لم تختلف الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام عن مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، غرب العراق، بعد استردادها من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، عن مناطق استُردّت من سيطرة التنظيم في وقت سابق. غير أنه ووفقاً لما نقلته وسائل الإعلام، باتت أكثر دماراً، فالصور تتحدث عن خراب عمّ المدينة، شمل كل شيء.
لم تظهر المشاهد التلفزيونية والصور المنقولة من المدينة بعد تحريرها، أي جثة. وهو أمر مستغرب، يحيل المتابع للحدث الأبرز عراقياً في العام الماضي، إلى الاستغراب، والتساؤل أين ذهبت مئات الأطنان من القنابل والصواريخ، التي أُطلقت نحو عناصر "داعش"، في اشتباكات وُصفت بـ"القوية".
وبعيداً عن تهويلات المشاهد التلفزيونية من أرض الرمادي، والتصريحات الرسمية، وفقاً لمراقبين، فإن المعركة "لا تُعدّ انتصاراً للقوات العراقية". وهو ما ذهب إليه بالرأي، الخبير بالشأن العسكري العقيد المتقاعد عباس العبيدي.
يعود العبيدي إلى الفترة التي سبقت احتلال "داعش" في مايو/أيار الماضي للرمادي، مشيراً في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "التنظيم كان يسيطر حينها على مناطق واسعة، ما زالت تحت سيطرته وفق قوله، ولم يخسر بقدر ما كسبه من سيطرته على المدينة لأكثر من ستة أشهر".
ويضيف أن "داعش تمكن من السيطرة على الرمادي في غضون أيام قليلة، ومن دون خسائر وهَزَمَ بأعداد قليلة جداً جيشاً مدرّباً ومجهزاً، وتمكن من حيازة كميات هائلة من الأسلحة المختلفة. ثم بعد كل هذا، لم تستطع القوات العراقية بكامل عدتها، مسنودة بطيران التحالف والطيران العراقي، من إجباره على تسليم المدينة سوى بعد إحالتها إلى رماد".
من هنا، والحديث للعبيدي "يجب أن ننظر للمسألة من ناحية موضوعية، فندرك أن الخاسر هي القوات العراقية، وإن استعادت المدينة، وأيضاً الخاسر الحكومة العراقية وأهالي الرمادي بالخصوص، فالمدينة أحيلت إلى رماد وتتطلب إعادتها إلى الحياة مليارات الدولارات".
في السياق، يرى العقيد في الجيش العراقي السابق ناصر العاني، أن "انتصار القوات العراقية في معركة الرمادي، جاء على حساب انسحاب داعش إلى مناطق أخرى". ويرفض العاني في حديث لـ"العربي الجديد"، تسمية ما حققته القوات العراقية انتصاراً، مؤكداً أن "المعركة لم تحسم، وداعش ما زال يملك خطورته والكثير من أوراقه".
اقرأ أيضاً: العراق:النازحون في مخيم "بزيبز" يأكلون الأعشاب والحشائش لشح الغذاء
ويوضح أنه "حتى الآن وبعد مرور بضعة أيام على دخولها المدينة، لم تتجرأ القوات العراقية على الدخول إلى الكثير من الأزقة والأحياء والمباني، هم يدركون جيداً أن داعش يترك خلفه الألغام، لمشاغلة تلك القوات من جهة، ولإعادة تمركزه في مناطق ثانية من جهة أخرى".
ويتابع العاني: "لقد رمى داعش الطعم وعلى القوات العراقية ألّا تقع في فخاخه. يريد التنظيم من القوات العراقية ملاحقته، حيث يتواجد الآن في شمال الأنبار والقرى القريبة من الرمادي، وهي من أخطر المناطق حالياً".
ويستطرد: "داعش وبحسب متابعتي لتحركاته لا يبتغي السيطرة على مناطق لوقت طويل، سوى تلك التي يتمركز فيها منذ صيف 2014، وحين يسيطرن على منطقة، فإنه يسيطر عليها لغرض معين". ويلفت إلى أن ذلك "غالباً ما يحدث في المناطق التي يوجد فيها مستودعات للأسلحة وعجلات وأشياء أخرى يستولون عليها لحاجتهم لها".
