09 يناير 2020
ما الذي جناه المواطن الشمالي من الوحدة؟
يخاصم حكام الجنوب اليمني 20 مليون شمالي ساهم معظمهم في تنمية الجنوب وشكلوا نسيجه؛ لمجرد أنهم من الشمال الذي ينتمي إليه صالح؛ فيما يستقبلون ابن أخيه طارق مدججاً بالسلاح والجند. يخاصمون اليمني البسيط، ويضيقون عليه في لقمة عيشه، فيما يستقبلون أمراء الحرب من الشمال؛ من ساهموا في قهر الجنوب وتشريد أبنائه.
يمنعون عنا السلاح والمدد ونحن جيرانهم الذين يذودون عنهم، ثم لا يكترثون لحالنا ومصيرنا ودماء أهلنا، فتعز مثلاً، هي خط الدفاع الأول عن الجنوب ولولا بسالة مقاتليها اليوم لهرول عشرات الآلاف من مقاتلي الحوثي نحو الجنوب وعاثوا فيه فساداً وقهراً، وكذلك تفعل إب والبيضاء ومأرب.
في المقابل، انظروا كيف تعامل تعز في الجنوب، كيف يضيف حاكميه حصاراً إلى حصارها ووجعاً إلى وجعها، تأملوا كيف ينظر حاكمو الجنوب الجدد لأهل تعز الذين نهضوا بالجنوب يوماً ما ولا يزالون ولا تزال آثارهم شاهدة. انظروا كيف يهينون إنسانها ويحرضون عليها ويضعونها في سلة واحدة مع الحوثي وصالح، برغم كل وجعها وفقدها ومظلوميتها.
ما الذي ينقص الجنوبيين اليوم وهم يديرون كل مفاصل دولتنا؟ فالشمال برغم وزنه السكاني الضخم إلا أنه يرضخ راضياً أمام موجة التقسيم للسلطة على حساب أبنائه، فما الذي يريده الجنوب بعد كل هذا الضيم؟ وحين أسأل عن الجنوب، فأنا أقصد حكامه وليس شعبه البسيط المسالم. هذا الجنوب الذي يتنكر للشمال اليوم لم يكن يوما إلا جنوباً لليمن، صار اليوم يخجل من هويته عبر حكامه الجدد.
هذا الجنوب الذي انتعش بالوحدة، وقد كان قبلها يبابا، إذ لم تصل ميزانيته إلى النصف مليار دولار في أبهى فتراته والتي لم تتجاوز عقدي زمن خارج اليمن الكبير، سالت فيها الدماء كما لو أنها جداول في نهر الراين، ساد القتل بالهوية، المناطقية، الانغلاق، العداء مع العالم، والتخبط الكبير الذي سبب انهياراً كبيراً وضعفاً.
وحتى في أفضل حالات الجنوب بعد الوحدة، لم تغطِ نفقاته إيراداته، ولم تتجاوز في يوم 30% من إيرادات اليمن الموحد، فعلام كل هذا الحنق؟ وعلى افتراض أن الجنوب يريد دولة، هل من المنطق أن يعادي جيرانه الذين ساهموا في استقلاله وتنميته؟ هل من المنطق أن يبالغ حكام الجنوب في التقليل من شأننا وتحقيرنا وترسيخ العداء معنا كشعب كامل؟ ثم ما هي خطيئة الملايين في الشمال ليعاقبوا بهذه الطريقة على تصرفات نظام أرعن؛ ساهم في تشريد الجميع وتهميشهم؟
هذا الجميع الذي ثار على نظام صالح يحمل للجنوب كل الحب؛ ونظام صالح هو النظام الذي احتكر السلطة والثروة في منطقة صغيرة وفرط في كل البلاد بطولها وعرضها وفرخ لنا المليشيات التي نكتوي بنارها اليوم. ثرنا جميعاً عليه ولم نكن بأحسن حال في الشمال من الجنوب؛ ولم يكن الجنوب بأسوأ من حالنا وكنا حاملين قضية الجنوب ومظلوميته وأنصفناه في ثورتنا وحوارنا.
تعز مثلاً؛ برغم كل مواردها الضخمة، من ضرائب مصانعها، وجمارك منافذها؛ حتى تحويلات مغتربيها وقوتها البشرية التي عمرت كل البلاد؛ إلا أنها لم تحصل على شيء في مقابل عطائها وضخامة ثروتها؛ كانت تحصل دائماً على الفتات، بخلاف عدن التي نهضت بسواعد اليمنيين من كل البقاع.
نظام صالح ظلم الجميع، وعوضاً عن انسجامنا وتكاتفنا شمالاً وجنوباً كشعب واحد ممتد في جذور التاريخ وموحد بفطرته وبكل من حكمه على مدى تاريخ عتيد يمتد لآلاف السنين، أصبحنا نبحث عن التقسيم الذي شرعنه المحتل البريطاني يوماً ما، ثم لم يستطع تمريره على اليمنيين الذين أعادوا لحمتهم بعد 23 عاماً فقط من يوم الجلاء في 1967.
لا يمكن لأحد أن ينكر اليوم أنه أمام كل هذا الهجوم الشرس في الجنوب لكل ما هو شمالي، فقد تشكلت في الشمال قناعة لدى شريحة عريضة بالانفصال.
نحن في الشمال مع الوحدة التي توجد لها حاضنة، ومستعدون للتنازل عن حقنا في الثروة والسلطة في مقابل لمّ شتات الوطن، لكن مثل هذا الحديث لا يقال لمن رهن إرادته لمحتل.
