ما وراء "انقلاب الصدر" على تظاهرات العراق

بغداد

زيد سالم

avata
زيد سالم
25 يناير 2020
0352D876-D525-437E-985C-5938693A7033
+ الخط -
انسحب معظم أتباع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، منذ مساء ليل أمس الجمعة، من ساحات الاحتجاج في بغداد ومدن وسط جنوب البلاد، فيما تباينت التفسيرات بشأن انسحاب أتباعه من الساحات.

ويُعرف الصدر بتقلب مواقفه السياسية، وحتى الشعبية. فدعمه للاحتجاجات طوال الأشهر الماضية، وتأسيسه قوة حماية خاصة بساحات التظاهرات، عُرفت بـ"أصحاب القبعات الزرق"، انتهيا بانقلاب سريع، إذ سحب الصدر أنصاره وكل أشكال الدعم للمتظاهرين.
وعلى عكس الصدر، أكدت مصادر مقربة من مرجعية النجف الممثلة بالمرجع علي السيستاني، أنه يرفض عمليات فضّ التظاهرات بالقوة، وحذّر من ارتدادات كبيرة تترتب عنها. 

ورداً على سحب الصدر لأتباعه من ساحات التظاهر، وصف المتظاهرون العراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي تصرفه بـ"انقلاب الصدر" أو "غدر الصدر" أو "التفاف الصدر"، ورفعوا شعارات تتضمن تلك العبارات داخل الساحات. 
وقد جاء انسحاب أنصار الصدر من الساحات عقب المسيرة المليونية التي دعا إليها الصدر وزعماء قوى سياسية وفصائل مسلحة حليفة لإيران أمس الجمعة، ولم تكن ضمن التوقعات، حيث لم تحقق صفة المليونية التي جرى التحشيد لها، خاصة من قبل الصدريين أنفسهم. 

ووجه الصدر عتباً إلى متظاهري التحرير، وقال في تغريدة عبر "تويتر": "إني لأبدي أسفي وعتبي على من شكك بي من متظاهري (ساحة التحرير) وباقي المحافظات ممن كنت مسانداً لهم بعد الله، وكنت أظنهم سنداً لي وللعراق"، في إشارة إلى عدم مشاركة جماهير ساحات العراق، من المتظاهرين والمعتصمين المدنيين ضمن أفواج المطالبين بخروج القوات الأجنبية، وهو ما أكده مصدر مقرب من الصدر.

وقال المصدر إن "الصدر كان يتوقع أن يُشارك المتظاهرون في ساحات بغداد المنتفضة، مع جماهير التيار الصدري من أجل توحيد الخطاب ضد الوجود الأميركي، لكنه فوجئ بأن المتظاهرين في التحرير لم يشاركوا، كذلك فإنهم سخروا من جهود الصدر التي باتت لا تختلف عن توجهات حلفاء إيران في العراق.
وأوضح المصدر لـ"العربي الجديد"، أن "الصدر لم يتواصل مع المتظاهرين في ساحة التحرير، وقد تردد قبل إعلان العتب عليهم، إلا أنه في النهاية بات في منأى عن كل الاحتجاجات الشعبية، كي لا يُتهم مرة بركوب الموجة، ولا يُتهم ثانية بالتخلي عن المحتجين".

ولفت إلى أن "الصدر لم يأمر جماهيره بالانسحاب من ساحات الاحتجاج، إلا أنهم فهموا أن القصد من التغريدة الأخيرة يعني الانسحاب، وهكذا فقد رُفعت الخيم التي كانت تمثل المشاركة الرمزية للصدريين مع الجماهير المنتفضة، من ساحة التحرير في بغداد، والساعة في الديوانية، وفي البصرة والنجف وبابل وكربلاء"، مؤكداً أن "الصدر سيبقى داعماً للاحتجاجات ولن يقبل بأي اعتداء على المتظاهرين السلميين". 

