عشرون عاماً مرت على تأسيس مجموعة الثماني الإسلامية بغية خلق تكتل اقتصادي، إلا أن المؤشرات المحققة تشير إلى غياب في التعاون بين هذه الدول رغم التنوع الاقتصادي وضخامة السوق، التي يبلغ حجم ناتجها المحلي نحو 3.7 تريليونات دولار.
وتستضيف العاصمة المصرية القاهرة، الأسبوع المقبل، المؤتمر الخامس لوزراء الصناعة والتجارة للدول الأعضاء في مجموعة الثماني التي تضم (مصر، إندونيسيا، نيجيريا، تركيا، إيران، ماليزيا، بنغلاديش، وباكستان).
وثمة تحديات أمام نجاح مؤتمر القاهرة في ظل الخلاف السياسي المصري التركي، الأمر الذي يرى معه خبراء اقتصاد مصريين أن القاهرة ستسعى إلى إنجاح المؤتمر إعلامياً، دون أن يكون له مردود اقتصادي بالنظر إلى الواقع، الذي يعكس نتائج محدودة على صعيد الاستثمارات والمشروعات المشتركة والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن دول مجموعة الثماني الإسلامية تضم ما يزيد عن مليار نسمة، فيما بلغ ناتجها المحلي الإجمالي خلال عام 2014 نحو 3.7 تريليونات دولار.
وتعد إندونيسيا الاقتصاد الأكبر بين دول المجموعة حسب إحصاءات عام 2014، حيث يصل عدد سكانها إلى 254.4 مليون نسمة، وكذلك ناتجها المحلي البالغ 888.5 مليار دولار في ذلك العام.
وتتفاوت العلاقة في باقي الدول من حيث الارتباط بين عدد السكان وقيمة الناتج المحلي، حيث تحل باكستان في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان البالغ 185 مليون نسمة، بينما ناتجها المحلي يأتي في المرتبة السابعة بين دول المجموعة بنحو 243.6 مليار دولار.
ويلاحظ أن التنوع سمة غالبة في عضوية دول المجموعة، ما بين دول نفطية، يمكنها الدفع بالتمويل اللازم لإقامة مشروعات مشتركة، وتمويل التجارة البينية، وهذه الدول هي: نيجيريا، وإيران، وإندونيسيا، ودول يمكن تصنيفها في إطار الاقتصاديات الصاعدة التي تتجه نحو التصنيع بدرجة كبيرة، ومنها تركيا وإندونيسيا، ودولة واحدة يمكن اعتبارها في إطار الدول ذات الإنتاج الصناعي عالي القيمة المضافة وهي ماليزيا، التي تصل المنتجات ذات التكنولوجيا العالية في صادراتها إلى 61 مليار دولار.
لكن بعد عقدين من الزمن على إنشاء مجموعة الثماني الإسلامية، لم يلاحظ حضور قوي للمجموعة على الصعيد الاقتصادي البيني، باستثناء الإعلان عن عقد اجتماعات المسؤولين، سواء على المستوى الوزاري أو أقل منه على مستوى أعضاء لجان فنية أو إدارية.
اقــرأ أيضاً
فسوق قوامه يزيد عن مليار نسمة، حري بأن يخلق فرصاً للتبادل التجاري بشكل كبير، ولكن جميع الدول أعضاء مجموعة الثماني الإسلامية، لديها شركاء تجاريون آخرون، يمثلون الشريك التجاري الأول، بل إن بعض دول المجموعة ما يمكن أن نطلق عليه القطيعة الاقتصادية، مثل واقع العلاقة بين مصر وإيران، أو علاقات شديدة الضعف مثل تلك الموجودة بين مصر وباكستان أو مصر وبنغلاديش.
ويلاحظ كذلك أن اندماج دول المجموعة في تجمعات تجارية واقتصادية أخرى أكبر من اندماجها في تجمع مجموعة الثماني الإسلامية، فمثلًا حضور إندونيسيا وماليزيا في تجمع الآسيان، أكثر وضوحاً من حضورهما في مجموعة الثماني الإسلامية، فالتبادل التجاري البيني لتجمع الآسيان يصل إلى 25% من حجم تجارته الدولية، كما أن سياحة الآسيان مثلًا تتصدر قائمة السياحة الوافدة إلى ماليزيا.