هذا الجنوب، الذي انقسم اليوم لألف فرقة وسلم نفسه للمحتل الإماراتي، وباتت تحكمه المليشيا وتسلب إراداته وأرضه، هل يجد ملجأ في المستقبل القريب، وهل تصمد الوحدة في ظل كل هذه الأمواج؟
يمنعون عنا السلاح والمدد ونحن جيرانهم الذين يذودون عنهم، ثم لا يكترثون لحالنا ومصيرنا ودماء أهلنا، فتعز مثلاً، هي خط الدفاع الأول عن الجنوب ولولا بسالة مقاتليها اليوم لهرول عشرات الآلاف من مقاتلي الحوثي نحو الجنوب وعاثوا فيه فساداً وقهراً، وكذلك تفعل إب والبيضاء ومأرب.
في المقابل، انظروا كيف تعامل تعز في الجنوب، كيف يضيف حاكميه حصاراً إلى حصارها ووجعاً إلى وجعها، تأملوا كيف ينظر حاكمو الجنوب الجدد لأهل تعز الذين نهضوا بالجنوب يوماً ما ولا يزالون ولا تزال آثارهم شاهدة. انظروا كيف يهينون إنسانها ويحرضون عليها ويضعونها في سلة واحدة مع الحوثي وصالح، برغم كل وجعها وفقدها ومظلوميتها.
ما الذي ينقص الجنوبيين اليوم وهم يديرون كل مفاصل دولتنا؟ فالشمال برغم وزنه السكاني الضخم إلا أنه يرضخ راضياً أمام موجة التقسيم للسلطة على حساب أبنائه، فما الذي يريده الجنوب بعد كل هذا الضيم؟ وحين أسأل عن الجنوب، فأنا أقصد حكامه وليس شعبه البسيط المسالم. هذا الجنوب الذي يتنكر للشمال اليوم لم يكن يوما إلا جنوباً لليمن، صار اليوم يخجل من هويته عبر حكامه الجدد.
هذا الجنوب الذي انتعش بالوحدة، وقد كان قبلها يبابا، إذ لم تصل ميزانيته إلى النصف مليار دولار في أبهى فتراته والتي لم تتجاوز عقدي زمن خارج اليمن الكبير، سالت فيها الدماء كما لو أنها جداول في نهر الراين، ساد القتل بالهوية، المناطقية، الانغلاق، العداء مع العالم، والتخبط الكبير الذي سبب انهياراً كبيراً وضعفاً.
وحتى في أفضل حالات الجنوب بعد الوحدة، لم تغطِ نفقاته إيراداته، ولم تتجاوز في يوم 30% من إيرادات اليمن الموحد، فعلام كل هذا الحنق؟ وعلى افتراض أن الجنوب يريد دولة، هل من المنطق أن يعادي جيرانه الذين ساهموا في استقلاله وتنميته؟ هل من المنطق أن يبالغ حكام الجنوب في التقليل من شأننا وتحقيرنا وترسيخ العداء معنا كشعب كامل؟ ثم ما هي خطيئة الملايين في الشمال ليعاقبوا بهذه الطريقة على تصرفات نظام أرعن؛ ساهم في تشريد الجميع وتهميشهم؟
هذا الجميع الذي ثار على نظام صالح يحمل للجنوب كل الحب؛ ونظام صالح هو النظام الذي احتكر السلطة والثروة في منطقة صغيرة وفرط في كل البلاد بطولها وعرضها وفرخ لنا المليشيات التي نكتوي بنارها اليوم. ثرنا جميعاً عليه ولم نكن بأحسن حال في الشمال من الجنوب؛ ولم يكن الجنوب بأسوأ من حالنا وكنا حاملين قضية الجنوب ومظلوميته وأنصفناه في ثورتنا وحوارنا.
تعز مثلاً؛ برغم كل مواردها الضخمة، من ضرائب مصانعها، وجمارك منافذها؛ حتى تحويلات مغتربيها وقوتها البشرية التي عمرت كل البلاد؛ إلا أنها لم تحصل على شيء في مقابل عطائها وضخامة ثروتها؛ كانت تحصل دائماً على الفتات، بخلاف عدن التي نهضت بسواعد اليمنيين من كل البقاع.
نظام صالح ظلم الجميع، وعوضاً عن انسجامنا وتكاتفنا شمالاً وجنوباً كشعب واحد ممتد في جذور التاريخ وموحد بفطرته وبكل من حكمه على مدى تاريخ عتيد يمتد لآلاف السنين، أصبحنا نبحث عن التقسيم الذي شرعنه المحتل البريطاني يوماً ما، ثم لم يستطع تمريره على اليمنيين الذين أعادوا لحمتهم بعد 23 عاماً فقط من يوم الجلاء في 1967.
لا يمكن لأحد أن ينكر اليوم أنه أمام كل هذا الهجوم الشرس في الجنوب لكل ما هو شمالي، فقد تشكلت في الشمال قناعة لدى شريحة عريضة بالانفصال.
نحن في الشمال مع الوحدة التي توجد لها حاضنة، ومستعدون للتنازل عن حقنا في الثروة والسلطة في مقابل لمّ شتات الوطن، لكن مثل هذا الحديث لا يقال لمن رهن إرادته لمحتل.
هذا الجنوب، الذي انقسم اليوم لألف فرقة وسلم نفسه للمحتل الإماراتي، وباتت تحكمه المليشيا وتسلب إراداته وأرضه، هل يجد ملجأ في المستقبل القريب، وهل تصمد الوحدة في ظل كل هذه الأمواج؟