مجزرة "الرمشي".. شاب جزائري يقتل 3 بسبب رفض تزويجه

02 اغسطس 2016
رفضوا تزويجه فقرر الانتقام (كريستوفر فورلونج/ Getty)
+ الخط -
استفاق الجزائريون على جريمة قتل بشعة راح ضحيتها ثلاثة أشخاص وعشرات الجرحى، بين عائلتين متصاهرتين في منطقة "الرمشي" بولاية تلمسان (520 كيلومترا غربي العاصمة الجزائرية)، بسبب الفوارق الاجتماعية، حيث رفض أهل الفتاة تزويج ابنتهم لشاب من العائلة بسبب مستواه الاجتماعي المتدني، وهو ما جعله يخطط للانتقام.

قصة خلاف عائلي تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنها تحولت مع مرور الأيام إلى عقاب وانتقام وإزهاق للأرواح. يقول الإعلامي ياسين شعير، لـ"العربي الجديد": "وقعت الجريمة الليلة الماضية قبل أذان الفجر، حيث توجه الشاب إلى أحد إخوة الفتاة وأرداه قتيلا، وهو ما تسبب في تجمع أفراد العائلة مدججين بسكاكين وسيوف وألواح خشبية وتوجهوا إلى بيت القاتل، وهناك بدأت المعركة بين الطرفين إلى أن انتهت بقتلى وجرحى".



ويضيف إنّ "القصة قديمة بين الأسرتين، حيث رفضت العائلة تزويج شاب يبلغ من العمر 32 سنة لابنتهم بسبب المستوى الاجتماعي والمادي، الأمر الذي لم يتقبله، فكان يختلق في كل مرة مناوشات بين العائلتين، إلى أن واتته الفرصة لتنفيذ جريمته".

ساحة البيت العائلي تحولت إلى بركة من الدماء، حيث أسفرت "المعركة الطاحنة" عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرحى، ولولا تدخل الشرطة الجزائرية لإيقاف الصراع العنيف لكانت الحصيلة ثقيلة.

رفض عائلة الفتاة عرض الشاب بسبب مستواه الاجتماعي والمادي، أمر غريب على المجتمع الجزائري في الوقت الراهن، بل هو في نظر الكثيرين عادة قديمة ومتجاوزة، غير أن بعض المدن الجزائرية ما زالت تتمسك بعرف التقارب الاجتماعي والمادي من أجل المصاهرة، وهو أمر مؤثر جدا في نظر الكثيرين. يقول سيد علي مجاني، وهو ابن تلمسان، لـ"العربي الجديد": "في منطقتي لا زالت بعض الأسر تتشبث بالمساواة في المستوى الاجتماعي والمادي لأجل الزواج، وهو ما يدفع البعض إلى الارتباط من مدن أخرى، أو يذكي نيران الفتن بين الأسر وأبناء المجتمع الواحد".




ليست هي المرة الأولى التي يهتز فيها الشارع الجزائري على وقع الجرائم والخلافات العنيفة التي تبدأ بمشادات كلامية وتتحول إلى حوادث عنيفة بين عائلتين أو قبيلتين أو "عرشين" (مجموعة من الأسرة المتفرعة من أصل جد واحد)، ولكن رغم تعدد الأسباب، إلا أن أغلبها، برأي المتتبعين، "دوافع تافهة" تشعل الشرارة الأولى وتأتي على الأخضر واليابس.

يقول الأستاذ في علم الاجتماع الأسري، سعيد نوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إننا اليوم أمام انحراف أسري وليس تجاوزات أفراد فقط، وما "مجزرة الرمشي" إلا الشجرة التي تغطي الغابة، "فالخلافات التي تنشب بين العائلات بسبب قطعة أرض أو بسبب صراع بسيط بين الأبناء، قد تودي بحياة الكثيرين".

"ومع ارتفاع نسب الجريمة بمختلف أنواعها، يشهد المجتمع الجزائري تحولا مسبوقا"، تقول الأستاذة في علم النفس الاجتماعي حفصة حمادي، لـ"العربي الجديد"، وخصوصا جرائم القتل، حيث لا يمر يوم دون تسجيل حوادث "العنف المجتمعي" الذي بات يزحف نحو الأسر، وما زاد الطين بلة هو إذكاء نيران الفتن بين الأسر، تضيف المتحدثة.

ومن خلال الواقعة المذكورة، شددت المتحدثة على أن الضحايا من المحيط القريب، أي "أقارب"، وهو ما يشير إلى أن رواسب المشاكل إن لم تتم معالجتها تتحول في المستقبل إلى "جرائم" تحركها الضغائن ويتم تفريغها لاحقا، وربما بعد أشهر أو بعد سنوات عن طريق جرائم تصل للقتل.

كما لم تغفل المختصة تأثير اتساع رقعة الاطلاع على مختلف الثقافات والأجناس وما تبثه وسائل الإعلام من عنف يومي، بالإضافة إلى تراكمات الانتقال من المناطق الريفية نحو المدن، وهو المسار الذي تم بعشوائية وخلّف ما يسمى الآن "ترييف المدن" وانتشار الجرائم بسبب الفقر في الهوامش، حيث تشهد الضواحي تمرد الأفراد على واقعهم بالسرقة والاعتداءات والاغتصاب، وغيرها من مظاهر الجريمة.

وبالأرقام، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني عن ارتفاع عدد الجرائم في الجزائر، حيث سجلت مصالحها عبر مختلف الولايات ما يربو عن 200 ألف جريمة السنة الماضية، أغلبها بالمدن الكبرى.

 

 

 

 

 

دلالات