مجلس الأمن يصوّت اليوم على تمديد عمل بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا

15 سبتمبر 2020
توقعات بأن يتم تبني القرار الذي صاغته بريطانيا بالإجماع (Getty)
+ الخط -

يصوّت مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الثلاثاء (بتوقيت المنطقة)، على مشروع قرار يجدّد عاماً إضافياً لعمل بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا. وتوقعت مصادر دبلوماسية أن يتم تبني القرار الذي صاغته بريطانيا كحاملة قلم الملف الليبي في مجلس الأمن، بالإجماع.

ووصف مصدر دبلوماسي غربي في مجلس الأمن، لـ "العربي الجديد" في نيويورك، المباحثات حول صياغة القرار بـ"الروتينية من دون خلافات جوهرية بين الدول الأعضاء، وإن تمحورت بعض تلك المفاوضات حول تفاصيل تتعلق بحقوق الإنسان، بما فيها حقوق المرأة، كما قضايا تتعلق بالأمن والسلم، إلا أنها جاءت في إطار الخلافات المعتادة".

ولا يعكس هذا التوافق حول تجديد عمل البعثة، الوضع على الأرض في ليبيا، إذ يستمرّ تهريب الأسلحة والمرتزقة بحسب ما تشير إليه تقارير الأمم المتحدة ذات الصلة.

ولم تطرأ على نص القرار تغييرات جذرية تؤثر على جوهر ولاية البعثة، مقارنة بالعام الماضي، إلا أنّ النص حمل بعض الإضافات، التي تأخذ بعين الاعتبار عدداً من التقارير والتوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة بخصوص ليبيا. ومن بين تلك التقارير، تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الصادر في شهر يوليو/ تموز الأخير، حول حماية الأطفال في النزاعات المسلحة حول العالم.

وكان التقرير قد رصد مقتل 35 طفلاً ليبياً وجرح 42 آخرين تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و17 سنة، من بينهم 17 فتاة. يُذكر أنّ العدد يتعلق فقط بالحالات التي تمكنت الأمم المتحدة من التأكد من مقتلها أو جرحها خلال العام 2019.

وأشار التقرير كذلك إلى أن الغالبية العظمى لتلك الحوادث وقعت خلال الهجوم الذي شنّه "الجيش الوطني الليبي" (قوات خليفة حفتر) على طرابلس، ونجم عنه القصف المدفعي، والغارات الجوية، والمتفجرات من مخلفات الحرب.

كما أشار التقرير "إلى حالات اغتصاب للفتيات اللاجئات والمهاجرات، وتعرّضهن لغير ذلك من أشكال العنف الجنسي، بما في ذلك حالات أُكرهت فيها الفتيات على الدعارة من جانب الشبكات الإجرامية، التي يرتبط بعضها بجماعات مسلحة". 

وتحققت الأمم المتحدة من وقوع 24 اعتداءً على المدارس والمستشفيات، لم يُنسب أي منها إلى جهة بعينها. "ولم تكن الأمم المتحدة قد تحققت عند صدور التقرير في يوليو/ تموز، من وقوع 24 اعتداءً آخر على المرافق الصحية"، وفق التقرير.

وكان القتال قد أجبر قرابة 220 مدرسة على إغلاق أبوابها في طرابلس ومحيطها، مما حرم ما لا يقل عن 116 ألف طفل من حقهم في التعليم خلال عام 2019.

وفي هذا السياق، أضيفت فقرة جديدة إلى مشروع القرار، مفادها بأنّ البعثة ستقوم "برصد الانتهاكات بما فيها انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي والإبلاغ عنها، بما في ذلك العنف الجنسي في حالات النزاع، بعدد من الطرق، من بينها نشر لكوادر نسائية ومستشاري حماية الأطفال ضمن كوادرها".

وعلى عكس سنوات سابقة، لم تعد مهام البعثة مرتبة بحسب عدد من الأولويات، كما أضيفت بعض المهام الجديدة لعمل البعثة، من بينها تلك المتعلقة بوقف إطلاق النار.

