وبعدما اعترف ترامب بمحاولة التأثير على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتحقيق مع جو بايدن في الوقت ذاته الذي جمد فيه المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، وصلت دعوات الديمقراطيين إلى مرحلة فارقة، وأعلن عن فتح تحقيق رسمي لمساءلة ترامب بتهمة التماس مساعدة أجنبية لتشويه سمعة منافسه الديمقراطي جو بايدن، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.
بدء إجراءات العزل
أعلنت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، يوم الثلاثاء، عن فتح التحقيق عقب اجتماع مغلق مع نواب ديمقراطيين، قائلة إنّ تصرفات ترامب قوضت الأمن القومي وانتهكت الدستور الأميركي.
وقالت بيلوسي التي قاومت على مدار شهور مساعي لمساءلة الرئيس "ينبغي محاسبة الرئيس. لا أحد فوق القانون".
أوضحت أنه سيتم فتح تحقيق رسمي بهدف عزل ترامب، مضيفة في كلمة متلفزة، أن "ترامب اتصل بدولة أجنبية من أجل التدخل في شؤون بلدنا، وهذا خرق للقانون".
وحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، سارع الديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي، الثلاثاء، إلى اتخاذ مجموعة من القرارات التي تطالب بعزل ترامب، في أعقاب اتهامه بأنه سعى لابتزاز حكومة أجنبية بحجب المساعدات العسكرية عنها، ما لم تقدم له دعماً سياسياً.
التحقيق في جرائم قد تفضي إلى العزل
بدأت آخر المساءلات لرؤساء سابقين في مجلس النواب بكامل أعضائه، وقد تجاوزت بيلوسي هذه الخطوة واختارت توجيه لجان مجلس النواب الست للعمل "تحت مظلة التحقيق في العزل".
ويمكن أن يساعد إضفاء طابع رسمي للجنة في الحصول على تعاون مسؤولي إدارة ترامب، لكن ذلك قد يفشل، حيث يتحدث الجمهوريون عن الامتياز التنفيذي (Executive Privilege)، ويتجاهلون أوامر الاستدعاء.
وتشمل الجرائم القابلة التي تمكن من العزل، وفقًا للدستور، "الخيانة العظمى أو الرشوة أو غيرها من الجرائم الكبرى والجرائم الجنائية"، وحظيت تلك الجرائم بنقاش قوي على مدار تاريخ الولايات المتحدة.
وفي جلسات مساءلة سابقة، تجري لجنة تابعة لمجلس النواب، عادةً ما تكون اللجنة القضائية أو لجنتها الفرعية، تحقيقًا لمعرفة ما إذا كان سلوك المسؤول الفيدرالي يستدعي عزله.
لكن بالنسبة لبيلوسي، ستواصل ست لجان، من أبرزها اللجنة القضائية والاستخباراتية والخدمات المالية والعلاقات الدولية، تحقيقاتها مع النظر في مراحل مختلفة من رئاسة ترامب وماضيه وشركاته، ولقد قامت هذه اللجان قبل أشهر بفرز الجوانب المختلفة التي تحقق فيها.
وطبقا لـ"سي أن أن"، فإنه بعد هذه التحقيقات، ستقدم كل لجنة من اللجان مساهماتها لتضمينها في مواد المساءلة التي ستتم صياغتها في إطار اللجنة القضائية لمجلس النواب، والتي سوف تصوت على ما إذا كانت ستحيلها إلى مجلس النواب. وبعد تصويت اللجنة، إذا ما تمت الموافقة على المواد، فإنها تمنح وضعًا خاصًا في مجلس النواب، وتتطلب موافقة أغلبية المشرعين.
محاكمة مجلس الشيوخ
بعد تصويت مجلس النواب على عزل الرئيس، ينص الدستور على محاكمة في مجلس الشيوخ الأميركي، وهناك شكوك حول ما إذا كان الجمهوريون في مجلس الشيوخ سيتعاونون في هذا الأمر، لأن من المحتمل أن تكون لديهم الأصوات الكافية لرفض ذلك بسهولة.
وكان زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، قد قرر عدم إجراء تصويت على ترشيح ميريك غارلاند من قبل الرئيس باراك أوباما لشغل منصب في المحكمة العليا.
وإذا ما تمت الموافقة على إجراء محاكمة، يصبح أعضاء مجلس الشيوخ محلفين، وسيترأسها رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة جون روبرتس. ويصوت مجلس النواب على المدراء الذين يحضرون المحاكمة في مجلس الشيوخ، على الرغم من أنه قد تتم مساعدتهم من قبل محامٍ خارجي، إلا أن مديري مجلس النواب يحضرون المحاكمة ويقدمون الأدلة، ويمكن للمسؤول الذي تم عزله عرض الدفاع أو الاستعانة بمحام.
وفيما يمتلك الديمقراطيون الأغلبية في مجلس النواب، يسيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ بأغلبية 53-45، وعادة ما يصطف اثنان من المستقلين إلى جانب الديمقراطيين، لكن الأمر يتطلب أغلبية ساحقة لإقالة الرئيس من منصبه، وهذا يعني أن 67 من أعضاء مجلس الشيوخ يجب أن يتفقوا على إقالة ترامب من منصبه.
ولذلك، سيتطلب الأمر انقلاب 20 جمهوريًا على ترامب. في الوقت الراهن، لم يقل أي من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين عن أي شيء ذي صلة بمسألة الإقالة.
الوقت اللازم للعزل
لم تحدد بيلوسي إطارًا زمنيًا لهذه العملية، لكنها أخبرت زملاءها الديمقراطيين بأن ذلك سيتم "على وجه السرعة"، ويأمل رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيرولد نادلر الانتهاء من ذلك بحلول نهاية العام.
وقد تستغرق هذه العملية أشهراً، حيث استمرت العملية برمتها بالنسبة لجونسون 94 يومًا، بدءًا من أول إجراء للكونغرس إلى تبرئة من مجلس الشيوخ، من 22 فبراير/شباط 1868 إلى 26 مايو/أيار 1868.