متحف الفن المصري الحديث

27 يونيو 2017
دار الأوبرا في القاهرة (Getty)
+ الخط -
في أثناء ثورة 1919، ظهر دور كبير لعدد من الفنانين التشكيليين الذين أثروا في الحياة الثقافية للشعب الثائر، لما للفن دور مهم في أثناء الأزمات السياسية والاجتماعيّة. هذا الدور، قاد مجموعة من المصريين إلى تشكيل جمعية أهلية أطلقوا عليها "جمعية محبي الفنون الجميلة"، والتي أقامت معرضاً مُنتظماً سمته "صالون القاهرة". كان يتمُّ تنظيمه بفندق سافوي القديم في وسط القاهرة. بدأ المعرض عام 1921 برعاية الأمير كمال حسين مؤسس مدرسة الفنون الجميلة (كلية الفنون الجميلة حاليا) وافتتح المعرض الزعيم سعد زغلول.

عُرضت في الصالون أعمال عدد من الفنانين أمثال محمود مختار ومحمد ناجي وراغب عياد ومحمود سعيد ويوسف كامل ومحمد حسن ولبيب تادرس. ولكن الخطوة الأكثر أهمية، والتي زادت من انتشار الفنون التشكيلية، وازدهارها في ذلك العصر الجميل، هي إنشاء معرض الطلائع للفنانين أقل من سن الثلاثين عاماً. وأصبح صالون القاهرة ومعرض الطلائع هما بوابة الفنانين إلى عالم الشهرة والمعرفة، إذا يكفي للفنان أن يعرض أعماله هناك حتّى يدخل عوالم الشهرة.
في عام 1927، اقترح، محمد محمود خليل، وهو من أشهر الشخصيات التي أثرت في الفنون المصرية الحديثة، إقامة متحف دائم يضم الأعمال الفنية التي تُعرض، حتى يتسنى لمن يحب الفنون أن يشاهدها في أي وقت بالعام. كان خليل يؤمن أن هذه الكنوز الفنية جديرة بوضعها في مكان ملائم لها.
أول مقر لمتحف الفن المصري الحديث، كان غرفة صغيرة داخل جمعية محبي الفنون في سراي تيجران في شارع إبراهيم باشا (شارع الجمهورية حاليا) وسط القاهرة الخديوية، ثم مع كبر حجم المعروضات، وزيادتها المستمرة، حيث وصلت إلى 51 لوحة لفنانين مصريين، و63 لوحة وعملا فنيا لفنانين أجانب، بالإضافة إلى عدة تماثيل للفنان محمود مختار، أصبح للمتحف مبنى مستقل في عام 1936. ثم توالت الانتقالات حتى وصل المتحف إلى قصر الكونت زغيب في شارع قصر النيل بميدان التحرير، وهو من الأماكن ذات الطبيعة الجميلة، والموقع الرائع وقتها.
صدر عام 1931 أول دليل للمتحف، أصدرته مدرسة الفنون الجميلة، وعام 1935 صدرت طبعة ثانية للدليل تضم 224 صفحة تحوي أكثر من ثمانين صورة لمقتنيات مختارة من المتحف، كان الدليل بالعربية والفرنسية، وثمنه عشرة مليمات فقط.
ولكن جاءت ثورة يوليو، وسيطر مجموعة من العسكريين الكارهين لكل منجزات العهد الملكي، فقاموا بهدم قصر زغيب الأثري وتدمير مكتبته الكبيرة، وتحويل القصر إلى كراج للسيارات. ثم نُقِلَت مقتنيات المتحف من أعمال الفنانين المصريين إلى فيلا إسماعيل باشا أبو الفتوح في ميدان فيني في حي الدقي الراقي بمحافظة الجيزة. بينما نقلت أعمال الفنانين الأجانب إلى متحف الجزيرة للفنون الذي لاقى حتفه بعد ذلك سريعا وأغلق لتدهور حالته، وذلك بسبب قلّة الاهتمام به.
عام 1983 انتقلت المقتنيات الناجية من الحرب على الفنون، إلى أرض المعارض بالجزيرة في "سراي 3" قبل أن تتحول أرض المعرض إلى دار الأوبرا الجديدة، وليتحول سراي عرض اللوحات إلى متحف الفن المصري الحديث الذي افتُتح من جديد عام 1991، ليحفظ ما تبقى من تراث فنون طاولتها أياد لا تعرف سوى العبث والسرقة والتخريب.




المساهمون