فضّل المدافع الجزائري كارل مجاني، اختيار الدفاع عن ألوان بلده الأصلي، رغم أنه ولد ونشأ في فرنسا، ليصبح أحد أكثر اللاعبين تعلّقاً بمنتخب "محاربي الصحراء"، وصولاً إلى مساهمته الواضحة في تحقيق التأهل للدور الثاني بمونديال البرازيل 2014، كإنجاز فريد والأول في تاريخ هذا المنتخب.
وأجاب مجاني في حوار خصّ به "العربي الجديد"، عن مختلف الأسئلة بصدر رحب، كما تحدث عن المدرب جمال بلماضي، وقدرة قطر على تنظيم كأس عالم مثالية.
عشت أحداثاً وذكريات كثيرة مع منتخب الجزائر، هل لك أن تحدثنا عنها؟
سأختار ثلاثة مواقف عشتها في مشواري مع المنتخب الجزائري، وستبقى خالدة في ذاكرتي، الأولى عندما تلقّيت أول استدعاء لي، في عهد المدير الفني رابح سعدان، وذلك قبل كأس العالم 2010، إذ كانت سعادتي لا توصف يومها، أما الحدث الثاني فكان التأهل لكأس العالم 2014 بالبرازيل في مباراة فاصلة أمام منتخب بوركينافاسو بالبليدة، بينما كانت الذكرى الثالثة مباراة التأهل للدور الثاني أمام روسيا، وهنا دخلنا في تاريخ كرة القدم الجزائرية، لأننا أول جيل حقق هذا الإنجاز.
ما هو العامل الذي كان ينقصكم في أمم أفريقيا 2013 و2015 لتحققوا الإنجاز الذي حققه الجيل الحالي بمصر 2019؟
امتلك المنتخب الذي أشرف عليه بلماضي، قدرات فنية وتكتيكية كبيرة، لكن الأهم كان في العامل النفسي، الذي سهّل في تكوين مجموعة مميزة من اللاعبين، لينعكس ذلك على أرضية الميدان بأداء مميز، ناتج من خلطة سحرية وضعها جمال، ولا شك أنّه قد نجح في جمع كل النقاط الإيجابية، ووظفها في صالح الفريق، وهذا هو الفارق بين هذا الجيل وجيلنا.
إضافة إلى أن اللاعبين وصلوا لمرحلة النضج واكتسبوا الكثير من الخبرة، وتعلّموا من الخيبات السابقة، التي لم نتجرعها بسهولة، فكانت قاسية لإدراكنا بقدراتنا التي لم نستغلها بالشكل الكافي، لكنني أعتقد أن النقطة الفارقة كانت المدرب بلماضي، ولذلك فنحن سعداء اليوم جداً بما حقّقوه، خاصة أنّه جاء بعد عمل في وقت قصير.
هناك أخبار تقول إنكم طالبتم بالتعاقد مع بلماضي ليكون مدرباً لكم، هل لك أن تؤكّد ذلك؟
نعم صحيح، لقد طالبنا بجلب جمال بلماضي ليكون على رأس الجهاز الفني قبل 4 أو 5 سنوات، وتحدثنا مع الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم محمد روراوة والمكتب التنفيذي من أجل هذا، وكان ذلك لعدّة عوامل، أهمها الأصداء الجيدة التي كانت تصل إلينا عنه، ولأنه جزائري وكان لاعباً كبيراً، سواء مع الأندية والمنتخب، ولحسن حظ اللاعبين الحاليين أنّهم يتدربون تحت إشرافه، وأتمنى له النجاح الذي يستحقه عن جدارة.
قطر قادرة على تنظيم مونديال من الأفضل في التاريخ
قرّرت الاعتزال بعد قدوم المدرب ألكاراز، قبل أن تتراجع وتعود في عهد المدرب ماجر، ما السبب؟
فضّلت الابتعاد عن المنتخب لأنني فكّرت في إفساح المجال للجيل الصاعد من اللاعبين، وتجديد التشكيلة بأسماء شابة، والسماح للمنتخب في تحضير كأس العالم 2022، لكن المدرب ماجر اتصل بي، وأخبرني بأنّه بحاجة لي ولخبرتي من أجل مساعدته في تطوير لاعبين جدد، وبما أنّه كان نداء الوطن، لم أتوان للحظة في الرجوع، وهذا أمر طبيعي لأنني مرتبط جداً ببلدي وخاصة المنتخب، وكنت دائماً سعيداً بالتوجّه صوب الجزائر.
أمضيت عقداً مع نادي ساليز الهاوي، ألم تتلق عروضاً أفضل؟
جاء خياري باللعب في دوري الهواة، لرغبتي بأن أكون قريباً من عائلتي، ولم يكن هذا خياراً رياضياً، بل كان على ضوء ما أملاه عليّ قلبي، فهو واجب عائلي، لكي أرافق والدتي خلال هذا الظرف الصعب (كانت مريضة ثم توفيت)، ولا أخفي عنكم أنني تلقيت الكثير من العروض لأواصل مشواري في دوري الدرجة الثانية الفرنسي، وحتى في أندية الدرجة الأولى بتركيا والسعودية، وبلدان أخرى، لكن الظروف لم تجتمع لأحقق ذلك.
يعيش عشاق كرة القدم العربية انقساماً حول هوية الأفضل بين محرز وصلاح، فما هو رأيك؟
لم أتابع الكثير من المباريات على شاشة التلفزيون خلال هذه السنة، بالنظر لما عشته مع عائلتي (يقصد والدته)، لكن الجميع يعلم أن محمد صلاح لاعب كبير، كما يدخل في قائمة أحسن 10 لاعبين في العالم، لكن رياض محرز هو رمزنا الوطني، الأفضل من دون أدنى شك، فهو لم يتوقف عن إبهارنا، فكان أحسن لاعب أفريقي، وأحسن لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز، وهذا ما يجعلني أتوقّع المزيد منه، وهذا ما أتمناه له.
تقف قطر على قدم وساق لإنجاح كأس العالم 2022،كيف ترى ذلك؟
أنا مقتنع بأن قطر قادرة على تنظيم مونديال من الأفضل في التاريخ، فهي لديها كل المقومات الكافية، سواء من الجانب المادي أو الزاد البشري، ليقدموا لنا أفضل مونديال ممكن، ولهذا أتمنى لهم النجاح في هذه المهمّة.
آمل أن ينجح المنتخب الجزائري في التأهل والمشاركة في هذه الدورة، ويحقق اللاعبون إنجازاً أحسن مما حققناه، ومنه الحفاظ على الانطلاقة التي أبهروا بها الجميع في كأس أفريقيا الأخيرة، أما نحن، فلن نطلب منهم سوى المواصلة وجعلنا نستمتع بطريقة لعبهم.