وكانت الحكومة التركية في عهد رئيس الوزراء، نجم الدين أربكان،( في الفترة بين 1996 و1997)، الذي عرف بتوجهاته الإسلامية، قد سعا إلى تكوين تجمع إسلامي يقوم على المصالح الاقتصادية.
وفي يونيو/حزيران 1997 تم تدشين المجموعة الإسلامية، وبعد الانقلاب على حكومة أربكان، سعت الحكومة آنذاك إلى إلغاء هذا التجمع، ولكن حرص باقي الدول على بقائه منع هذه الخطوة، واستمرت اجتماعات المجموعة في إطار حكومي لا يختلف كثيراً عن باقي التجمعات العربية والإسلامية، لا تفضي إلى نتائج ملموسة على الأرض، يمكن ترجمتها إلى تحسن في التجارة البينية، أو تبادل استثمارات، أو انتقال للقوى العاملة، أو إنتاج وتوطين للتكنولوجيا.
الخبير الاقتصادي المصري، عبدالنبي عبدالمطلب، استبعد أن يخرج هذا التجمع الكبير بأية نتائج حقيقية، قائلا :" هناك رغبة من الشركاء في هذا التجمع بالإبقاء عليه كشكل سياسي ليس أكثر من ذلك".
وأضاف عبدالمطلب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن أغلب دول التكتل تعاني من قلاقل سياسية كما هو الحال في نيجيريا، التي كانت تعد من الدول الأفريقية الصاعدة، فضلا عن تراجع أسعار النفط بخصوص الدول المنتجة للنفط في هذا التجمع، وانعكاسه على تراجع مساهمة هذه الدول في التجارة الدولية.
وقال :"إذا كانت هناك إرادة حقيقية للاستفادة من هذا التكتل فعليهم تطبيق اتفاقيات تطوير وزيادة التعاون المشترك، ووضع خطة لتنمية الاستثمارات، وإلغاء كافة الحواجز الاقتصادية، والسماح بدخول وخروج الاستثمارات بين هذه الدول بدون عوائق، فضلا عن إلغاء التأشيرات بين هذه الدول على الأقل في شريحة رجال الأعمال".
وفي فبراير/شباط الماضي، تم الإفصاح عن أن مجموعة الثماني الإسلامية تعتزم تنفيذ اتفاقية التجارة التفضيلية بين أعضائها، مع بداية يوليو/تموز 2016، لتستهدف تحقيق تجارة بينية تصل إلى 500 مليار دولار مع بداية عام 2018، في حين أن التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، يصل إلى 120 مليار دولار فقط.
وتعد منطقة التجارة التفضيلية أولى مراحل التكامل الاقتصادي، أي أن المجموعة شرعت في تنفيذ أولى مراحل التكامل الاقتصادي بعد عقدين من الزمن.
لكن البعض يرى أن هذه الاتفاقية لن يكون لها تأثير كبير، خاصة أن جميع دول مجموعة الثماني الإسلامية، أعضاء في منظمة التجارة العالمية، وبالتالي ميزة منطقة التجارة التفضيلية ممنوحة لجميع الأعضاء.
وعلى مدار عقدين من الزمن، مرت أزمات اقتصادية دولية وإقليمية، لم يكن لمجموعة الثماني الإسلامية إسهام في التعامل مع هذه الأزمات من أجل تعافي اقتصاديات أعضائها وفق خبراء اقتصاد. ومرت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، ومن قبلها أزمتا الوقود والغذاء، دون أن تكون هناك إجراءات مشتركة، تعكس درجة من التعاون بين دول مجموعة الثماني الإسلامية.
وعند تأسيس التكتل في منتصف عام 1997، جرى الإعلان عن هدفين رئيسيين، وهما تحسين موقف الدول النامية في الاقتصاد العالمي، وتنوع وخلق فرص جديدة في العلاقات التجارية وتعزيز المشاركة في صنع القرار على الصعيد الدولي.
وبحسب الخبير الاقتصادي المصري، فإن الخلافات الواضحة بين مصر وتركيا، باعتبارهما من الدول الكبرى في مجموعة الثماني الإسلامية، تحول دون وجود أي اتفاق يحقق أي تعاون أو تكامل اقتصادي بين دول هذا التجمع.
وفي هذا السياق، قال هشام إبراهيم، أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة القاهرة لـ"العربي الجديد": " لست متفائلا أن تجني مصر نتائج من هذا الاجتماع، ليس فقط بسبب الأبعاد السياسية بين دول هذا التكتل، ولكن لأبعاد اقتصادية هامة للغاية تتعلق بمشاكل التصدير وجذب الاستثمارات".