ويلفت إلى أن "داعش اعتاد الاعتماد على عنصر المباغتة، في مساعيه للوصول إلى هدفه والسيطرة عليه، قبل الانسحاب أو البقاء لوقتٍ محدّد". بالنسبة إلى الرمادي لا يستبعد العاني أن "يكون داعش قد حاول جاهداً إعطاء القوات العراقية زخماً كبيراً من المعنويات عبر بوابة الانتصار، ليستدرجها إلى ما يريد، قد تكون معركة أخرى جهّز لها التنظيم جيداً، في محاولة لكسب الكثير من الغنائم".
إلى ذلك، يقول نقيب في القوات العراقية بالرمادي لـ"العربي الجديد"، إن "معركة الرمادي لم تكن سهلة، بل إن وجود قواتنا فيها ما زالت مسألة مقلقة". ويكشف أن "المعلومات تفيد بأن داعش حفر أنفاقاً كثيرة في المدينة، لا نعرف أين تقع، وقد تكون مفخخة وتنفجر في أي لحظة، أو ربما يستخدمونها للهجوم ومباغتة جنودنا".
ويضيف النقيب أن "داعش يملك خبرة كبيرة في تلغيم المواقع والمحال والبنايات والعجلات، بل حتى الحيوانات، وما زالت الكثير من المباني لم تدخلها الفرق الهندسية المتخصصة بإبطال المتفجرات، وهذا ما يؤكد أننا ما زلنا نخوض معركة الرمادي على الرغم من تحريرنا لها".
وفي السياق، يقول المقاتل في صفوف عشائر الأنبار، أحمد رحيم، لـ"العربي الجديد"، إن "مدينته مُسخت هويتها". ويلفت إلى أنه "تجوّل في أحيائها بعد استعادتها برفقة زملائه المقاتلين من أبناء المدينة". ويشير إلى أنها "بلا أشجار وبيوت وشوارع، فكل شيء تحوّل إلى دمار. المدينة تحتاج إلى بناء من جديد. كل شيء بات أنقاضاً".
ويضيف: "ربما نفرح لأننا استعدنا أرضنا، لكننا لم نجد بيوتنا ودوائرنا الحكومية، ومؤسساتنا الخدمية، كلها صارت مهدمة ورائحة الحرائق والقنابل تملأ المكان أينما نذهب. لا أجدنا انتصرنا، بل لنقل استعدنا شيئاً من حقنا، وليس كله، وهذا ليس بالأمر المفرح".
اقرأ أيضاً: العراق مسرح لـ14 جيشاً أجنبياً... إحصاء بالأرقام والانتشار والتجهيزات
لم تظهر المشاهد التلفزيونية والصور المنقولة من المدينة بعد تحريرها، أي جثة. وهو أمر مستغرب، يحيل المتابع للحدث الأبرز عراقياً في العام الماضي، إلى الاستغراب، والتساؤل أين ذهبت مئات الأطنان من القنابل والصواريخ، التي أُطلقت نحو عناصر "داعش"، في اشتباكات وُصفت بـ"القوية".
يعود العبيدي إلى الفترة التي سبقت احتلال "داعش" في مايو/أيار الماضي للرمادي، مشيراً في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "التنظيم كان يسيطر حينها على مناطق واسعة، ما زالت تحت سيطرته وفق قوله، ولم يخسر بقدر ما كسبه من سيطرته على المدينة لأكثر من ستة أشهر".
ويضيف أن "داعش تمكن من السيطرة على الرمادي في غضون أيام قليلة، ومن دون خسائر وهَزَمَ بأعداد قليلة جداً جيشاً مدرّباً ومجهزاً، وتمكن من حيازة كميات هائلة من الأسلحة المختلفة. ثم بعد كل هذا، لم تستطع القوات العراقية بكامل عدتها، مسنودة بطيران التحالف والطيران العراقي، من إجباره على تسليم المدينة سوى بعد إحالتها إلى رماد".
