خرج مالك مكتبي من روتين البرامج التلفزيونية التي انطلقت تزامناً مع بداية برنامجه. طوني خليفة كان من أشدّ المنافسين لمكتبي، لكن أمام استهلاك مواضيع خليفة في برنامجه السابق "للنشر" واليوم 1455 يبقى مالك مكتبي متفوقاً على زملائه، إذ يغرّد خارج السرب، ويحمل إلى ذلك مواضيع تستحق المتابعة، من دون أن يسبقه أحد إليها. كما يعطيها فريق إعداده الوقت الكافي للمعالجة ثم طرحها على الهواء وإيجاد العلاج الكفيل بحّلها. ذلك، رغم وقوعه في في بعض المطبات مع المواسم الأولى لبرنامجه.
[إقرأ أيضاً: ليلة الإثنين على القنوات اللبنانية: كلّ هذا الابتذال]
في حلقة خاصة قدمت أمس، وحملت عنوان "مش خيال" إنجاز حققه مكتبي في الكشف عن مأساة عائلة لبنانية مؤلفة من ثلاثة أولاد، كبيرهم في الثامنة عشرة وأصغرهم في الرابعة عشرة، يعانون من سجن أمهم لهم داخل المنزل، خوفاً من المحيط الخارجي.
الأم من دون شك عانت كثيراً ،حتى اتخذت قرارها هذا.. إذ تكشف الحلقة أنها حاولت الحمل لسبع سنوات من دون جدوى. وبما أنها امرأة بسيطة تعيش في قرية نائية قرّرت أن تسجن أولادها بعيداً عن "عين الحسود".
لم يتعلم الأولاد بالقدرالكافي بسبب هذا القيد الذي فرضته الأم. ويعانون من مشاكل في النطق والسمع، بسبب هذا الحصار. لكن جيران العائلة اختاروا في النهاية اللجوء إلى مالك مكتبي وبرنامجه "أحمر بالخطّ العريض" لحل هذه المشكلة.
نجح مالك مكتبي في كسر سور الأم الذي فرضته على أبنائها المحتجزين، حاورها من شباك المنزل بداية، ثم أقنعها بضرورة الدخول والتعرّف عليها وعلى أولادها. وبعد محاولات تكللت بالنجاح، حقق مالك مكتبي نصراً على الأم فأزاح عنها الخوف الساكن في داخلها وحمل أولادها إلى الفضاء الخارجي أولاً وإلى الأطباء للكشف على حالتهم لاحقاً.
في الشكل استطاعت الحلقة أن تجيّش حماس المشاهدين الذين تعاطفوا مع هذه القضية، ضد الظلم اللاحق بالأولاد، وبالتالي تقديم البرنامج مساعدات في الكشف عن هؤلاء المراهقين عن طريق فريق متخصص من الأطباء. ثم محاولة من البرنامج بإقناع الأولاد بالانخراط ضمن المجتمع العائلي الذي حرموا منه بداية وبين الناس العاديين ثانياً..
حقق مالك مكتبي في ذلك تفوقاً، لا يدركه الآخرون. ربما ليست المرة الأولى التي يدخل فيها الإعلامي اللبناني متاهات القضايا الاجتماعية، لكن ما يُحسب له أنه ابتعد عن الاستعراض والفضائحية، وذهب باتجاه النتيجة التي انتهت إليها الحلقة الخاصة وكأنها رسم من الخيال. وذلك مغاير تماماً لما تحفل به الشاشات اللبنانية المنافسة لمكتبي من استعراض فاضح لقضايا اجتماعية تستغل المشاكل الاجتماعية لتحقيق مشاهدات فقط، وإثارة النعرات لمشاهد هارب دائماً باتجاه النهاية السعيدة.