"غشاش، كاذب، محتال، متنمر، عنصري، لص، مخادع، ومعجب كبير بالطريقة التي يدير بها بوتين روسيا"، بهذه الكلمات يصف المحامي السابق مايكل كوهين، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في كتابة الجديد "خائن: مذكرات"، الذي سيصدر غداً الثلاثاء، وقد حصلت صحيفة "واشنطن بوست" على نسخة منه، وقدم كل من آشلي باركر وروزاليند هيلديرمان مراجعة موسعة له.
أجندة مايكل كوهين السرية بصفته مساعد ترامب
يزعم مايكل كوهين في كتابه، وهو المحامي السابق لترامب ومساعده الشخصي لمدة طويلة، أن ترامب قام "بمحاولات علنية وسرية لحمل روسيا على التدخل في انتخابات عام 2016"، وأنه كان على علم تام بالأموال التي دفعها كوهين لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز لقاء عدم الإفصاح عن علاقتها بترامب.
وفي الكتاب يرسم كوهين صورة مضطربة لمجموعة الشخصيات التي تدور حول ترامب، مشبّهاً المجموعة بالمافيا، ولا يستثني كوهين نفسه، حيث يطلق على نفسه اسم "أحد أشرار ترامب". وتصف المذكرات المؤلفة من 432 صفحة "عنصرية ترامب" و"كراهيته وازدراءه" لسلفه باراك أوباما، الرئيس الأميركي الأفريقي الوحيد.
ويفرد كوهين فصلاً للحديث عن نفسه، يسميه "القصة الحقيقية للمحامي الشخصي السابق للرئيس دونالد ترامب". يصف نفسه فيه بأنه "السفاح المعيَّن" من قبل ترامب، ويناقش إدانته بجرائم الكذب على الكونغرس وانتهاك قوانين الحملة الانتخابية في خدمة ترامب". الإدانة التي سبّبت سجنه 3 سنوات، كان يقضيها في سجن فيدرالي في نيويورك، حتى سُمح له بمغادرة السجن وقضاء باقي عقوبته في المنزل بسبب جائحة فيروس كورونا. ويسعى كوهين بكتابه هذا إلى ضمان إلحاق الهزيمة بترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ورداً على الكتاب، هاجمت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كايلي ماكناني، صدقية كوهين في بيان صدر يوم السبت، قالت فيه: "مايكل كوهين مجرم مشين ومحامٍ كاذب شُطب من سجلات المحامين، لقد كذب على الكونغرس، وفقد كل صدقيته، وليس من مستغرباً أن نرى محاولته الأخيرة للاستفادة من الأكاذيب".
ترامب وبوتين.. عدو عدوي صديقي
في ما يتعلق بروسيا، كتب كوهين أن السبب وراء إعجاب ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبسط مما يفترضه كثير من منتقديه. فالزعيم الروسي لديه القدرة على "الاستيلاء على أمة بأكملها وإدارتها كما لو كانت شركته الشخصية"، وقد أثار هذا الأمر إعجاب ترامب الشديد.
تصف المذكرات المؤلفة من 432 صفحة عنصرية ترامب وعلاقته مع روسيا وكراهيته وازدراءه لسلفه باراك أوباما
ووفقاً لكوهين، فقد بدأ ترامب يتملق بوتين منذ 2016، كوسيلة لامتصاص أموال الأوليغارشية وضمان الوصول إلى استثماراتها بعد خسارته الانتخابات، كما كان متوقعاً. لكن ترامب أدرك أن بوتين كان يكره المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي دعمت حركة الاحتجاجات في روسيا عام 2011. وهنا التقت مصالح الرجلين، وبدأ ترامب يفكر في اكتساب المزيد من القوة في الولايات المتحدة. ويضيف كوهين: ما بدا أنه تواطؤ، كان في الحقيقة التقاء مصالح مشتركة في إيذاء هيلاري كلينتون بأية طريقة ممكنة، حتى لو كان ذلك من خلال التدخّل في الانتخابات الأميركية.
ويؤكد كوهين أن ثمة سبباً آخر لمدح ترامب المستمر لبوتين، وهو رغبته القديمة في وضع اسمه على مشروع برج ترامب، المقترح إنشاؤه في موسكو. وعن ذلك يقول كوهين إن مخططات برج ترامب تقترح بناء 120 طابقاً في الساحة الحمراء، بما في ذلك 30 طابقاً مخصصاً لفندق من خمس نجوم، مع منتجع صحي يحمل علامة إيفانكا ترامب ومطاعم ترامب، إلى جانب 230 شقة سكنية راقية للأثراء والقادة الروس.
ويضيف كوهين أن الخطة كانت تتمثل بمنح الشقة التي في قمة البرج للرئيس الروسي مجاناً، ضمن سياسة ترامب لكسب ود بوتين. ويشير كوهين إلى أن "فكرة الوطنية والخيانة برمتها أصبحت غير ذات أهمية في ذهن ترامب". كان مهتماً بالمال فقط وقبل كل شيء.
لاحقاً، سيصر ترامب، وفي أكثر من مناسبة علنية، على أنه ليس لديه تعاملات تجارية مع روسيا، لكن كوهين يؤكد أن الحقيقة بخلاف ذلك، وأن أسرة ترامب كانت بأكملها على علم بالمشروع، بل إن إيفانكا ترامب ابنة الرئيس، التي تعمل الآن مستشارة بارزة في البيت الأبيض، اختارت أدق التشطيبات الراقية المقترحة للبرج. وهي التي وصفت ومحاميها سابقاً مشاركتها في مشروع روسيا بأنها ضئيلة للغاية، وأنها لم تزر الموقع المحتمل قطّ.
