ما سر إصلاحات ماكرون في فرنسا رغم مقاومتها التغيير؟

25 مارس 2018
"من الصعب تحليل شخصية إيمانويل ماكرون" (إيريل فيفربيرغ/فرانس برس)
+ الخط -

ما سر إيمانويل ماكرون؟ فمنذ انتخابه، منذ أقل من عام، قاد الرئيس الفرنسي الإصلاحات، وتمكّن من كسر أي مقاومة، في بلد معروف برفضه للتغييرات.

ويعتبر المحلل السياسي فيليب برو، أنّ "فرنسا كانت جاهزة" للتغيير، لأنّ "المناخ كان مناسباً، وحصلت محاولات إصلاح عديدة، منذ عشرين عاماً، باءت جميعها بالفشل".

وأمام شعب فرنسي منقسم، كما يقول "بين نوع من الرضوخ" و"القناعة الذاتية بأنّه يجب المضي قدماً"، لا يتردد الرئيس في إغضاب البعض: متقاعدين وموظفين في القطاع العام وفي السكك الحديد.

ورأت سيسيل كورنوديه، كاتبة المقالات في صحيفة "لي زيكو" الاقتصادية، "ستكون المرحلة صعبة، لكن في النهاية عندما سيحين وقت الانتخابات ستكون النتائج حاضرة".

وفي الواقع، تراجعت شعبية ماكرون إلى حد كبير، لكن "وحده الأداء، على الأمد البعيد، هو المهم: هل سنبقى في ركود وثبات، أم أننا تمكّنا من تقليص الفارق في القدرة التنافسية قليلاً؟"، كما يقول فيليب برو.

وأضاف أنّ "ألمانيا أصبحت اليوم في الطليعة"، بعد أن شهدت "أوضاعاً صعبة" في مطلع الألفية، وهذا بفضل الإصلاحات التي أجراها الاشتراكي الديموقراطي، غيرهارد شرودر. وأسلوب ماكرون هو المضي بوتيرة سريعة على كافة الجبهات.

وقال برو "هناك بُعد تكتيكي يسمح له بتحقيق نجاحات. فبفتح ورشات جديدة باستمرار، يُسكت الاحتجاجات على الجبهة الأولى، ويكون قد فتح جبهة ثانية".

وقال الباحث جان ماري بيرنو، الأخصائي في العمل النقابي، لصحيفة "لا كروا" الكاثوليكية، إنّ "النقابيين والبرلمانيين أو معارضيه السياسيين أُخذوا على حين غرّة".

وقالت المؤرخة إيزابيل كلافيل، إنّ ماكرون يتقدّم، خصوصاً وسط مشهد سياسي جديد بعد "انهيار الأحزاب التقليدية".

وأضافت الخبيرة في الإصلاحات في المجال السياسي، أنّ "هذه الأحزاب لم تعد قادرة على تعبئة ناشطيها ولا حتى ناخبيها"، خصوصاً في المعسكر اليساري.

وتابعت أنّ "الناخبين اليساريين الذين باتوا متشتتين جداً، لم يعودوا يشعرون بأنّ أي حزب يمثّلهم، وأصبحوا في حالة ضياع".


"غموض سياسي"

ورأت كلافيل أنّه "من الصعب تحليل شخصية إيمانويل ماكرون"، مضيفة أنّه "شخص غامض سياسياً"، وأشارت إلى أنّ "فقدان البوصلة" يصبّ في مصلحته، خصوصاً أنّه "يتبنّى موقفاً يوصف بالوسطي، وإن لم يقرّ بذلك".

وكان المرشح ماكرون خاض حملته الانتخابية، مؤكّداً أنّه "ليس من اليسار ولا من اليمين" (وليس وسطياً) و"هدفه هو إلغاء هذه التصنيفات" بحسب كلافيل، لتجسيد "الحداثة".

وأضافت أنّ الرئيس ماكرون "البارع في التواصل ينتقي عباراته. فالإصلاح يعني التحديث، وهذا الخطاب الذي يتحدّث عن التحديث يؤثّر كثيراً على قسم من الناخبين".

ولا يتردد ماكرون في التواصل مع الفرنسيين. فقد زار، خلال الحملة الانتخابية، عمالاً معارضين واختتم زيارته بمصافحتهم.

ومؤخراً، كان الحضور قياسياً وغير مسبوق في معرض الزراعة، للتحدّث "وجها لوجه" عن مهنة يشكو أصحابها من شروطها الصعبة.

وحتى النهاية لم يغير مساره. وهو أسلوب لا يخلو من السلطة، حتى إنّه يوصف أحياناً بـ"التسلّط".



وحذّر لوران بيرجيه، مدير "الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل"، "من التغيرات الجذرية المقررة على عجل، وبدون أي حوار حقيقي". وأضاف أنّ "أسلوب ماكرون يختصر بـ(أنتم تتناقشون وأنا أتخذ القرار)".

ويقول فيليب برو، إنّ ماكرون، ولأنّه يعرف كيف يتخذ القرارات، "فهو يتمتع بفرص كبيرة في إنجاح الإصلاحات الجديدة". وأضاف أنّ سلفه الاشتراكي، فرنسوا هولاند "عرف كيف يفتح الورشات اللازمة، لكنّه كان يلتزم بما تقرّر مع الشركاء الاشتراكيين الذين كانت لديهم مصلحة في إبقاء الأمور على ما هي عليه. وهذا النهج أدى إلى جمود الوضع القائم".

بقي أن يُعرف ما إذا كان "أسلوب ماكرون" سيأتي بنتائج مع عمال السكك الحديد، العازمين على التحرّك لوقف إصلاح مؤسستهم، أحد آخر معاقل الحركة النقابية.


(فرانس برس)

المساهمون