اقــرأ أيضاً
وتستضيف العاصمة المصرية القاهرة، الأسبوع المقبل، المؤتمر الخامس لوزراء الصناعة والتجارة للدول الأعضاء في مجموعة الثماني التي تضم (مصر، إندونيسيا، نيجيريا، تركيا، إيران، ماليزيا، بنغلاديش، وباكستان).
وثمة تحديات أمام نجاح مؤتمر القاهرة في ظل الخلاف السياسي المصري التركي، الأمر الذي يرى معه خبراء اقتصاد مصريين أن القاهرة ستسعى إلى إنجاح المؤتمر إعلامياً، دون أن يكون له مردود اقتصادي بالنظر إلى الواقع، الذي يعكس نتائج محدودة على صعيد الاستثمارات والمشروعات المشتركة والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن دول مجموعة الثماني الإسلامية تضم ما يزيد عن مليار نسمة، فيما بلغ ناتجها المحلي الإجمالي خلال عام 2014 نحو 3.7 تريليونات دولار.
وتعد إندونيسيا الاقتصاد الأكبر بين دول المجموعة حسب إحصاءات عام 2014، حيث يصل عدد سكانها إلى 254.4 مليون نسمة، وكذلك ناتجها المحلي البالغ 888.5 مليار دولار في ذلك العام.
وتتفاوت العلاقة في باقي الدول من حيث الارتباط بين عدد السكان وقيمة الناتج المحلي، حيث تحل باكستان في المرتبة الثانية من حيث عدد السكان البالغ 185 مليون نسمة، بينما ناتجها المحلي يأتي في المرتبة السابعة بين دول المجموعة بنحو 243.6 مليار دولار.
ويلاحظ أن التنوع سمة غالبة في عضوية دول المجموعة، ما بين دول نفطية، يمكنها الدفع بالتمويل اللازم لإقامة مشروعات مشتركة، وتمويل التجارة البينية، وهذه الدول هي: نيجيريا، وإيران، وإندونيسيا، ودول يمكن تصنيفها في إطار الاقتصاديات الصاعدة التي تتجه نحو التصنيع بدرجة كبيرة، ومنها تركيا وإندونيسيا، ودولة واحدة يمكن اعتبارها في إطار الدول ذات الإنتاج الصناعي عالي القيمة المضافة وهي ماليزيا، التي تصل المنتجات ذات التكنولوجيا العالية في صادراتها إلى 61 مليار دولار.
لكن بعد عقدين من الزمن على إنشاء مجموعة الثماني الإسلامية، لم يلاحظ حضور قوي للمجموعة على الصعيد الاقتصادي البيني، باستثناء الإعلان عن عقد اجتماعات المسؤولين، سواء على المستوى الوزاري أو أقل منه على مستوى أعضاء لجان فنية أو إدارية.
فسوق قوامه يزيد عن مليار نسمة، حري بأن يخلق فرصاً للتبادل التجاري بشكل كبير، ولكن جميع الدول أعضاء مجموعة الثماني الإسلامية، لديها شركاء تجاريون آخرون، يمثلون الشريك التجاري الأول، بل إن بعض دول المجموعة ما يمكن أن نطلق عليه القطيعة الاقتصادية، مثل واقع العلاقة بين مصر وإيران، أو علاقات شديدة الضعف مثل تلك الموجودة بين مصر وباكستان أو مصر وبنغلاديش.
ويلاحظ كذلك أن اندماج دول المجموعة في تجمعات تجارية واقتصادية أخرى أكبر من اندماجها في تجمع مجموعة الثماني الإسلامية، فمثلًا حضور إندونيسيا وماليزيا في تجمع الآسيان، أكثر وضوحاً من حضورهما في مجموعة الثماني الإسلامية، فالتبادل التجاري البيني لتجمع الآسيان يصل إلى 25% من حجم تجارته الدولية، كما أن سياحة الآسيان مثلًا تتصدر قائمة السياحة الوافدة إلى ماليزيا.
وكانت الحكومة التركية في عهد رئيس الوزراء، نجم الدين أربكان،( في الفترة بين 1996 و1997)، الذي عرف بتوجهاته الإسلامية، قد سعا إلى تكوين تجمع إسلامي يقوم على المصالح الاقتصادية.
