أنهى مجلس الأمن الدولي جلسته المفتوحة لنقاش الوضع في سورية والضربات الكيمياوية التي وقعت يوم أمس على بلدة خان شيخون في ريف إدلب، وأدت إلى مقتل أكثر من 150 شخصاً، معظمهم من الأطفال، وإصابة أكثر من 500 آخرين، من دون التصويت على مسودة مشروع القرار الذي تقدمت به كل من بريطانيا وفرنسا.
وتجتمع في هذا الأثناء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن للتشاور حول نص مشروع القرار. ومن غير الواضح، حتى اللحظة، ما إذا كان سيتم التصويت على مشروع القرار.
ونص مشروع القرار على إدانة استخدام الأسلحة الكيمياوية بأشد العبارات، ويشير كذلك بالتحديد إلى يوم أمس واستخدامها في بلدة خان شيخون.
ويشير إلى إعلان لجنة التحقيق المشتركة والتابعة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية، والتي تقوم حالياً بالتحقيق بحالات أخرى، عن مباشرتها بجمع المعلومات والتحقيق لتحديد الجهات المسؤولة عن الهجوم الأخير.
وطالب مشروع القرار من النظام السوري بتقديم خطط طيرانه والمعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي قام بها في الرابع من نيسان/أبريل، أي يوم وقوع الهجوم.
ونص المشروع كذلك على تسليم أسماء قادة أسراب المروحيات والسماح للمحققين بالدخول إلى القواعد العسكرية التي قد تكون الطائرات قد انطلقت منها. كذلك السماح بلقاء عسكريين وجنرالات وغيرهم لاستجوابهم حول الموضوع، خلال خمسة أيام من تقديم طلب اللقاء. ونص مشروع القرار على فرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة، نيكي هيلي في كلمتها إنه: "من الغريب أن تكون روسيا من الدول التي وافقت على وجود آلية التحقيق وتكوينها من ثم لم تقبل نتائج التحقيق السابقة عندما لم ترق لها".
وتركت كيلي كرسيها ووقفت أمام المجلس واستعرضت بعض الصور لضحايا مجزرة خان شيخون، لافتة إلى أن "هجوم الأمس يحمل بصمة نظام الأسد. ونعرف أن هجوم الأمس كان سقوطاً آخر حتى لنظام بربري كنظام الأسد".
وأضافت: "روسيا تختار أن تغلق أعينها أمام البربرية ولا يمكنها الإفلات من تحمل مسؤوليتها. وإذا لم يتحرك المجلس فإن هذه الهجمات سوف تستمر. تحاول روسيا وضع اللوم على الآخرين. والحقيقة هي أنه لا يوجد عند كل من سورية وروسيا وإيران أي اهتمام بالتوصل إلى سلام".
وأكدت المندوبة الأميركية أن: "الأسد واضح أنه لا يريد الانخراط بمحادثات جدية"، منهية حديثها بالقول "إذا فشلت الأمم المتحدة مرة تلو الأخرى باتخاذ الخطوات اللازمة وموقف موحد سترى بعض الدول نفسها مضرة لاتخاذ خطوات أحادية الجانب".
ووجه المندوب الروسي لمجلس الأمن، فلاديمير سافرونكوف، الاتهامات للمعارضة والمنظمات المسلحة في سورية، قائلاً إن "لروسيا أكثر من خطة ومن بينها مكافحة الإرهاب".
وأضاف "لا نرى أي ضرورة بتبني أي قرار جديد ويجب أن ننتظر النتائج للجنة التحقيق المختصة". مطالباً بأن يتم توسيع عدد أعضاء فريق الآلية المختصة بالتحقيق وأن تعكس الآلية في طاقهما التنوع الجغرافي.
ووجه الاتهامات للمعارضة قائلاً إن "الصور مفبركة واستخدمت في السابق للإيحاء بوجود كارثة إنسانية في حلب". كذلك وجّه كلاماً للمندوب البريطاني "أنتم تقومون بتوزيع مشاريع قرارات وضغط على آلية التحقيق وحديثهم عن روسيا والصين غير مقبول وعليكم الحديث عما تقول به بريطانيا للتوصل إلى حل في سورية. أنتم مهوسون بقضية تغيير النظام في سورية وتحاولون الحصول على تغطية من قبل مجلس الأمن لهذا المشروع".
وأفتتحت الجلسة المفتوحة بكلمة لممثل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، كيم وان سو، إذ أكد أن لجنة التحقيق التي تقوم حالياً بالتحقيق بحالات أخرى سوف تقوم بجمع الأدلة اللازمة حول الموضوع.
وقال المندوب الفرنسي لمجلس الأمن، فرانسوا دولتر "يدعي البعض أن هذه التسريبات جاءت بفعل تخزين مواد كيمياوية ولكن لم نر حريقاً... والطيران السوري ضرب تلك المناطق.. سكوت البعض على تلك الأعمال يعني موافقتهم على القيام بها. ومن الضروري أن ينفذ الانتقال السياسي دون إرجاء، وهو ما اعتمدته قرارات مجلس الأمن الخاصة وإعلان جنيف. ويجب الوقوف فوراً على من يقف وراء هذه الجريمة".
من جانبه قال المندوب البريطاني لمجلس الأمن، ماثيو ريكروفت "إن استخدام الفيتو سيؤدي إلى مزيد من الهجمات على غرار مجزرة خان شيخون. ونظام الأسد يهين الاتحاد الروسي بتدمير هدنة أستانة. وما حدث في ريف إدلب يحمل بصمات النظام السوري".
أما ممثل الصين لمجلس الأمن، ليو شي، فعبر بداية عن صدمة بلاده من استخدام الأسلحة الكيمياوية في سورية وندد بأي هجمات ضد المدنيين. وأضاف "تؤيد بلادي عمل منظمات حظر الأسلحة الكيمياوية بتحقيق بكل الحوادث. لن نقبل بأن تقوم المملكة المتحدة بتشويه موقف الصين ونأمل أن تراجع موقفها وتتجنب استخدام مجلس الأمن والامتناع عن هذه الأفعال في المستقبل".
بدوره قال ممثل اليابان، كارو بيسهو، "علينا عند النظر في هذه المزاعم التأكد أولاً إذا استخدمت هذه الأسلحة ومحاسبة من قام بها. ترحّب بلادي ببدء بعثة تقصي الحقائق بعملها بغية جمع المعلومات الخاصة بهذا الحادثة وغيرها". وشدد على ضرورة تحسين التنسيق بين آليات التحقيق ومجلس الأمن.
وقال ممثل مصر لمجلس الأمن، عمرو أبو العطا "إنني أدعو جميع الأطراف إلى التعاون مع بعثة التحقيق وممارسة نشاطها. وسندعم أي تحرك في هذا الاتجاه يدعم محاسبة المرتكبين لتلك الجرائم".