صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية الناطقة بالإنكليزية، فردت الأسبوع الماضي، مساحة لتقرير يتحدث عن سعي الاحتلال عبر قطاعه الخاص للمشاركة في استثمارات متنوعة في "نيوم".
وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إنها علمت من شركات عاملة في السوق المحلية، عن محادثات بينها وبين صندوق الاستثمارات العامة السعودية (بمثابة الصندوق السيادي)، للدخول في المشروع.
وقال محللون وباحثون إن مشروع "نيوم" السعودي، يرتبط بأراضٍ مصرية عبر جسرٍ في البحر الأحمر، وسيتطلب بالضرورة تعاوناً مع الاحتلال الإسرائيلي.
مشاركة أكيدة
وفي تقرير نشرته صحيفة "بلومبيرغ" الأميركية، خلال الشهر الحالي، يقول يورام ميتال،
رئيس مركز "حاييم هرتزوغ" لدراسات الشرق الأوسط والدراسات الدبلوماسية في جامعة بن غوريون الإسرائيلية في النقب، إن هناك معطيات مختلفة تجعل مشاركة إسرائيل في المشروع أكيدة، مشيراً إلى أن اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر عام 1979، تضمن للأولى الوصول إلى مضيق تيران في البحر الأحمر، الذي من المفترض أن الجسر سيعبر منه.
ومشروع "نيوم" هو مدينة ذكية، سيتم بناؤها لتصبح وجهة حيوية جديدة، تقع شمال غرب المملكة وتمتد إلى مصر والأردن، وستجمع أفضل العقول والشركات لتخطي حدود الابتكار إلى أعلى المستويات حسب تصريحات ولي العهد السعودي.
وستنشط المدينة الذكية، في تطوير عدة قطاعات، هي: مستقبل الطاقة والمياه، مستقبل التنقل، مستقبل التقنيات الحيوية، مستقبل الغذاء، مستقبل العلوم التقنية والرقمية، مستقبل التصنيع المتطور، مستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، مستقبل الترفيه، مستقبل المعيشة.
وحسب مسؤولين بالمملكة فإنه تم بدء العمل في مشروع "نيوم"، بإجراء السعودية مشاورات واجتماعات مع مستثمرين محليين ودوليين، على أن تنتهي المرحلة الأولى للمشروع بحلول 2025.
وكانت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية قد قالت في يونيو/ حزيران الماضي إن السعودية وإسرائيل تجريان محادثات لإقامة علاقات اقتصادية، وهو ما وصفته بالخطوة المثيرة التي تضع إسرائيل على طريق العلاقات الطبيعية مع معقل الإسلام السني وحارس المدن الإسلامية المقدسة على حد وصفها.
ونقلت الصحيفة عن مصادر عربية وأميركية أن العلاقات ستبدأ صغيرة وذلك من خلال السماح للشركات الإسرائيلية بالعمل في الخليج، والسماح لشركة الطيران العال الإسرائيلية، بالتحليق فوق المجال الجوي السعودي.
ولفتت الصحيفة إلى أن تطوير علاقات تجارية مع السعودية سيكون أكبر تحالف عام بين إسرائيل والخليج في حوالي عقد.
وفي المقابل شدد مسؤول في القطاع الخاص السعودي، رفض الكشف عن اسمه، للأناضول على استحالة الإعلان عن حضور إسرائيلي في المشروع السعودي، "طالما العلاقات الدبلوماسية العلنية معدومة بين البلدين".
ترجيح الحضور السري
المسؤول الذي أرجع عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع، أضاف أن أي حضور إسرائيلي
مستقبلي في "نيوم" قد يكون سريا، ومقتصرا على القطاع الخاص في كلا البلدين.
ومنذ احتلال إسرائيل لفلسطين عام 1948، لم يسبق لدول الخليج أن أقامت علاقات دبلوماسية رسمية وعلنية على الأقل، مع تل أبيب.
لكن جغرافية المكان الذي ستقام عليه المدينة الذكية التي تتجاوز مساحتها 26 ألف كلم مربع، تعد نقطة حيوية تجارية للدول العربية الثلاث (السعودية ومصر والأردن)، وكذلك للاحتلال الإسرائيلي.
ويمتد المشروع من شمال غرب المملكة إلى العقبة الأردنية (أقصى الجنوب)، ومنطقة شمال شرق مصر، إذ تعد المنطقة نقطة عبور للتجارة بين الشرق والغرب.
ولفت المسؤول السعودي، الذي لم ينكر تفوق الاحتلال (تعد أكثر من 8.2 ملايين نسمة) في القطاعات التي تستهدفها المملكة بالمشروع، إلى أن الرياض بدأت بالفعل محادثات مع شركات عالمية للعمل في المشروع.
