تحلّقنا حول مائدة، أحيانا كنا ثلاثة عشر شخصاً، نقتسم ذلك الضوء الذي كان ينكسر بين أصابعنا نحيلاً مثل الفطير، أحياناً كنّا اثنين فقط، لربما أنت وأنا أو فقط ظلانا اللذان كانا جائعين.
وأحياناً كان يجلس شخص وحيد وبأصابعه كان يتحسّس الخشب، مثل الذي يبحث عن الصحن البارد حيث يرغي الضياء حتى عرفنا يوماً ما وبشكل يكاد يكون صدفة عن الموت كما لو كان الأمر يتعلّق بلعبة، في كل مساء تفضّل كراسيَ أقل معدّة حول المائدة، متعبين وهرمين لكننا كنا نركض لكي نضمن كرسياً لنَسلبَ الحياةَ الكسرةَ الأخيرةَ من الضوء.
تتصدع وفي الأخير تكسرُ الصحنَ الذي يحتويني كاملة، الصحن الذي أكون فيه كل ليلة. الصحن الذي هو أنا ذاتي، الصحن الذي أقَدِّمُ لكم فيه ما يمكن للمرء أن يأكله مني. تتصدّع وفي الأخير تنكسر كلمة صحن التي كانت تحتوي كلمة أنا، والتي كانت تحتوي كلمة أنت (تناثر حروف كما لو أن القاموس ذاته تحطم). أعرف أني مِتُّ قبل أن أتأمل جسدي الممدّد على الأرض بكثير.
فمن ذا الذي تركني أنفلت من بين يديه مِثْلَ طَقْمِ خَزَفٍ صينِيٍّ زَلِقٍ؟ أن تموت هكذا مثلما يتحطم صحن إلى ألفِ قطعةٍ وأن تتأملَ الروح وهي تضطرم مثل حساء في الخزف الأخرس.
* Gemma Gorga شاعرة كتلانية من مواليد 1968، من دواوينها: "فوضى الأيدي" (2003) "أدوات مبصرية" (2005) و"كتاب الدقائق"
** ترجمة خالد الريسوني
اقرأ أيضاً: أمتارٌ مكعّبة لنملأها بالعزلة