من جهته، قال الناشط السياسي أيهم رشاد، وهو أحد المعتصمين في ساحة التحرير ببغداد، إن "الصدر فسَّر عدم مشاركة المتظاهرين بالتحرير مع جماهيره وأتباع المليشيات بأنه دعم للجانب الأميركي".
وأوضح رشاد لـ"العربي الجديد"، أن "الصدر لم يدخل خط الاحتجاجات إلا لحماية مصالحه الخاصة، وتحالفه السياسي ووجوده وقداسته وأهميته في الشارع، ولو لم يتدخل لشمله الاجتثاث الذي مارسه المحتجون ضد الأحزاب".

وتابع رشاد، قائلاً إن "الصدر معروف بتقلباته، وبالتالي دفع أنصاره إلى الانسحاب، ما سيؤدي إلى إضعاف الحراك الشعبي، وسيغيب الدعم اللوجستي والحماية، وهذا يعني أن التظاهرات قد تنتهي في أي لحظة، ولا سيما أن قرار الصدر الأخير أعقبته حملة أمنية واسعة في البصرة والديوانية وبغداد، وقد أحرقت القوات الحكومية خيم المتظاهرين، فيما اعتقلت العشرات منهم".
ويرى رشاد أن قرار الصدر جاء بعد التواصل والتنسيق مع الحكومة وبقية الأحزاب، مشيراً إلى أن ذلك يعني أن الصدر بات ضمن الجبهة المعادية للثوار المدنيين.

وقال حيدر علاوي، أحد المتظاهرين البارزين في ساحة الخلاني ببغداد، التي أحرقت القوات العراقية خيامها صباح اليوم السبت واعتقلت عدداً كبيراً من المعتصمين فيها لـ"العربي الجديد"، إن قرار الصدر لا يخلو من لمسات إيرانية، مبيناً أن التحدي اليوم هو الثبات في الشارع والحفاظ على الثورة وعدم إضاعة دماء 600 شهيد وآلاف الجرحى". 


مخاوف من ارتفاع وتيرة القمع 

ولفت علاوي إلى أن "خروج الصدريين من التظاهرات سيرفع وتيرة القمع، لكن حتى إن خسر المتظاهرون كل الساحات، ستجري العودة إلى الطريقة التي اتبعوها في أول أيام أكتوبر/ تشرين الأول، المتمثلة بانتشار مجاميع في الشوارع، تتفرق وتتجمع".

ووصف عضو في مجلس النواب العراقي التخلي الصريح للصدر عن تظاهرات "أكتوبر" بأنه "إعلان حالة حرب على المحتجين، لترويعهم وقتلهم وإنهاء الاحتجاجات السلمية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن الصدر بعد اجتماعه بقادة الفصائل المسلحة في قم الإيرانية، تراجع كثيراً عن التغريد على تويتر في ما يتعلق بالتظاهرات. 
وأوضح أن الصدر أصبح يكثف تركيزه على "الوجود الأميركي" والضربات على القوات الأميركية والتذكير بحادثة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وهذا ما استشعره المتظاهرون وتخوفوا منه.
وأضاف أن تصرفات الصدر تمثل بداية لنهاية الاحتجاجات، لافتاً إلى ازدياد التحامل على المحتجين من قبل المليشيات، خصوصاً أن الجماهير في ساحة التحرير، فرحت بمقتل سليماني، الذي يتهمه ناشطون بأنه صاحب كل قرارات الاعتداء على المتظاهرين.

وأوضح أن أعداء التظاهرات باتوا يحاصرون المحتجين من كل الجهات، مشيراً إلى أنه لم يعد هناك أي جهة تحميهم، وأنه قد تجري تصفية ما بقي من المحتجين بالقوة، وتدمير كل الساحات الاحتجاجية، أو تحجيمها في ساحة التحرير فقط، ولا سيما في ظل الصمت السياسي والحقوقي المحلي والدولي. 

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.
الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.
المساهمون