ويُكلّف مشروع القرار، بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالمساعدة في تحقيق وقف إطلاق النار "حالما توافق الأطراف الليبية عليه، كما تقديم الدعم المناسب لتنفيذه".

ويطلب مشروع القرار من البعثة "التنسيق بين الأطراف الفاعلة والمشاركة بشكل وثيق مع الفاعلين الدوليين، بما فيها الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية". كما أضيفت لمهام البعثة، مهمة دعم جهود الاستجابة ومكافحة انتشار كورونا في حال طلب منها ذلك.

لا يعكس التوافق حول تجديد عمل البعثة، الوضع على الأرض في ليبيا، إذ يستمرّ تهريب الأسلحة والمرتزقة، بحسب ما تشير إليه تقارير الأمم المتحدة ذات الصلة

وكان مجلس الأمن قد تبنّى القرار 2510، في فبراير/ شباط الماضي، لدعم مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا.

وطلب القرار من الأمين العام تقديم تقريره حول عدد من القضايا، بما فيها مقترحات حول "المراقبة الفعالة لوقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة". وفي هذا السياق، يطلب مشروع القرار من الأمين العام للأمم المتحدة تقديم تقريره خلال ستين يوماً من صدور القرار.

ويوكل مشروع القرار كذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تقديم تقييم استراتيجي مستقل حول عمل البعثة في ما يخص عدداً من النقاط، بما فيها "كفاءة هيكل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وقدرة البعثة على تنفيذ ولايتها، وأولوية المهام، وخيارات مراقبة وقف إطلاق النار".

وأمام الأمين العام مهلة لتقديم التقرير، حتى نهاية شهر يوليو/ تموز العام المقبل.

إلى ذلك، ما زال منصب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا شاغراً منذ استقالة غسان سلامة المفاجئة بداية مارس/ آذار الماضي، من دون أن يتمكن المجلس من الاتفاق على خلف له، بسبب اعتراضات عدد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة ورغبتها بتقسيم الدور إلى منصبين، الأول هو رئيس لبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا والثاني مبعوث خاص إلى ليبيا، ويبدو أنّ الدول الخمس دائمة العضوية توصلت إلى اتفاق حول ذلك، بحيث ينص مشروع القرار على صيغة تقسم الدور إلى منصبين.

وبحسب مشروع القرار، واللغة الجديدة التي أضيفت له في هذا السياق، فإن "المبعوث الخاص للأمين العام سيرأس البعثة وسيكون مكلفاً بقيادة عامة للبعثة، والتركيز على المساعي الحميدة والوساطة بين الأطراف المحلية والدولية لإنهاء النزاع. وسيكون المبعوث الخاص مكلّفاً بتقديم التقرير لمجلس الأمن. أما الأمور الإدارية واليومية لعمل البعثة، فسيشملها منصب "منسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا"، وسيعمل تحت سلطة المبعوث الخاص. ومن المتوقع بعد الاتفاق على هذا التقسيم أن تتمكن الدول الأعضاء في المجلس من الاتفاق على الأسماء التي ستحتل تلك المناصب.

وينصّ مشروع القرار كذلك على "وقف كلّ الدعم لجميع المرتزقة المسلحين وسحبهم". ويأتي ذلك في سياق تقرير الأمين العام الأخير حول الموضوع، الصادر أخيراً، ويتبادل فيه الطرفان الاتهامات بوجود مرتزقة يدعمون الطرف الآخر. وترحب المسودة بدور بعثة الأمم المتحدة لليبيا "في دعم المراجعة المستقلة للبنك المركزي الدولي".

هذا ويدين المشروع "الإغلاق القسري للمنشآت النفطية". ويذكر أنّ المليشيات والمرتزقة، التابعين لقوات حفتر يسيطرون، منذ بداية العام، على المنشآت النفطية الرئيسية في البلاد. وأدّى ذلك إلى خسارة كاملة لعائدات المنتجات النفطية، وفقاً لمنظمة النفط الوطنية الليبية. وبحسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، فإن ذلك تُرجم بخسارة 7.5 مليارات دولار منذ بدء حصارها بداية العام تقريباً.