متلازمة الهجرة والاحتراب تعصف بشباب لبنان

14 مايو 2015
+ الخط -
هجرة... سفر... هذه هي الحالات في لبنان... هجرة الأدمغة إلى الخارج، سفر الشباب إلى المهجر ومجالات البعد عن الوطن الأم كثيرة. فأن تكون صاحب طموح في لبنان مهمة شبه مستحيلة، أما أن تكون شابا مستسلما للفساد والبطالة، فأنت في المكان الصحيح في بلدك!

الشباب هم نبض الحياة في المجتمع، وعماد الأمة، وسر النهضة فيها. هم رمز الفكر والتنمية، وأصحاب الحركة والحماس. يواجه الشباب اللبناني اليوم العديد من المعوقات أمام تحقيق أحلامهم والوصول إلى طموحاتهم كالبطالة، وغياب الدعم الرسمي، والمشاكل الأمنية والسياسية والمادية التي تمنعهم من تأسيس حياتهم الخاصة، مما يدفعهم إلى اللجوء إلى حلَّيْن، أولهما "الهجرة" للبحث عن سبل عيش أفضل، ولكن من الغريب أن ليس بمتناول دولة "سطع نجمها بمغتربيها"، كدولتنا، معلومات رسمية دقيقة حول حجم الهجرة وأنماطها، إلا أنه بحسب أحدث دراسة أجراها "برنامج الأمم المتحدة للتنمية"، يتبين أن أكثر من 35% من شباب لبنان هم في المهجر، أو يفكرون بالهجرة. أما الحل الثاني فهو الاستسلام لواقع الحياة المرير والتوجه نحو الآفات، كالمخدرات، تمهيداً للدخول في نفق الإرهاب المظلم.
وتعتبر الحكومة اللبنانية القطاع الشبابي قطاعاً هامشياً، و لم يحتل يوماً سلم أولوياتها، وذلك بالرغم من أرقام البطالة الضخمة، حيث إن 31% من شباب لبنان لا يعملون، و41% منهم يعملون في غير اختصاصهم، ومن المتوقع زيادة هذه الأرقام حتى سنة 2020 . إن الصوت الذي يمثل 28% من الشعب اللبناني، أي وزارة الشباب والرياضة، يعتبر"إدارة مُهملة وثانوية" من قبل الدولة . نشأت الوزارة سنة 2000، وتوالى عليها العديد من الوزراء، إلا أن مديرية الشباب والرياضة موجودة منذ عام 1967، ومديرها العام الحالي، زيد خيامي، يشغل المنصب منذ عام 1994، وهناك العديد من المعوقات التي تمنع الوزارة من الاهتمام بقطاع الشباب، بحسب خيامي "بدءاً من الموزانة المتواضعة، التي أصبحت 24 مليار ليرة في عهد فيصل كرامي، بعدما كانت 7 مليارات ليرة، وصولا إلى غياب إيديولوجيا دعم الشباب في الدولة وأجهزتها الرسمية". أما عن الوثيقة الشبابية، فقد تحولت من "نقطة خلاص للشباب" إلى "ملف مرّ عليه الدهر في جارور المجلس النيابي" وعندما سألنا عن آلية صرف الـ24 مليار ليرة، خاصة أن هذا المبلغ كفيل بضمان تغيير لا يستهان به في قطاع الشباب، جاء الجواب "إن الدولة لا تعطي الأولوية للشباب، وهناك اهتمام أكبر بقطاع الرياضة". 

للاغتراب اللبناني ألف حكاية وحكاية، منها مكللة بالنجاح والازدهار، و أخرى مليئة بالذكريات السوداء، فلكل هجرة دوافع. عدد كبير من المغتربين الشباب اللبنانيين كانت لهم إبداعاتهم في عالم الاغتراب على العديد من الأصعدة، وفي كافة المجالات، ويقول إيلي ضاهر، مدير شركة "Stratton Yorks"، المتخصصة في تنمية الموارد البشرية وإدارة الاعمال، إن "لبنان بلد مليء بالكفاءات، إلا أن غياب المحفزات اللازمة لدعم طموحه جعلته يقف أمام الهجرة حَلّاً أخيراً. أما اليوم، فالوضع الاجتماعي هو الذي يجبر الشباب على مغادرة البلد". وختم ضاهر كلامه بتشجيع الفئة الشابة على تأسيس حياتهم العملية في الخارج، ولكنه يحضهم على العودة الى الوطن وتوظيف قدراتهم في خدمة لبنان". أما بالنسبة لفردّ حداد، الذي هاجر منذ فترة طويلة، ويعمل حاليا في شركة رائدة في مجال العقارات في كندا، فالأسباب التي دفعته للهجرة عديدة "بدءاً من ظروف الحرب القاسية، مروراً بعدم القدرة على التعلم بسبب قلة الجامعات آنذاك، وصولا إلى تعقيد الوضع الأمني والاجتماعي والاقتصادي في البلد أثناء فترة الحرب الأهلية".

في النهاية، يبقى اللوم الأكبر على الشباب اللبناني، الذي يقف "كالأصنام الصامتة" أمام دولة لم تهتم به يوماً.


(لبنان)
المساهمون