وفي يونيو/حزيران 1997 تم تدشين المجموعة الإسلامية، وبعد الانقلاب على حكومة أربكان، سعت الحكومة آنذاك إلى إلغاء هذا التجمع، ولكن حرص باقي الدول على بقائه منع هذه الخطوة، واستمرت اجتماعات المجموعة في إطار حكومي لا يختلف كثيراً عن باقي التجمعات العربية والإسلامية، لا تفضي إلى نتائج ملموسة على الأرض، يمكن ترجمتها إلى تحسن في التجارة البينية، أو تبادل استثمارات، أو انتقال للقوى العاملة، أو إنتاج وتوطين للتكنولوجيا.
الخبير الاقتصادي المصري، عبدالنبي عبدالمطلب، استبعد أن يخرج هذا التجمع الكبير بأية نتائج حقيقية، قائلا :" هناك رغبة من الشركاء في هذا التجمع بالإبقاء عليه كشكل سياسي ليس أكثر من ذلك".
وأضاف عبدالمطلب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن أغلب دول التكتل تعاني من قلاقل سياسية كما هو الحال في نيجيريا، التي كانت تعد من الدول الأفريقية الصاعدة، فضلا عن تراجع أسعار النفط بخصوص الدول المنتجة للنفط في هذا التجمع، وانعكاسه على تراجع مساهمة هذه الدول في التجارة الدولية.
وقال :"إذا كانت هناك إرادة حقيقية للاستفادة من هذا التكتل فعليهم تطبيق اتفاقيات تطوير وزيادة التعاون المشترك، ووضع خطة لتنمية الاستثمارات، وإلغاء كافة الحواجز الاقتصادية، والسماح بدخول وخروج الاستثمارات بين هذه الدول بدون عوائق، فضلا عن إلغاء التأشيرات بين هذه الدول على الأقل في شريحة رجال الأعمال".
وفي فبراير/شباط الماضي، تم الإفصاح عن أن مجموعة الثماني الإسلامية تعتزم تنفيذ اتفاقية التجارة التفضيلية بين أعضائها، مع بداية يوليو/تموز 2016، لتستهدف تحقيق تجارة بينية تصل إلى 500 مليار دولار مع بداية عام 2018، في حين أن التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، يصل إلى 120 مليار دولار فقط.
وتعد منطقة التجارة التفضيلية أولى مراحل التكامل الاقتصادي، أي أن المجموعة شرعت في تنفيذ أولى مراحل التكامل الاقتصادي بعد عقدين من الزمن.
لكن البعض يرى أن هذه الاتفاقية لن يكون لها تأثير كبير، خاصة أن جميع دول مجموعة الثماني الإسلامية، أعضاء في منظمة التجارة العالمية، وبالتالي ميزة منطقة التجارة التفضيلية ممنوحة لجميع الأعضاء.
وعلى مدار عقدين من الزمن، مرت أزمات اقتصادية دولية وإقليمية، لم يكن لمجموعة الثماني الإسلامية إسهام في التعامل مع هذه الأزمات من أجل تعافي اقتصاديات أعضائها وفق خبراء اقتصاد. ومرت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، ومن قبلها أزمتا الوقود والغذاء، دون أن تكون هناك إجراءات مشتركة، تعكس درجة من التعاون بين دول مجموعة الثماني الإسلامية.
وعند تأسيس التكتل في منتصف عام 1997، جرى الإعلان عن هدفين رئيسيين، وهما تحسين موقف الدول النامية في الاقتصاد العالمي، وتنوع وخلق فرص جديدة في العلاقات التجارية وتعزيز المشاركة في صنع القرار على الصعيد الدولي.
وبحسب الخبير الاقتصادي المصري، فإن الخلافات الواضحة بين مصر وتركيا، باعتبارهما من الدول الكبرى في مجموعة الثماني الإسلامية، تحول دون وجود أي اتفاق يحقق أي تعاون أو تكامل اقتصادي بين دول هذا التجمع.
وفي هذا السياق، قال هشام إبراهيم، أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة القاهرة لـ"العربي الجديد": " لست متفائلا أن تجني مصر نتائج من هذا الاجتماع، ليس فقط بسبب الأبعاد السياسية بين دول هذا التكتل، ولكن لأبعاد اقتصادية هامة للغاية تتعلق بمشاكل التصدير وجذب الاستثمارات".