لم تمر سوى أسابيع قليلة على تأسيس المجلس الإسلامي الأعلى لمسلمي إيطاليا، لتباشر هذه الهيئة الحديثة أول لقاءاتها التنظيمية بين أعضائها بمدينة ميلانو الواقعة شمال إيطاليا، وذلك قبل أسبوع، لتداول آليات تفعيل أهداف المجلس، الذي يبدو حسب مراقبين إيطاليين، يسابق الزمن ومعه العديد من التنظيمات الإسلامية بإيطاليا، التي تتحرك للقيام بالعديد من المبادرات لإعطاء إشارات هامة للسلطات الإيطالية تبعد عنها فزاعة تهمة "الإرهاب"، أو تساهم في التصدي لموجة الإسلاموفوبيا.
وكانت مجموعة من الفعاليات الإسلامية المهاجرة بمنطقة ريدجو إيميليا الإيطالية، قد أعلنت قبل أسابيع عن إنشاء المجلس الإسلامي الأعلى لمسلمي إيطاليا، حيث تم " تعيين الدكتور أبو عمار السوداني ناطقا رسميا له ومحمد بحرالدين كاتبا عاما للمجلس وأمناء وأعضاء رؤساء الجهات ولجنة المالية و لجان أخرى"، حسب نص بلاغ صحافي تتوفر "العربي الجديد" على نسخة منه.
ويضاف تأسيس الإطار التنظيمي الجديد بإيطاليا إلى جانب "مؤسسات إسلامية وازنة ولا يرفض المجلس العمل المشترك معها لتحقيق الأهداف المشتركة خدمة للمسلمين من دون حزازات" يورد البلاغ الصحافي السالف الذكر، الذي أورد بأن المشاركين في اللقاء التأسيسي للمجلس الإسلامي الأعلى لمسلمي إيطاليا قد أكدوا على "ضرورة هذا المجلس و تجربة أعضاءه باعتبار وزنهم العلمي والدعوي بإيطاليا".
ويتكوّن المجلس (الذي يضم مجموعة من المراكزالإسلامية/المساجد)، من عدد من الفعاليات الإسلامية تضم خطباء وعلماء مسلمين عبر التراب الإيطالي، وقد جاءت تشكيلة الهيئة التنفيذية لتسيير المجلس وفق رؤية تيقنوقراطية حسب الأدبيات التأسيسية لمجلس الجالية، والذي لا يعتبر الهيئة الوحيدة في إيطاليا، بل هناك العديد من الهيئات والمؤسسات التي تعنى بأمور الجاليات العربية المسلمة في هذا البلد.
ويبرر هذا الإطار الجديد انفتاحه على باقي المكونات والكفاءات والتظيمات الموجودة إلى الانفلات من ربقة الحربية أو التخندق هنا وهناك، ويؤكد على أن هذا الاختيار جاء من أجل "تأكيد الابتعاد عن كل ما هو حزبي أو جماعتي" وقد غطى الحضور المشارك في اللقاء التأسيسي للإطار الجديد "كل جهات إيطاليا في إشارة إلى الرغبة الأكيدة للعمل المشترك البناء في الحقل الديني والجمعوي"، وذلك "بما يحفظ للمسلمين بإيطاليا هويتهم الدينية والوطنية والثقافية في سلاسة للاندماج في المجتمع الإيطالي من غير عزلة أو ذوبان".
وفي سياق مرتبط، أكد المجلس الإسلامي الأعلى لمسلمي إيطاليا أنه ، "لا يقصي أحداً ويفتح ذراعيه لكل الأطر، مشدداً على الاهتمام بمشاركة الشباب والمرأة المقتدرة الوازنة، بما يحقق التوازن والعطاء خدمة للمسلمين بايطاليا البلد المضيف".
من جانب آخر، ووفق أدبياته المؤسسة، لا يعتبر المجلس المسلمين جالية بل مدنيين ومواطنين لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم، مشيرا إلى هدف رئيسي، يضعه المولود الجديد في صلب نشاطاته، ويتعلق الأمر بـ "العمل على الاعتراف بالإسلام لدى الحكومة الإيطالية و ترشيد عمل الأئمة والخطباء وجعله وظيفة معترفا بها في البلاد" و"نبذه العنف، الإرهاب ورفض الفكر الدموي والعنصري بكل أشكاله وألوانه"، وذلك في ظل الحملة التي تشنها الكيانات المتطرفة على المسلمين، وفي سياق حرب إعلامية، لا بد من بدل الكثير من الجهد لتلافي نتائجها الوخيمة على الجاليات العربية المسلمة، والتي تحتاج إلى غطاء في المهاجر التي تعيش فيها، وذلك بفتح نقاش بناء وتعاون مستمر مع الجهات الرسمية والمدنية في الدول التي تعيش فيها.
ويأتي تأسيس المجلس الإسلامي الأعلى لمسلمي إيطاليا، ضمن جملة من السياقات المحلية والدولية منها، الآلة الإعلامية لليمين المتطرف الإيطالي الذي يلصق كلمة إرهاب بكل المسلمين، والحاجة إلى مواجهة الظاهرة بالمبادرات الجمعوية للمهاجرين المسلمين، التي توليها وسائل الإعلام القريبة من اليسار الإيطالي، أهمية كبيرة، كما هو الشأن بالنسبة للمجلس الإسلامي الجديد، الذي حظي بمتابعة إعلامية هامة من طرف المنابر الإيطالية ذات التوجه اليساري.