لكن "جيروزالم بوست" أوردت على لسان "إيريل مارغليت" وهو رجل أعمال إسرائيلي بارز، وجود فرص عمل للشركات الإسرائيلية في المشروع.
وأضاف مارغليت الذي زار دولا خليجية مؤخرا: "ما لا يفهمه القادة السياسيون أن الأمور لن تحدث (تطبيع العلاقات)، ما لم يكن هناك فرص عمل اقتصادية مشتركة".
"حقيقة إن الأمير محمد بن سلمان جاء بمشروع للتعاون الإقليمي.. إنه يقدم دعوة للإسرائيليين للتحدث باسم التعاون الاقتصادي الإقليمي من خلال مفهوم الابتكار" يقول مارغليت.
على مدى سنوات طويلة، ضخت الحكومة والقطاع الخاص الإسرائيليان أكثر من 20 مليار دولار في صناعة التكنولوجيا، حتى وصلت إلى مرحلة متقدمة اليوم.
وقال هاني العلمي، وهو رجل أعمال بارز في قطاع الاتصالات الفلسطيني، إن الشركات الإسرائيلية قادرة على دخول "نيوم" وقتما تشاء، بفضل الأدوات التي تملكها.
وزاد: "على الأقل سيكون للشركات الإسرائيلية، الحاملة لجنسيات أجنبية، حضور في المشروع المرتقب.. الشركات الإسرائيلية متفوقة في السايبر وإنترنت الأشياء الذي يغزو العالم اليوم".
وبلغ إجمالي صادرات صناعة التكنولوجيا فائقة التطور (الهايتك) من الاحتلال، نحو 28.3 مليار دولار خلال العام الماضي 2016، صعودا من 23.4 مليار دولار في العام السابق له.
وقال الباحث الأميركي، أندريه كوريبكو منذ أيام، إن السعودية ستعترف بإسرائيل في المستقبل القريب "في حال تمكن ولي العهد، محمد بن سلمان، من كسب المواجهة التي يخوضها مع المؤسسة الدينية في المملكة".
وأوضح كوريبكو، في مقال نشر في دورية "أورينتال ريفيو"، وأعادت نشره "غلوبال ريسرتش"، وتناقلته عدة مواقع إخبارية أخرى، أن "تقارب محمد بن سلمان مع إسرائيل لا يهدف فقط إلى مواجهة العدو الإيراني المشترك أو لإظهار مدى جدية التغييرات التي تشهدها السعودية، لكن قبل ذلك لأن مشروع مدينة "نيوم" الاستثماري في خليج العقبة على البحر الأحمر، الذي أعلن عنه ولي العهد السعودي، مطلع الأسبوع، لا يمكن أن تقوم له قائمة دون الشراكة مع إسرائيل".
وحسب الباحث الأميركي المقيم في موسكو، والمتخصص في العلاقات الأميركية الأوروبية الآسيوية، فإن الصين وروسيا، وهما من أبرز المستثمرين المحتملين في المشروع السعودي، ترغبان بإشراك إسرائيل، التي تربطها علاقات قوية مع كل من بكين وموسكو، في المشروع السعودي من أجل تأمين خط آخر عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة، يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، بعيداً عن قناة السويس المصرية، وللاستفادة من خطة إسرائيلية مقترحة لإقامة شبكة قطارات من البحر الأحمر إلى المتوسط.
خطط تعاون مستقبلي
وفي يونيو/ حزيران الماضي، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، أن وزير السياحة الإسرائيلي، يريف ليفين يعكف على وضع خطة هدفها تشجيع السياحة الطبية بين "إسرائيل" ودول الخليج، مستفيدةً من الأزمة الحالية في دول مجلس التعاون، ومن دعوات التطبيع الصادرة عن جهات سعودية مختلفة.
وقالت الصحيفة إن الأزمة في الخليج والحصار على قطر، عوامل ساهمت في تسخين العلاقات بين إسرائيل والسعودية. ولفتت إلى أن وزير السياحة الإسرائيلي، أقر أمس الأول خلال زيارة له إلى بولندا أنه أجرى اتصالات مع جهات رفيعة المستوى في البيت الأبيض، لطلب التوسط بين وزارته (وزارة السياحة) وبين عدد من دول الخليج.
وفي إبريل/نيسان الماضي، كشف وزير النقل الإسرائيلي، عن خطة لإنشاء ما سمّاه "سككا حديدية للسلام الإقليمي"، لربط إسرائيل مع من وصفها بـ"الدول العربية المعتدلة"، حسبما نقل موقع روسيا اليوم (رسمي).
وقال كاتس آنذاك إنه "يجري وضع حجر الأساس لخط سكة حديد يربط إسرائيل بالأردن، من خلال الربط بين مدينة (بيت شان) وجسر الملك حسين في الأردن.
(الأناضول، العربي الجديد)