متى يأتي أضعف الإيمان؟

01 يناير 2015
الإيمان لا يكتمل إلا بالعمل الدؤوب المتقن والمخلص(Getty)
+ الخط -

مؤسف أن تبحث عن هذا الضعف وهو أدنى مراتب الإيمان فلا تجده، شبابنا مشغولون ببرامج الترفيه بكل تفاصيلها التافهة بلا أدنى شعور بالضيق أو الكراهية تجاه هذا الفساد المركب. قنوات فضائية لا عد لها، همها الوحيد عرض كل ما يخدش أحلام الشعوب، وبالإضافة إلى ما ترفضه أخلاق المجتمع جملة وتفصيلاً، أصبح اليوم عادياً ولا يعترض عليها أحد، وحفلات ماجنة يتجاوز فيها القائمون عليها كل الأعراف والعادات والتقاليد والدين والخطوط الحمراء والزرقاء والصفراء ومع ذلك لا تجد صوتاً قوياً واضحاً شجاعاً يرفض أو ينكر!

هل الأمر طبيعي أن تمر كل هذه الفوضى وهذا الإفساد المتعمد لشباب الأمة مرور الكرام؟ هل الوضع انعكاس لعبور مرحلة ضعف الإيمان وتعديها للوصول إلى مرحلة انعدام الإيمان نهائياً؟ هل أصبحت ذرة الإيمان مفقودة لدينا؟

عندما تكون غريباً بين أهلك وإخوانك وأصحابك، ويصبح رأيك الرافض لهذه المهازل نشازاً فاعلم بأن المطلوب منك أكبر ودورك أعظم في إرجاع المياه لمجاريها، فهذا التطبيع مصيبة، والسكوت والتجاهل مصيبة أكبر، وإذا تخلى كل شاب عن دوره في توعيه الآخرين حتماً لن يقوم بهذا الدور أحد، وإن كثر المفسدون فهذا ليس مبرراً لمشاركة الصامتين صمتهم.

المثير للذهول هو أن كثيرين ينتظرون نتائج جهود لم تُبذل، بل الغالبية ممن ينتظرون النتائج بإلحاح هم المتفرجون، ولأنهم لا يعملون تجد عندهم الفراغ، وفراغهم يدفعهم لاستعجال الوصول لحلول ناجعه ومرضية لهم، ولا نطعن في النوايا بل نعلم صدق وصفاء نيات الغالبية العظمى منهم، ولكن لا فائدة من النيات الصادقة إذا لم تترجم لأفعال متقنة على أرض الواقع، أفعال تقتلع الفساد اقتلاعا، تقطع على الفسدة تماديهم ومشاريعهم الحقيرة، وتوقفهم عند حدهم، وهذا أضعف الإيمان.

إذا هو الإيمان بالدرجة الأولى، قولاً وفعلاً، وتصديق هذا الإيمان لا يكتمل إلا بالعمل الدؤوب المتقن والمخلص، كما قال شيخ الإِسلامِ ابن تيمية: "أجمع السلف أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص"، ولنا في قصص الأنبياء عبر وحكم كثيرة، فلم يشفع لفرعون قوله لا إله إلا الله، ولا قوم صالح الذين آمنوا بقلوبهم، أي عرفوا الحق ولكن أفعالهم جاءت مناقضة لالتزامات هذه المعرفة.

لعل أعداء شباب الأمة نجحوا في كثير من أهدافهم التطبيعية لقلوب الشباب مع ما يلهيهم عن هموم مجتمعهم وواجباتهم تجاه النهوض بواقعهم، ولكن هل سنترك الساحة لهم لتحقيق كل أمانيهم بتدمير شباب الأمة وتسطيحهم ونكتفي بالوقوف متفرجين؟


*البحرين

المساهمون