من هنا، والحديث للعبيدي "يجب أن ننظر للمسألة من ناحية موضوعية، فندرك أن الخاسر هي القوات العراقية، وإن استعادت المدينة، وأيضاً الخاسر الحكومة العراقية وأهالي الرمادي بالخصوص، فالمدينة أحيلت إلى رماد وتتطلب إعادتها إلى الحياة مليارات الدولارات".
في السياق، يرى العقيد في الجيش العراقي السابق ناصر العاني، أن "انتصار القوات العراقية في معركة الرمادي، جاء على حساب انسحاب داعش إلى مناطق أخرى". ويرفض العاني في حديث لـ"العربي الجديد"، تسمية ما حققته القوات العراقية انتصاراً، مؤكداً أن "المعركة لم تحسم، وداعش ما زال يملك خطورته والكثير من أوراقه".
اقرأ أيضاً: العراق:النازحون في مخيم "بزيبز" يأكلون الأعشاب والحشائش لشح الغذاء
ويوضح أنه "حتى الآن وبعد مرور بضعة أيام على دخولها المدينة، لم تتجرأ القوات العراقية على الدخول إلى الكثير من الأزقة والأحياء والمباني، هم يدركون جيداً أن داعش يترك خلفه الألغام، لمشاغلة تلك القوات من جهة، ولإعادة تمركزه في مناطق ثانية من جهة أخرى".
ويتابع العاني: "لقد رمى داعش الطعم وعلى القوات العراقية ألّا تقع في فخاخه. يريد التنظيم من القوات العراقية ملاحقته، حيث يتواجد الآن في شمال الأنبار والقرى القريبة من الرمادي، وهي من أخطر المناطق حالياً".
ويستطرد: "داعش وبحسب متابعتي لتحركاته لا يبتغي السيطرة على مناطق لوقت طويل، سوى تلك التي يتمركز فيها منذ صيف 2014، وحين يسيطرن على منطقة، فإنه يسيطر عليها لغرض معين". ويلفت إلى أن ذلك "غالباً ما يحدث في المناطق التي يوجد فيها مستودعات للأسلحة وعجلات وأشياء أخرى يستولون عليها لحاجتهم لها".
ويلفت إلى أن "داعش اعتاد الاعتماد على عنصر المباغتة، في مساعيه للوصول إلى هدفه والسيطرة عليه، قبل الانسحاب أو البقاء لوقتٍ محدّد". بالنسبة إلى الرمادي لا يستبعد العاني أن "يكون داعش قد حاول جاهداً إعطاء القوات العراقية زخماً كبيراً من المعنويات عبر بوابة الانتصار، ليستدرجها إلى ما يريد، قد تكون معركة أخرى جهّز لها التنظيم جيداً، في محاولة لكسب الكثير من الغنائم".
ويضيف النقيب أن "داعش يملك خبرة كبيرة في تلغيم المواقع والمحال والبنايات والعجلات، بل حتى الحيوانات، وما زالت الكثير من المباني لم تدخلها الفرق الهندسية المتخصصة بإبطال المتفجرات، وهذا ما يؤكد أننا ما زلنا نخوض معركة الرمادي على الرغم من تحريرنا لها".
وفي السياق، يقول المقاتل في صفوف عشائر الأنبار، أحمد رحيم، لـ"العربي الجديد"، إن "مدينته مُسخت هويتها". ويلفت إلى أنه "تجوّل في أحيائها بعد استعادتها برفقة زملائه المقاتلين من أبناء المدينة". ويشير إلى أنها "بلا أشجار وبيوت وشوارع، فكل شيء تحوّل إلى دمار. المدينة تحتاج إلى بناء من جديد. كل شيء بات أنقاضاً".
ويضيف: "ربما نفرح لأننا استعدنا أرضنا، لكننا لم نجد بيوتنا ودوائرنا الحكومية، ومؤسساتنا الخدمية، كلها صارت مهدمة ورائحة الحرائق والقنابل تملأ المكان أينما نذهب. لا أجدنا انتصرنا، بل لنقل استعدنا شيئاً من حقنا، وليس كله، وهذا ليس بالأمر المفرح".
اقرأ أيضاً: العراق مسرح لـ14 جيشاً أجنبياً... إحصاء بالأرقام والانتشار والتجهيزات