متحف العبودية بغوادلوب الفرنسية يثير قضية التعويضات

13 مايو 2015
هولاند يقطع الطريق على المطالبة بالتعويضات(فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

بالتزامن مع 10 مايو/ أيار، اليوم الوطني الفرنسي لمكافحة الاسترقاق وتجارة الرقيق، دشّن الرئيس فرانسوا هولاند، أثناء زيارته الانتخابية، السابقة لأوانها، لجزيرة غوادلوب أكبر متحف تذكاري للعبودية.

وإذا كانت هذه اللفتة، قد أثارت الكثير من الأمل لدى المنحدرين من العبيد في فرنسا ومستعمراتها، فإن الكثير من هؤلاء اعتبروها ناقصة، وأنّ بمقدور فرانسوا هولاند والدولة الفرنسية أن تفعل الكثير على غرار ما فُعِلَ مع ضحايا النازية من اليهود، أي التعويض.

وهو ما أكدّ عليه، من جديد، المجلس التمثيلي للجمعيات السوداء في فرنسا (CRAN)، حين طالَبَ يوم 10 مايو/أيار عائلات من مدينة بوردو، وأيضاً من مؤسسات مصرفية بالتعويض، بسبب استفادتها من تجارة الرقيق. كما دعا زعماء آخرون من غوادلوب الرئيس الفرنسي أن يطلب، باسم الشعب الفرنسي، الصفح بسبب الجرائم التي ارتكبت أثناء نقل ملايين الفقراء.

وإذا كانت وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا (ذات الماضي النضالي والاستقلالي في منطقة غويانا)، انتهزت الفرصة وأصدرت كتاباً جديداً يتناول قضايا العنصرية التي لا تزال قوية في فرنسا، من قبل الوسط السياسي ومن عموم الفرنسيين العاديين. والتي ردت عليهم بجملة قوية: "يريدون دفعي للانتحار، ولكنّي لن أفعل"، إلا أن الكثير من المنحدرين من العبودية يلومونها لأنها، بعد أن قبلت بمنصب الوزارة الفرنسية، تخلت عن الكثير من مطالبها السابقة ومن بينها اعتذار الدولة الفرنسية عن جرائم الاسترقاق والعبودية والحق في التعويض المادي، بل وحتى عن استقلال غويانا.


ويتناول كتابها الجديد هذه القضية المؤلمة (تجارة الرقيق التي تعتبرها كريستيان توبيرا أصلَ العنصرية. وتستعرض كل ما رافق هذه التجارة من مآسٍ وقتل واغتصاب وتعذيب إلخ) التي لا تزال المدرسة الفرنسية تأبى أن تُدرّسها لتلاميذها، لحد الساعة، وإن كان مشروع إصلاح الوزيرة نجاة فالو بلقاسم يتضمن تدريسها.

وإذا كان هذا المتحف التذكاري في غوادلوب، قد استغرق بناؤه عشر سنوات وكلّف 83 مليون يورو، إلا أن الكثير من أنصار الاستقلال في غوادلوب يرفضون الفكرة التي يُعبّر عنها وهي مسؤولية الأفارقة أنفسهم في تجارة الرقيق، ويدينون، بقوة، تصريح الرئيس فرانسوا هولاند الذي أكد أنه من غير الوارد أي تعويض مادي عن تلك الفترة وتلك المآسي التاريخية. 

ولم يُخفِ إيلي دوموتا، القائد النقابي والسياسي في غوادلوب (والذي نجح سنة 2009 بمعية كريستيان توبيرا في شلّ غوادلوب بعد إضراب طويل)، خيبته من إنفاق أموال باهظة على هذه المنشأة والتي كانت ضرورية لمعالجة الوضع الاقتصادي المتردي، وخيبته أيضاً من الاستغلال السياسوي لها، في الصراعات الداخلية بين تيارات الحزب الاشتراكي الحاكم.

 كما أنّه واذا كان الاستقبال الذي حظي به الرئيس فرانسوا هولاند، في غوادلوب "الفرنسية"، رغم مطالبات كثيرة بالاستقلال، حافلاً، خصوصاً من قبل أنصار الحزب الاشتراكي، بسبب الانتظارات الكثيرة من قبل مواطني هذه المنطقة، التي يعيش 60 في المائة من أبنائها في بطالة مزمنة، فإن استقبال الرئيس كان صاخباً في دولة هايتي، لأن الكثير من أبناء هذه الدولة التي لا تزال تعاني من آثار زلزال 2010 الذي أودى بحياة 230 ألف شخص، يطالبون باستعادة الأموال التي دفعوها للقوة الاستعمارية الفرنسية مقابل الحصول على الاستقلال، وهي في حدود 17 مليار يورو، والتي تسببت في فقر مدقع في هايتي. كما يطالبون فرنسا التي استعبدتهم بدفع التعويضات عن هذه الحقبة المؤلمة من تاريخهم.

وخلال هذه الأوقات لا يزال الفنان الساخر ديودوني مبالا مبالا، الذي وصفته الوزيرة كريستان توبيرا، بأنه "مهرّج يثير الشفقة"، بعد أن عاب عليها التنكر لماضيها التاريخي والشخصي وخدمة الرجل الأبيض، يستمد من هذه المواقف الرسمية الفرنسية مادة دسمة لمسرحياته.

مسرحيات تحكي عن رؤية الساسة الفرنسيين لماضيهم الكولونيالي من خلال تراتبيات لا تُساوي بين الضحايا وتَحرِم البعض من التعويضات. التعويضات التي تراها أنجيلا دايفيس، أيقونة النضال من أجل الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي، ضروريةً، وإن كانت لا تريد أن تكون مالية، بل "على شكل خدمات تصل إلى عموم المواطنين".

اقرأ أيضاً: العثور على مقبرة للاتجار بالبشر في تايلند

المساهمون