أُعلن صباح يوم الأربعاء، في العاصمة التونسية، عن تأسيس مجلس للصحافة يضم عشرة أعضاء، وهو الأول من نوعه في العالم العربي. وقد تشكل المجلس بجهود الهيئات والجمعيات الفاعلة في القطاع الإعلامي، وبالتنسيق مع الحكومة التونسية.
وكانت نقابة الصحافيين ذكرت في بيان أن "المجلس هيئة خاصة مستقلة غير ربحية، تعمل على إرساء التعديل الذاتي لوسائل الإعلام وفقاً للمدوّنة (...) وحماية حرية الصحافة والدفاع عن حق المواطنين في الحصول على معلومات ذات جودة".
وبينت رئيسة مجلس الصحافة والناطقة الرسمية باسمه، الإعلامية اعتدال المجيري، أن دوره حماية المشهد الإعلامي من "أي انحرافات ممكنة"، وذلك عبر تنظيم الصحافيين والإعلاميين. ولفتت المجيري، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أن المجلس سيتولى أيضاً التواصل مع الجمهور وتوعيته بالدور الموكل إلى وسائل الإعلام، ليمنح الصحافة عالية الجودة الأولوية في اختياراته.
وأوضحت المجيري أن كل أعضاء المجلس يعملون تطوعاً، وأن المجلس راعى المناصفة بين الرجال والنساء في عضويته، لافتة إلى أنهم اختيروا وفقاً للتشكيلة المتنوعة في القطاع، إذ يضم خبراء في الإعلام التونسي وممثلين عن الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية والرقمية، إضافة إلى ممثلين عن الصحافة المناطقة وممثل عن الفئات العمرية المتلقية للمضامين الإعلامية وممثل لقطاع القضاء.
أعضاء المجلس يعملون تطوعاً، وتمويله مناصفة بين الدولة التونسية والجمعيات والمنظمات الداعمة
وأفادت المجيري بأن نصف تمويل أعمال مجلس الصحافة ستوفره الدولة التونسية، وستتكفل بالنصف الباقي المنظمات الداعمة لعمله، مثل "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" و"النقابة العامة للإعلام" المنضوية تحت "لواء الاتحاد العام التونسي للشغل" و"جمعية مديري الصحف" و"نقابة الإذاعات الخاصة" و"نقابة التلفزات الخاصة" و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان".
وأشارت إلى أن خطة عمل لمجلس الصحافة وضعت على المديين الطويل والقصير، بمشاركة أعضائه كلهم، وستشمل دوراته التشكيلية الإعلاميين في العاصمة التونسية وفي المناطق الداخلية.
وأملت المجيري أن يتمكن المجلس من أداء مهامه بمهنية واستقلالية، لتوفير "صحافة ذات جودة ونوعية توفر للمتلقي التونسي ما يتوقعه من إعلامه، عبر المساهمة في توعية الصحافيين في مجالات عملهم المختلفة".
المجلس هيئة مستقلة غير ربحية لحماية حرية الصحافة
يضم مجلس الصحافة في عضويته الإعلامي محمد العروسي بن صالح نائباً للرئيسة، والخبير الإعلامي الصادق الحمامي، والإعلاميين شاذية خذير ومنوبي المبروكي وفريدة المبروكي وعلي البقلوطي، وممثلة "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" روضة الغربي، والقاضية أنوار المنصري، ونقيب الصحافيين التونسيين بصفته تلك.
وقد بدأ العمل على تكوين مجلس الصحافة منذ أكثر من عامين، حين أعلن نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري، عام 2018، عن النية في إطلاقه. وكان من المفترض أن يهتم بالتعديل في مجالي الصحافة المكتوبة والإلكترونية، وبعد نقاشات مع مختلف الأطراف المكونة توسعت صلاحياته ليشمل كل القطاعات الإعلامية.
وكشف البغوري، في يناير/كانون الثاني عام 2019، أن المجلس سيكون شاملاً لكل وسائل الإعلام، وسيعدل نفسه بنفسه، فيما ستهتم "الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري" (الهايكا) بالجانب التعديلي على مستوى كراس الشروط والقوانين. وأضاف البغوري حينها أن مجلس الصحافة سيكون عبارة عن ائتلاف بين الجمهور ووسائل الإعلام، والهدف منه نشر ثقافة تعديلية جديدة للمشهد الإعلامي التونسي بمختلف فروعه السمعية والبصرية والورقية والإلكترونية.
ويعتبر تكوين المجلس لبنة جديدة في تنظيم المشهد الإعلامي التونسي الذي يعرف فوضى، وتحديداً بعد عام 2011، و"ثورة الياسمين" التي حررته من القيود التي كانت مفروضة عليه سابقاً. ويضمن الدستور التونسي الذي أقرّ عام 2014 حرية التعبير، وهي مكسب تكرّس منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وكان الصحافيون التونسيون طالبوا في أكثر من مناسبة، آخرها في اجتماع المكتب التنفيذي الموسع للنقابة، بالإسراع في الإعلان عن تأسيس المجلس، للبدء بتنظيم القطاع الذي يضم 36 محطة إذاعية، بينها 11 رسمية و18 خاصة و7 تابعة لجمعيات مدنية، وأكثر من 150 موقعاً إخبارياً، مقابل تراجع الصحف الورقية إلى أقل من 50.
وتراقب "الهيئة العليا المستقلة للسمعي البصري" المشهد الاعلامي في تونس، لكنّها تواجه صعوبات في تطبيق قراراتها بسبب ضعف السند السياسي. كما أن العديد من السياسيين الفاعلين في البلاد يديرون مؤسسات إعلامية. ولا وجود لمؤسسات أخرى بامكانها تنظيم القطاع الإعلامي ومراقبته.