مجزرة بيئية في بلاد الأرز

12 مايو 2015
إذا أردت أن تعيش لسنوات ازرع شجرة (فرانس برس)
+ الخط -
خلال الأعوام الماضية، تقلّصت الثروة الحرجية في لبنان إلى 13 في المائة من إجمالي مساحة البلاد، بعدما كانت تُشكّل 80 في المائة. يمكن وصف الأمر بـ "مجزرة بيئية" في ظل غياب تنفيذ القوانين وملاحقة المعتدين على هذه الثروة ومحاسبتهم. هكذا، صارت عبارة "لبنان الأخضر" من الماضي. ويقول خبراء في مجال البيئة إن المسؤولين يكتفون بـ "الاستعراض الإعلامي" وزرع الشتول في المناطق، من دون أن يكون هناك أي تقدّمٍ ملموس في زيادة النسبة الحرجية. في هذا الإطار، يُطرح السؤال التالي: كيف ينوي المعنيون الحفاظ على ما تبقى من وجه لبنان السياحي ـ البيئي؟

يوضح وزير الزراعة أكرم شهيب لـ "العربي الجديد" أن "هناك مشروعاً لزرع 40 مليون شجرة في جميع المناطق اللبنانية، ونسعى قدر المستطاع لإعادة تأهيل الثروة الحرجية التي دمرت أو تقلصت بسبب التغير المناخي ومشاريع البناء العشوائي التي تقام من دون دراسة الأثر البيئي، عدا عن الحرائق وغيرها". ويضيف أن "جميع هذه العوامل أثّرت بشكل مباشر على الثروة الحرجية في لبنان، والتي نسعى لإعادة تأهيلها من خلال تفعيل مراكز معنية بحماية المحميات، على أن يلاحق المعتدون قانونياً".

أما وزير البيئة، محمد المشنوق، فيقول لـ "العربي الجديد" إن "مسؤولية الحفاظ على الثروة الحرجية لا يقع فقط على وزارة البيئة، بل على وزارة الزراعة أيضاً التي يتوجب عليها دعم التشجير". ويضيف: "تتحمّل وزارة البيئة مسؤولياتها للحفاظ على لبنان الأخضر. فرأسمال لبنان الأول هو الرقعة الحرجية الخضراء التي تتقلّص اليوم نتيجة القطع العشوائي، والحرائق، والرعي الجائر، والتوسع العمراني حيث تشير التقديرات إلى أن معدل اضمحلال الغطاء الأخضر يبلغ سنوياً 0.4%، في حين أن إعادة التحريج سنوياً تقدّر بنسبة 0.83%"، لافتاً إلى أن "انبعاثات لبنان المسببة لتغير المناخ لا تشكل سوى 0.07% من الانبعاثات حول العالم".

يتابع المشنوق أنه "قيل قديماً: إذا أردت أن تعيش مدة عام ازرع زهرة، وإذا أردت أن تعيش لسنوات ازرع شجرة. إذاً، المطلوب اليوم تنظيم قطاع التحريج والحفاظ على الأحراج ووضع الآليات اللازمة في هذا السياق، علماً بأننا أطلقنا خطة عمل لجنة مشروع الـ 40 مليون شجرة، وهو المشروع الأكبر في لبنان، مما يتطلّب تعاون القطاعين العام والخاص، أي التنسيق بين القطاع الرسمي والمجتمع المدني والبلديات بهدف تنظيم واستمرار عمليات التحريج". ويؤكد أن "عملية التحريج أو إعادة تأهيل المساحات الحرجية ستهدف إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي وثروة لبنان".

من جهتها، تقولُ مدير عام جمعية الثروة الحرجية والتنمية، سوسن أبو فخرالدين، لـ "العربي الجديد" إنه "بهدف زيادة الوعي وبناء القدرات، والمساهمة في الجهود الوطنية لإدارة بيئية أفضل وصولاً إلى حياة أفضل للناس، ساهمت الجمعية في الجهود الوطنية لإدارة حرائق الغابات حتى إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة حرائق الغابات عام 2009 من قبل مجلس الوزراء، بمشاركة فعالة من الجمعية والوزارات المعنية".

أما بالنسبة للمحميات، فتوضح أن وزارة البيئة تتولى إدارة المحميات الطبيعية في لبنان، من خلال لجان محلية تعيّنها في المناطق. وفي ما يتعلق بأبرز المشاكل التي تعاني منها الثروة الحرجية في لبنان، تلفت إلى مشكلة "المرامل والكسارات، والتوسع العمراني، وحرائق الغابات، التي تؤدي إلى خسارة لبنان نحو 1200 هكتار سنوياً بحسب وزارة الزراعة".

من جهتها، تُشير الخبيرة البيئية، فيفي كلاّب، لـ "العربي الجديد"، إلى أنه "منذ نحو عشر سنوات، تعملُ وزارة البيئة على زراعة الأشجار. كذلك، تعملُ بعض الجمعيات البيئية على التشجير في لبنان. لكن حتى اليوم، ليس هناك أي شيء ملموس على أرض الواقع. فلو كانت هناك متابعة جدية لحملات التشجير، لتمكنا من استعادة التوازن الحرجي".

تتابع: "هناك ملايين الدولارات التي تصرف لزرع البذور من دون أية نتيجة لأسباب عدة، منها غياب الري. وفي حال كانت الدولة مهتمة فعلاً بالثروة الحرجية، لما كانت لتفكر بسد جنة مثلا الذي سيؤدي إنشاؤه إلى خسارة الأشجار المعمّرة. هذه جريمة بيئية علنية في حال تم تنفيذها".

تضيف كلاّب أنه "لا توجد محاسبة جدية من قبل المعنيين، علماً بأن الثروة الحرجية تعد بمثابة هوية لبنان السياحية. أما بالنسبة لمحميات القموعة وأرز الشوف وبتنعايل وإهدن، فما زالت تخضع لرقابة أهل البلدة والبلديات".

إقرأ أيضاً: أنواع المحميّات في لبنان
دلالات