وترى "واشنطن بوست" أنه رغم ما ذكره كوهين، فإن كتابه لا يكشف عن الكثير من التفاصيل الجديدة المحيطة بالتحقيقات التي أجراها المستشار الخاص السابق روبرت مولر، بخصوص التدخل الروسي في انتخابات عام 2016.
وقد رفض مسؤول كبير في البيت الأبيض كلام كوهين عن تدخل روسيا، ووصفه بأنه لا أساس له، بحجة أن التحقيقات التي أُجريَت لم تجد أي تواطؤ بين حملة ترامب وموسكو.
الإعلام والتضليل وإسكات الخصوم
يصف كوهين بالتفصيل الشراكة بين ترامب وديفيد بيكر، الرئيس التنفيذي لصحيفة National Enquirer، التي شاركت في الهجوم على المرشح الجمهوري المنافس لترامب تيد كروز، من خلال نشر العديد من التقارير الصفراء عنه. ويقول كوهين إنه "فيما كان العديد من منتقدي ترامب مهووسين باحتمالية التدخل الروسي، أدار مواطنون أميركيون "حملة تضليل" استهدفت كل خصوم ترامب الأساسيين منذ عام 2016. ويصف كوهين كيف اتبعت الصحيفة أسلوب "الصيد والقتل" مع كارين ماكدوغال، التي ادعت أنها كانت على علاقة بترامب، حيث اشترت الصحيفة الحقوق الحصرية لقصة حياتها مقابل 150 ألف دولار، ولم تنشرها قَطّ. وبحسب كوهين، وافق ترامب على سداد المبلغ كاملاً لبيكر، لكنه لم يفعل ذلك.
ثمة سبب آخر لمدح ترامب المستمر لبوتين، وهو رغبته القديمة في وضع اسمه على مشروع برج ترامب المقترح إنشاؤه في موسكو
أما في حالة ستورمي دانيالز، فإن كوهين يشير إلى أن ترامب وافق على دفع 130 ألف دولار لها مقابل صمتها، واقترح المدير المالي لترامب عليه أن يجعل أحد أصدقائه يدفعون لها المبلغ حتى لا يثير الشبهات حوله، لكن ذلك لم ينجح، فدفع كوهين المبلغ بنفسه، وسدّد ترامب المبلغ لكوهين على شكل أقساط شهرية قدرها 35 ألف دولار، بعد أن دخل البيت الأبيض رئيساً، وأخفى المدفوعات كرسوم للخدمات القانونية وعيّنه محاميه الشخصي. وتضيف الصحيفة أن مسؤولي ترامب لم يعلقوا على طلبها التوضيح بخصوص هذه النقطة.
ترامب العنصري
يتحدث كوهين عن إهانة ترامب لأبنائه وطردهم أحياناً، كابنه الأكبر دونالد ترامب الابن، وابنته الصغرى تيفاني. ويذكر في كتابه أنه خلال الحملة الانتخابية عام 2016، كان ترامب رافضاً للأقليات، ووصفهم بالقول: "ليسوا شعبي". ويضيف قوله: "لن أحصل على أصوات ذوي الأصول الإسبانية"، وقوله: "أشخاص كالسود هم أغبياء جداً للتصويت لي".
ويصف الكتاب كراهية ترامب، التي وصلت إلى حد الهوس، لأوباما، بما في ذلك الادعاء أن السبب الوحيد الذي دفع الرئيس السابق إلى الالتحاق بجامعة كولومبيا وكلية الحقوق في جامعة هارفارد، كان بسبب "العمل الإيجابي اللعين". ويسرد أيضاً "رأي ترامب العنصري تجاه جميع السود"، مدعياً أن ترامب قال ذات مرة في أثناء حديثه عن أوباما: "أخبرني عن دولة واحدة يديرها شخص أسود ليست خربة. جميعها مراحيض عامة".
ويذكر كوهين أنه بعد وفاة رئيس جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا في عام 2013، قال ترامب إنه لا يعتقد أن مانديلا "كان قائداً حقيقياً، وهو ليس من النوع الذي يحترمه". وبدلاً من ذلك، أشاد بالحكم الأبيض في حقبة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، قائلاً: "لقد استغل مانديلا البلاد بأكملها، تباً لمانديلا، لم يكن قائداً".
ويكتب كوهين أنه قبل فوز ترامب بالرئاسة، عقد اجتماعاً في برجه مع قادة إنجيليين بارزين، حيث وضعوا أيديهم عليه في الصلاة. وبعد ذلك قال ترامب له: "هل تصدق هؤلاء الحمقى؟ هل تصدق أن الناس يصدقون هذا الهراء؟".
ينتهي كوهين كتابه بمحاولة التماس المغفرة من القارئ، مع مطالبته بأن يثق بروايته عن الفترة التي قضاها في خدمة ترامب. ويختتم كتابه مخاطباً الناخب الأميركي بالقول: "لديك الآن كل المعلومات التي تحتاجها لتقرر بنفسك في نوفمبر/ تشرين الثاني"، وهو موعد الانتخابات الرئاسية.