وصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى دافوس، صباح أمس الخميس، ولكن بدون صحبة زوجته ميلانيا، لينضم إلى النخبة الاقتصادية والسياسية التي تجتمع حالياً في دافوس لتدارس مشاكل العالم. وحسب قناة "سي بي سي"، لم يدل ترامب بتصريحات حول المنتدى في الفترة الصباحية، لكنه أرسل تغريدة واحدة قبل مغادرته واشنطن قال فيها، "سأكون قريباً في دافوس ـ سويسرا، لأخبر العالم عن عظمة أميركا وكيف أنها تعمل... اقتصادنا ينتعش بقوة، ومع كل ما أفعله سيكون الاقتصاد أفضل في المستقبل.. بلادنا أخيراً بدأت تكسب مرة أخرى". وهذه التغريدة تدل على أن ترامب سيعمل على الترويج لمبدأ "أميركا أولاً" وسياسة "الحماية التجارية" خلال وجوده في دافوس.
ويخطط عدد من رؤساء الشركات العالمية وشخصيات أفريقية ولاتينية وأوروبية مغادرة المنصة حينما يبدأ ترامب خطابه بسبب الإساءة التي وجهها للعديد من دول العالم الناشئ.ويلقي الرئيس الأميركي خطابه، اليوم الجمعة.
وعلى الرغم من الإخفاقات العديدة لسياساته الخارجية و"تخريب" علاقات أميركا مع العديد من دول العالم عبر تغريدات عدائية، وقرار اعتماد القدس عاصمة لإسرائيل، فإنه على الصعيد الاقتصادي حقق نجاحات للشركات وكبار المستثمرين وأسواق المال، حيث انخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته خلال العام الأول من رئاسته، كما نما الاقتصاد بمعدل يقدر بـ3.2% خلال العام الماضي، وفقاً لإحصائيات مركز الإحصاء الأميركي للربع الأول والثاني من العام 2017.
يضاف إلى هذه النجاحات ارتفاع سوق المال الأميركي إلى مستويات تاريخية، حيث كسر مؤشر داو جونز حاجز 26 ألف نقطة خلال الأسبوع الأول من العام الجديد. وارتفعت القيمة السوقية لسوق "وول ستريت" بنسبة 27%، لتضيف عدة ترليونات إلى أرصدة أصحاب الأسهم وكبار المستثمرين، كما تمكن ترامب كذلك من إجازة قانون الضرائب الجديد في خطوة تاريخية، تعد أكبر عملية إصلاح ضريبي منذ عدة عقود.
وحتى الآن من غير المعروف إلى أية درجة سيستفيد المواطن الأميركي من أصحاب الدخول المتوسطة والفقراء من هذا الإصلاح الضريبي، لكن العديد من الدراسات المتخصصة تشير إلى أنه يصب في صالح الأثرياء على حساب الفقراء والطبقة الوسطى. ومن المتوقع أن يكون ترامب، اليوم الجمعة، تحت المجهر من قبل أكثر من 500 صحافي يغطون المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام.
وواجه ترامب خلال يومي المنتدى، الثلاثاء والأربعاء، انتقادات عنيفة من قبل زعماء دول الاتحاد الأوروبي والهند وكندا بشأن سياساته الانعزالية، فيما أشار خبراء آسيويون في المنتدى إلى مخاوف حدوث حرب تجارية بين واشنطن وبكين، في حال فرض واشنطن المزيد من التعرفات الجمركية على واردات صينية. وكان ترامب قد فرض رسوما عقابية على واردات بلاده من الخلايا الشمسية والثلاجات في بداية الأسبوع.
كما واجه انتقادات بشأن سياساته الانعزالية التي يروج لها تحت شعار "أميركا أولاً"، وهي سياسات تجارية أدت حتى الآن إلى إعادة المفاوضات حول اتفاقية "نافتا" بين أميركا وكل من كندا والمكسيك، وكذلك انسحاب بلاده من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي، التي قالت اليابان في بداية الأسبوع إن الاتفاقية ستوقع بدون أميركا.
وعلى صعيد اتفاقية المناخ، سيكون الهطول الكثيف للثلوج في صالح ترامب، حيث إنه دائماً ما يردد أن نظرية التسخين الحراري ليست صحيحة. وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد أشار إلى هذه النقطة في خطابه بدافوس، الأربعاء، حيث قال مخاطباً ترامب "حينما تصل إلى دافوس وترى هذه الثلوج ربما تقول إنك محق بشأن نظرية التسخين الحراري".
وحسب وزير الخزانة الأميركي ستيفن مينوشين، سيدافع ترامب عن سياسة "أميركا أولاً"، التي وصفها مينوشين بأنها تصب في صالح المواطن الأميركي من حيث توفير وظائف جديدة وحماية السوق الأميركي.
وقال مينوشين إن استراتيجية "أميركا أولاً"، لا تعني أن بلاده لا ترغب في المشاركة مع بقية دول العالم في حل القضايا الاقتصادية والمالية، بقدر ما تعني فقط تقديم مصلحة المواطن الأميركي في الاتفاقات التجارية والمالية. لكن المتوقع أن يواجه ترامب انتقادات حادة بشأن تصريحاته التي أساء فيها إلى شعوب أكثر من 50 دولة من دول العالم الناشئ بسبب هجرة مواطنين منها إلى أميركا في بداية الشهر. والتقي ترامب مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، على هامش المنتدى، ظهر اليوم.
وقبيل وصول ترامب إلى دافوس، شهد الدولار موجة انخفاض جديدة، بعد تصريحات ذكر فيها وزير الخزانة الأميركي أنه ليس قلقا بشأن تدهور سعر صرف الدولار. ويرغب ترامب في دولار ضعيف، لأنه، وحسب وجهة نظره، فإن هذا الأمر سيساهم في زيادة حجم الصادرات الأميركية ويرفع من قوتها التنافسية أمام نظيراتها العالمية.
لكن المخاوف في دافوس تنصب من أن يهاجم ترامب الصين بعنف، في خطابه اليوم، حيث إن الاقتصاد الصيني لا يزال من أهم ركائز النمو الاقتصادي العالمي.
ويرى اقتصاديون في دافوس أن أية عرقلة تحدث للتجارة الصينية الأميركية سيكون لها تأثير مباشر على مشتريات السندات الأميركية التي تملك فيها الصين أكثر من ترليون دولار.