مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى السعودية تواجه انتقادات متزايدة بسبب الحرب في اليمن
وقالت عشر منظمات غير حكومية للعمل الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان، أمس الأربعاء، إنّ على الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون وضع اليمن في صلب محادثاته مع (ولي العهد السعودي) محمد بن سلمان"، الذي أعلن الإليزيه أنّه سيقوم بزيارة رسمية إلى فرنسا في التاسع والعاشر من إبريل/نيسان.
وطالبت هذه المنظمات "بوقف عمليات القصف التي تستهدف مدنيين"، و"برفع كل العراقيل أمام إيصال المساعدة الإنسانية والسلع التجارية إلى اليمن".
وتتواجه في الحرب اليمنية قوات موالية للحكومة تدعمها السعودية والإمارات، وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، الذين تتهم إيران بدعمهم عسكرياً، ويسيطرون على العاصمة صنعاء.
وأدت الحرب منذ التدخل السعودي على رأس تحالف عسكري عربي، بقيادة السعودية، في مارس/آذار 2015، إلى سقوط حوالي عشرة آلاف قتيل، واندلعت أزمة تصفها الأمم المتحدة بأنها "أسوأ كارثة إنسانية في العالم".
وقالت مديرة الفرع الفرنسي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، بينيديكت جينرود، إنّ "الرياض تقود تحالفاً قتل وجرح آلاف المدنيين"، مشيرة إلى أنّ "عدداً من هذه الهجمات قد تكون جرائم حرب".
وأضافت "بمواصلتها بيع السعودية أسلحة، يمكن أن تصبح فرنسا شريكة في انتهاكات خطيرة للقانون الدولي وتوجه رسالة مفادها الإفلات من العقاب" إلى القيادة السعودية.
ومع أنّها تعبر باستمرار عن استيائها من "الأضرار الجانبية" في صفوف المدنيين اليمنيين، تبقى فرنسا من بين المصادر الرئيسية للمعدات العسكرية للسعودية والإمارات العربية المتحدة.
وفي سوق تشهد ازدهاراً كبيراً، تتنافس باريس، واشنطن ولندن. فحسب معهد الأبحاث السويدي "سيبري"، ارتفعت مبيعات الأسلحة في الشرق الأوسط، خلال السنوات العشر الأخيرة، بمقدار الضعف، وباتت هذه المنطقة تستورد 32 بالمئة من واردات الأسلحة في العالم.
رقابة برلمانية "غير موجودة"
وقال عضو الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، أنطوان مادلان: "من السفن إلى الطائرات والمروحيات والصواريخ. فرنسا تبيع السعودية أسلحة من دون أن تأخذ في الاعتبار المبادئ التي تدافع عنها على الساحة الدولية"، مُذكراً بأن دولاً أوروبية أخرى، مثل النروج وألمانيا وبلجيكا، اتخذت إجراءات للحد من استخدام معداتها في اليمن.
وتنوي منظمات عدّة اللجوء إلى القضاء، معتبرةً أن فرنسا تنتهك خصوصاً اتفاقية تجارة الأسلحة التي وقعتها باريس في 2014، وتنص على امتناع الدول الأعضاء فيها عن نقل أسلحة يمكن أن تستخدم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
أما الحكومة الفرنسية، فتؤكد أنها تمتلك "نظاماً متيناً وشفافاً لمراقبة تصدير المعدات الحربية"، وتتخذ قرارات التصدير "في إطار احترام صارم لالتزامات فرنسا الدولية".
ويؤكد مكتب رئيس الوزراء الفرنسي أن "إجراءات المراقبة المتعلقة بقضية اليمن، تم تعزيزها بشدة في الأشهر الأخيرة".
وذكرت منظمة "العفو الدولية" أنّ هذه الحجج يصعب أنّ تكون مقنعة، لأن النظام "غير شفاف".
من جهته، يطالب النائب سيباستيان نادو، العضو في الأغلبية الرئاسية، بإنشاء لجنة برلمانية للتحقيق حول مبيعات الأسلحة إلى أطراف النزاع في اليمن.
وقال النائب إنّ "الأمر يتعلق بمعرفة ما إذا كانت فرنسا احترمت إلتزاماتها الدولية في هذا المجال"، معبراً عن أسفه "لعدم وجود" رقابة برلمانية على مبيعات الأسلحة.
وأضاف أن "هذه المراقبة محض إدارية، والبرلمان يملك بعض المعلومات لكن ليست لديه أي تفاصيل".
ووجدت هذه المواقف صدى لدى الرأي العام الفرنسي. فقد أشار استطلاع للرأي أجراه معهد "يوغوف"، أخيراً، إلى أنّ ثلاثة من كل أربعة فرنسيين (74 بالمئة) يعتبرون "من غير المقبول" أن تبيع فرنسا إلى السعودية معدات عسكرية، بينما ترى غالبية ساحقة منهم (88 بالمئة) أن على فرنسا وقف تصدير أسلحة إلى دول يمكن أن تستخدم فيها ضد سكان مدنيين.
وقالت رئيسة المنظمة غير الحكومية "مواطنة"، التي تحصي انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، راضية المتوكل: "كيف يمكن لرئيس شاب متعلم ألا يأخذ في الاعتبار مصير المدنيين اليمنيين؟". وأضافت محذرة أن "التاريخ لن ينسى أبداً".
(فرانس برس)