تُحقّق مباريات كأس العالم أعلى نسبة مشاهدة في الخرطوم، وعلى غير المتعارف به تحرص النساء من مختلف الأعمار على مشاهدتها، رغم أن اهتمامهن بهذا الجانب بالنسبة للمباريات المحلية يكاد ينعدم.
وبدأ السودانيون بتعميم رسائل طريفة على "فيسبوك" و"واتساب"، أضافت رونقاً خاصاً للمونديال، تتوجّه للزوجات وتطالبهنّ الالتزام بقواعد محددة طيلة فترة المونديال حتى يتمكن الأزواج من مشاهدة المباريات دونما إزعاج.
ومع انطلاقة الدورة الجديدة للمونديال، انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار المونديال وانتشرت الدعابات الخاصة بالفعالية والترتيب لها. وانتشرت في طرقات الخرطوم اللافتات الدعائية للمقاهي والنوادي لجذب المشاهد السوداني، كما بدأت شركات الاتصالات بالإعلان عن مراكز مشاهدة مجانيّة في الحدائق العامة.
على المستوى الشعبي، لجأ عدد من الشباب إلى طلي سقف سياراتهم بأعلام الفرق المشاركة في المونديال تشجيعاً لها، وبدأت المجموعات بالتنسيق لتحديد النادي الذي سيتجهون إليه لمشاهدة كأس العالم.
تنتشر في الشوارع السودانية القمصان التي تحمل صوراً لنجوم المونديال، وكذلك قصّات الشعر التي تتمثّل بهم. وينقسم السودانيون في تشجيع منتخبات البرازيل وجنوب افريقيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، كما يحرصون على تشجيع الفرق العربية والإفريقية المشاركة.
يقول المشجّع المتعصّب أحمد الخليفة لـ"العربي الجديد" إنه ينتظر انطلاقة مباريات كأس العالم ويعدّ لها أكثر من شهر رمضان الذي يصادف المونديال. وأكد أنه يحرص عادة على مشاهدة المباريات مع أصدقائه في النادي، لافتاً إلى أن تواصله الاجتماعي يتوقف بكافة أشكاله "حتى إشعار آخر"، قاصداً حتى انتهاء المونديال. ويشرح الخليفة أنه يحرص على ألا يتعارض عمله مع المباريات المهمة في المونديال، كذلك يحرص على أن تكون إجازته السنوية خلال هذه الفترة.
وعادة ما تمتلئ نوادي المشاهدة إلى آخرها، ويحرص البعض على الحضور في وقت مبكر لاختيار أفضل الأماكن، كما يلاحظ وجود الفتيات المشجّعات. وعادة ما تنشأ من داخل أندية المشاهدة المختلفة علاقات اجتماعية ممتدة، وصداقات بسبب التقارب في تشجيع الفرق، والتواجد المشترك بشكل يومي.
يقول محمد عبدالله، صاحب أحد الأندية في الخرطوم، إن "الإقبال على الأندية عادة ما يكون من قبل الشباب، وعدد من الفتيات المهتمّات بالجانب الكروي". ويؤكد أن الأندية تتبارى في جذب المشاهدين عبر تقديم خدمات بأسعار مميزة، لافتاً إلى أن "المشاهد عادة ما يدفع نحو أربعة دولارات نظير المشاهدة، كما تُقدّم خدمات القهوة والشاي والنارجيلة بأسعار رمزية".
أما عمرو مصطفى فيؤكد أنه بدأ مع أصدقائه باستقطاع مبالغ معينة من كل شخص لشراء جهاز "بي إن سبورتس" الناقل الحصري في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، والذي يبلغ سعره في الخرطوم 520 دولاراً، ليتمكنوا من مشاهدة المباريات سوياً في منزل أحدهم.
ويرى أن "المونديال بمثابة تظاهرة احتفالية بالنسبة للالتقاء بشكل يومي بعد لقاءات متقطعة بسبب مشاغل الحياة"، معتبراً أن تزامن المونديال مع شهر رمضان سيقود إلى التخلي عن بعض النشاطات التي تعوّدوا عليها، كلعب الورق والدومينو على كورنيش النيل. ويتذكر مصطفى أنه في مباريات سابقة حذّر حبيبته من الاتصال به خلال المباراة. يضيف ضاحكاً: "فصارت تتصل بين الشوطين".
وذكر مصطفى أن المباريات تشهد تعصباً بسبب اختلاف الحاضرين في تشجيع الفرق؛ الأمر الذي يقود أحياناً للحدة في النقاش، وربما للمقاطعة "لكن هذا الأمر ينتهي بانتهاء المونديال".
وفي الرسائل الطريفة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي بدأ السودانيون بتعميمها، يطلب الزوج من زوجته أن تبدأ بمطالعة الصحف الرياضية وكل ما ينشر بشأن المباريات لتتمكن من مشاركته الحديث، وإلا "سيكون مصيرها التجاهل". كما حذّرها بأن لا تحاول الاقتراب من جهاز التلفزيون باعتباره "ملكاً خاصاً" طيلة المباريات، وفي كل الأوقات، مع السماح لها بفترة ساعتين لمشاهدة ما تريده في توقيت محدد لا يتزامن مع توقيت المباريات.
وتطالب الرسائل الزوجة، في حال اضطرت للمرور أمام التلفزيون أثناء مشاهدة الزوج للمباراة، أن تخفض رأسها كي لا تفوّت على الزوج أي لقطة. فالزوج خلال مباريات المونديال "لايسمع. لايرى. لايتكلّم".
ويحذّر الزوج في الرسائل زوجته بشدّة أن لا تحاول استفزازه عبر التقليل من قيمة المونديال بأن تقول له عبارات مثل "هذه مجرد لعبة"، مشدداً على أنه لن يقبل بأي حال أن تظهر تذمراً من مشاهدته لإعادات الأهداف المهمة، وإن تم تكرارها مئة مرة، وتذكيره بأنه سبق وشاهدها. كما يدعو زوجته إلى الابتعاد عن المناسبات الاجتماعية التي تتطلب تواجده، لأنه لن يشارك فيها إطلاقاً.