والحديث هنا عن طبيعة هذه الخلوة واستخداماتها في الزمن الذي أنشئت فيه وهو العهد العثماني، وكيف أن الاحتلال حولها لنقطة رصد ومراقبة مجهزة بأحدث أجهزة المراقبة والتصوير.
تقع الخلوة الجنبلاطية شمال صحن قبة الصخرة المشرفة في المسجد الأقصى إلى الغرب من خلوة أرسلان باشا، وقد بنيت في العهد العثماني، وتحتوي على الكثير من الزخارف، لكنها تحولت مع الزمن إلى مركز للشرطة في العهد الأردني، ثم صارت مقرا لشرطة الاحتلال بعد احتلال القدس عام 1967، إذ يتناوب على التواجد فيها أكثر من 100 شرطيّ احتلالي وتستخدم كنقطة مراقبة ورصد للمصلين والنساء، إلى جانب ممارسات تعسفية بحقهم.
ويشير رضوان جمال عمرو، رئيس قسم المخطوطات والتراث في المسجد الأقصى، إلى أن من بناها هو الأمير جان بولاد، وهو ابن الأمير الذي كان يقود لواء الأكراد في حلب المعروف بقاسم الكردي.
وقد ورد في سجل المحكمة الشرعية - كما تشير المصادر التاريخية - أن أحمد باشا الرضوان طلب من المعماري عبد المحسن بن نمر بناء الخلوة عام (1010هـ/1602م) على اسم ابن جنبلاط، ويبدو أن ابن جنبلاط هو من تبرع بتكاليف الإنشاء، وأُوقفت الخلوة لسكن الأكراد الوافدين على القدس لزيارة المسجد الأقصى.
أنشئت هذه الخلوة للعبادة شمال صحن الصخرة المشرفة، وهي إحدى ثلاث عشرة خلوة تحيط بالصخرة المشرفة، وتمتاز بأبعاد جمالية عن غيرها من الخلوات بما فيها من الزخارف والأقواس الشيء العجيب.
في حين، يقول د. ناجح بكيرات، نائب مدير عام أوقاف القدس، إن "الخلوات الثلاث عشرة التي أقيمت في ساحة الصخرة المشرفة كانت أماكن عبادة واعتكاف للعلماء، وقد بنيت هذه الخلوات العثمانية إلى جانب البوائك المملوكية".
تعرضت هذه الخلوة – التي حولها الاحتلال إلى مخفر لشرطته، لهجوم من شبان فلسطينيين في العام 2014 حيث تمكنوا من إحراقها خلال مواجهات عنيفة اندلعت في ساحات المسجد الأقصى، وبعد عام من ذلك، أعادت سلطات الاحتلال فتحها مجددا كمخفر لعناصرها بحضور ضباط كبار في شرطة الاحتلال، وتم تزويد المخفر بأجهزة إلكترونية وكاميرات منصوبة على سطح المبنى.