في بيان، أصدره اليوم، وبدا تعقيباً على انتقادات تعرض لها بيان سابق أصدره أمس، الخميس، حيث كان قد دعا إلى حل يمني يتمثل بالتقسيم إلى إقليمين. وتعرض هذا التصريح لانتقادات من بعض الأصوات داخل حضرموت، التي تطالب بأن تكون المحافظة والمحافظات المحيطة بها إقليماً مستقلاً.
وقال محافظ حضرموت، في البيان الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه: "نتعهد أمام الله، وأمام دماء شهدائنا، بأننا سنظل أوفياء لهم، ولا يمكن أن نساوم أو نقبل أي تسويف في القضايا المصيرية التي يطالب الحضارم بتحقيقها، وهذا حق من حقوقهم كفلته كل الأعراف والمواثيق الدولية".
وأضاف: "نؤكد أنه لا يمكن حلحلة الأزمة اليمنية ووقف نزيف الدم، وتدمير الوطن، إلا بحل الإقليمين: إقليم الشمال وإقليم الجنوب، وعلى أن تكون حضرموت إقليماً داخل الجنوب"، مشيراً إلى أن "ذلك يتطلب التعاون والمساندة من قبل قوات التحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات".
وفي إشارة إلى كون بيانه رداً على الأصوات الحضرمية المنتقدة لموقفه المعلن الليلة الماضية، قال بن بريك: "نؤكد أننا لم نخرج عن الإجماع الحضرمي، وهذا هو موقفنا ونهجنا الذي أجمعنا عليه، وسطر خطوطه مؤتمر حضرموت الجامع في 22 أبريل/نيسان 2017".
وختم محافظ حضرموت: "نعم لحمل الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً لحل الأزمة اليمنية على أساس دولة اتحادية مُزمنة من إقليمين، وهذا هو مربط الفرس".
وكان بن بريك قد نشر، الليلة الماضية، بياناً مثيراً، أكد اعترافه بما سُمي "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذي هو أحد أعضائه، لكنه أكد في الوقت ذاته، على الاعتراف بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، ودعا إلى "حل يمني يعتمد على التقسيم الفدرالي إلى إقليمين".
وفي السياق نفسه، قال رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، في مقالة كتبها اليوم ونقلتها وكالة الأنباء اليمنية الرسمية بنسختها التابعة للشرعية، إن "دول التحالف، والعرب جميعاً، لا يمكنهم أن يمضوا صامتين وهم يراقبون الأحداث في المناطق المحررة من اليمن وهي تنتقل من حالة إلى أخرى.. هناك كلمة حق لا بد أن تقال الآن، فإن تأخرت فلن تكون ذات نفع غداً".
وطالب بن دغر، بعد يوم من إعلان "المجلس الانتقالي الجنوبي" في عدن جنوبي البلاد، التحالف، الذي تقوده السعودية، بـ"التدخل"، قائلاً إن "بعض مظاهر الأزمة في عدن يستطيع التحالف السيطرة عليها"، مضيفا "عدن وأزمتها اليوم إما أن تكون بداية لمعالجة المشكلات، أو بداية لهزيمة سوف تكبر مع الأيام، وتكبر معها الروافد التي ضاعفت من عمق أزمة الأمة العربية كلها".
واعتبر رئيس الحكومة اليمنية أن "هناك توافقاً وطنياً صنعه الشعب اليمني، ورعاه الأشقاء والمجتمع الدولي"، وقال إن "الخروج عليه سيترتب عليه أمران، الأول: سقوط الجمهورية في المحافظات الشمالية، وهذا يحدث الآن، وإن لم يعلن عن سقوطها، والأمر الثاني هو سقوط الدولة ابتداءً من المحافظات الجنوبية، وانكشاف جغرافيا الوطن أمام احتمالات عديدة، من بينها إطالة أمد الصراع، وفقدان مكاسب ومصالح عظمى لا يمكن تعويضها في أمد قريب".
وتابع بن دغر أن "ما حدث ويحدث في عدن لا تعالجه الانفعالات الوقتية، والتي استدعت خطاب المظلومية الجنوبية بصورة لافتة للانتباه"، مردفاً "هذه المرة تبرز المظلومية مع انبعاث جديد لصراعات مناطقية محلية لم تمت جذورها بعد، واستدعاء المظلومية الجنوبية لن يقدم حلولاً كافية وشافية للأزمة العامة، وإن كان يرفع عالياً صوت المقهورين، المسحوقين بفعل الإقصاء والإلغاء ومصادرة الحقوق لربع قرن من الزمن، هو عمر الوحدة".
ورأى رئيس الوزراء اليمني أن "مشروع الدولة الاتحادية المدنية سيبقى هو الإطار السياسي والتنظيمي المؤهل لجعل المواطنة المتساوية ممكنة التحقق، والمانع لمزيد من التفكك، والضامن للحقوق والحريات، كما أنها، ومن وحي التجربة الإنسانية، تقدم الأسلوب الأمثل في توزيع السلطة والثروة التي يتمحور خلافنا عليها الآن وفي كل حين"، حد قوله.
وحذر المسؤول اليمني من أن "سقوط مشروع الدولة اليمنية الاتحادية، والتي تم التوافق على شكلها ومضمونها في مؤتمر الحوار الوطني، أو استبدال الشرعية عنوة بأية شرعية غير شرعية الانتخاب وصناديق الاقتراع، من شأنه تغيير مسار الأحداث والحرب في البلد وجذرياً لصالح العدو، كما ستعصف بموازين القوى على كل المستويات المحلية والإقليمية"، مشيراً إلى أن "الكثير من عناصر وقوى الصراع على الأرض سوف تفقد حججيتها، وسيضغط المجتمع الدولي نحو حلول لا تنهي الانقلاب، بقدر ما تؤدي إلى التصالح معه فهذا العالم محكوم بقوانينه ونظمه، وليس بإراداتنا، حتى وإن بدت عادلة".