أضعفت الحرب في اليمن، نشاط المؤسسات الحكومية، لاسيما بعد سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) عليها، ووضع مندوبين ولجان تابعة لها تسير أعمالها، منذ سيطرتهم عليها في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وهو الأمر الذي دفع ببعض المبادرات الشبابية والقبلية للظهور لملء الفراغ الناتج عن غياب الدولة.
وأمام المعاناة الناتجة عن هذا الفراغ، تحاول بعض المكونات المجتمعية المساعدة في تخفيف معاناة المجتمع بإمكانيات بسيطة وإجراءات تقليدية.
عبد الفتاح العريقي (23 عاماً) أحد الشباب الذين شاركوا في مبادرة شبابية لتنظيف الحي الذي يسكنه بمحافظة تعز (وسط)، بعدما تراكمت النفايات وعجزت سلطات البلدية عن رفعها كما جرت العادة.
يقول لـ"العربي الجديد": "أصبح وجود النفايات بهذا الشكل والكم يهدد حياة أهالي الحي، بعد سقوط الأمطار وارتفاع درجات حرارة الجو"، إذ ساعدت على انتشار عدد من الأمراض الحميّة على رأسها حمّى الضنك، وأن النفايات والأمطار أدت إلى تكاثر البعوض على نطاق واسع، لافتاً إلى عجز مكتب الصحة والسكان بالمحافظة عن مواجهة الحشرة، لتكون سبباً في انتشار حمّى الضنك على نطاق واسع بين سكان الحي.
ويشير إلى أنّه "أصيب كثير من أهالي الحي، أغلبهم أطفال بحمّى الضنك، وهذا كان أحد الأسباب التي دفعتنا للقيام بمبادرة رفع النفايات، وتنظيف شوارع الحي رغم إمكاناتنا المحدودة". كما أكّد أن المبادرة ذاتية، ولم تتلق أي دعم من أي جهة، وأن شباب الحي وفروا أدوات التنظيف من منازلهم وعملوا لمدة يومين متتاليين.
وبلغ عدد المصابين بحمّى الضنك في محافظة تعز وحدها، التي تعد أكبر محافظات اليمن من حيث عدد السكان، أكثر من 21 ألفاً من السكان وتسبب في موت أكثر من 100 شخص بحسب تقارير إعلامية.
في هذا السياق، نفذت مجموعات شبابية عدداً من المبادرات لتنظيف أحياء وشوارع محافظات مختلفة، كان آخرها الأسبوع الماضي، في مدينة التواهي بمحافظة عدن (جنوب).
وعملت المبادرة التي حملت اسم "يداً بيد عدن أجمل"، على نظافة شاملة لعدد من الأحياء والشوارع في مدينة التواهي، بينها سوق عامر المركزي.
حلول قبلية
من جهةٍ أخرى، ومع توقف الحكومة عن صرف الإعانات الشهرية للحالات الأشد فقراً، التي تستهدف حوالى مليون ونصف مليون فقير، منذ بداية العام الحالي، امتدت المبادرات إلى الريف اليمني.
إذ شهدت قرية "حبابة" شمال محافظة عمران، مبادرتين في وقت واحد، تركزت الأولى على إنشاء مجموعة شبابية تعمل على الترويج السياحي للقرية، بينما أنشأت الأخرى جمعية خيرية لدعم الفقراء.
وذكر علوي الفهيم، المسؤول الإعلامي لإحدى الجمعيات الخيرية، أنّه تمّ توزيع مساعدات غذائية وطبية إلى مئات الحالات في القرية، بقيمة 21 ألف دولار في أول عام لها، بينما يتوقع أن تتضاعف قيمة المساعدات في العام الجديد.
كما أوضح أن تمويل جمعيته ارتكز أساساً على حشد التمويل، بشكل اشتراك شهري من مئات القرويين الأفضل حالاً، ليتم إنفاقها على شراء المواد الغذائية الأساسية للحالات الأشد فقراً والأكثر أولوية.
اقرأ أيضاً: استياء شعبي لضعف خدمات المستشفيات الحكومية باليمن
إلى ذلك، اعتبرت الأخصائية الاجتماعية، هند ناصر، أنّ هذا النوع من التضامن والتعامل مع الأزمات، يشكّل "واحدة من إيجابيات المجتمع اليمني".
وتؤكد ناصر أنّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمتغيرات السياسية الكبيرة، بالإضافة إلى ظروف الحرب، كان بإمكانها أن تغير واقع اليمنيين، لتنتشر الجريمة ويموت الناس جوعاً، لكن المجتمع اليمني استدعى قيمه وضوابطه التي توارثها وكانت تحكم في ظل غياب سلطات الدولة في مراحل تاريخية مختلفة، ليكون ذلك سبباً في تماسك المجتمع.
اقرأ أيضاً برلمان الأطفال في اليمن: يجب أن تتوقف الحرب