مبادرة تعيد الغذاء الصحي إلى مائدة السودانيين

31 يناير 2017
سنحقق شعار: قُوتنا من بيوتنا (أشرف شاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -

أزمة الغذاء في السودان والحاجة المستمرة إلى المزيد دفعتا إلى تأسيس مبادرة على المستوى الشعبي لتأمينه. وهو ما يحقق نجاحاً في الفترة الأخيرة، خصوصاً مع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لحشد أكبر عدد من المشاركين.

في الفترة الأخيرة، انتشرت مبادرة بين السودانيين تحثّهم على استغلال المساحات الفارغة في المنازل والأسطح من أجل إحياء الزراعة الأسرية، فضلاً عن توفير الغذاء الصحي والمساهمة في تأسيس قاعدة اقتصادية ضخمة قائمة على هذا النشاط، خصوصاً مع تمدد المبادرة إلى الأحياء في مختلف المدن.

وأنشأ القائمون على "مبادرة الزراعة" 14 مجموعة على تطبيق "واتساب"، عشر منها متخصصة في الزراعة والبقية في رعي المواشي والدواجن، بهدف تمكين أكبر شريحة من الناس من الاستفادة من خدمات الإرشاد والتوجيه والإجابة على كل الاستفسارات المتعلقة بالأساليب والبزور والأسمدة. وهي معلومات يتولى الإجابة عنها أكاديميون وخبراء في هذه المجالات.

في هذا الإطار، يقول المنسق العام للمبادرة أبو عبيدة بشير إنّها "محاولة للهروب إلى الأمام بالترافق مع الأزمات الاقتصادية التي تحيط بالبلاد والمشاكل الصحية الناتجة عن استخدام الأسمدة". ويوضح أنّ "المبادرة تعني تَحرّك المجتمع من أجل الصحة العامة والاقتصاد الجيد المنتجَين داخل المنازل بالذات. بذلك، يسبق المجتمع الحكومات ويحسّن أحواله بنفسه".

يؤكد بشير أنّ المبادرة من شأنها أن تمثل نواة لتطوير عدد من الصناعات المنزلية التحويلية التي تساعد في زيادة الدخل للأسر البسيطة، فضلاً عن إسهامها في تحقيق الترابط الأسري بالالتفاف حول القيم المرتبطة برعاية المزروعات. يشير إلى أنّ المبادرة تستهدف كلّ القطاعات من شباب وربات منازل وأطفال إلى العاملين في الحقل التربوي. ويوضح: "نريد أن يعود أصحاب المنازل ذات المساحة الواسعة إلى إنتاج طعامهم بأنفسهم، وأن تتعزز المسؤولية لدى الأطفال عن طريق اعتنائهم بالمزروعات، وهو ما يدرّبهم على الصبر كذلك". يضيف: "عن طريق الإنتاج المنزلي، يمكن تأسيس مزارع منزلية قادرة على محاربة سماسرة الخضار، بل كذلك إنتاج خضار وفواكه خالية من الأسمدة الضارة والتخلص من فاتورة كثير من الأدوية والعلاجات، من خلال تأمين البديل الغذائي العضوي الصحي".




يصنّف السودان من الدول التي تملك أراضي زراعية خصبة، وتصل مساحتها إلى 200 مليون فدان. لكن، على الرغم من ذلك ومن شعار "سلة غذاء العالم" الذي رفع طويلاً، لم تُستثمر الأراضي كما يجب.

من جهتها، تقول فاطمة، وهي ربة منزل، إنّها عمدت إلى استغلال المساحة الفارغة في بيتها بزراعتها بنفسها بعد استشارة خبراء، خصوصاً أنّ مساحة منزلها كبيرة وتبلغ 400 متر. تشير إلى أنّها زرعت مجموعة من الخضار كالجرجير والملوخية والخيار والكوسا، موضحة: "أحصل على ما يكفيني من الخضار، وأبيع الباقي للجيران في الحي". تؤكد أنّ "الزراعة لم تكلفني مبالغ كبيرة، بل كان في مقدوري تأمينها. وحالياً، بعد نجاح التجربة، أفكر في التوسع خارج المنزل عبر استئجار مساحات أوسع أزرعها وأغزو بمحصولها الأسواق".

أما رندا، وهي موظفة، فتقول إنّها قررت أخيراً بعد انضمامها إلى المبادرة استغلال المساحات في منزلها وزراعتها. وبالفعل، بدأت خطوات فعلية بعد استشارة متخصصين في مجموعة القرويات العائدة للمبادرة، وقد سهّل هؤلاء مهمتها. تعلّق: "بصراحة، كنت أعتقد أنّ الأمر صعب وفي حاجة إلى رأس مال كبير، لكنني وجدت العكس. وبالتأكيد سنحقق شعار: قُوتنا من بيوتنا".

في السنوات الأخيرة تلقى السودانيون تحذيرات خاصة بعشوائية استخدام المبيدات من قبل المزارعين وتأثيراتها على صحة الإنسان والحيوان. ربط بعضهم بينها وبين الانتشار المخيف لأمراض السرطان في البلاد، فضلاً عن حالات التسمم وارتفاع نسبة الوفيات المرتبطة بها.

في هذا الإطار، تعدّ الخبيرة في المبيدات الزراعية عوضية محمد أحمد أنّ فكرة الإنتاج المنزلي من شأنها أن توفر غذاءً صحياً، فضلاً عن تحقيق اكتفاء ذاتي، خصوصاً في حال التزمت تلك الفئات بالإرشادات المتصلة بالمبيدات. تضيف: "أعتقد أنّ الالتزام ممكن لأنّ الأهالي سوف يزرعون من أجل غذائهم هم بالذات لا في سبيل المنافسة في السوق". تتابع أنّ المشاكل الناجمة عن المبيدات تتصل بسوء الاستخدام، أي مخالفة الطرق الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية التي تشترط ترك المبيدات على الخضار والفاكهه لمدة أسبوعين بعد رشّها لضمان خلوّها من بقايا المواد المسرطنة قبل الاستهلاك. مع ذلك، يعمد بعض المزارعين إلى جنيها فوراً من دون مهلة الأسبوعين، في ظل التنافس على السوق. كذلك، تشير محمد أحمد إلى مشكلة متصلة ببائعي المبيدات بالذات الذين لا يتورّع بعضهم عن بيع كلّ أنواع المبيدات بما فيها تلك المحظورة.