عن ثمانين عاماً، رحل، أمس، في باماكو، الفنّان الفوتوغرافي المالي، مالك سيديبي، الذي برز بتصويره الجيل المالي الشاب غداة الاستقلال عن فرنسا مطلعَ الستينيات، واكتسب شهرةً تجاوزت حدود بلده، وعُرضت أعماله في أكبر المتاحف وصالات العرض العالمية.
وُلد سيديبي عام 1936 في عائلة فقيرة بقرية سولوبا، على بعد 300 كيلومتر غرب باماكو، وبدأ طفولته راعياً للأغنام برفقة أبيه، قبل أن يلتحق بالمدرسة الفرنسية في مدينة يانفوليا؛ حيث تعلّم الفرنسية والرسم.
في مرحلة الثانوية، التحق بـ "مدرسة الصنائع" التي حصل منها على شهادة في صياغة المجوهرات، ثم التحق باستديو الفنان الفوتوغرافي المالي جيرار غييا، وتعلّم فن التصوير على يديه، وسرعان ما افتتح محلّ تصوير خاص به في مدينة باغاداج.
منذ محاولاته الأولى، وجّه سيديبي الكاميرا نحو الشارع، ملتقطاً بشكل غريزي رائحة زمنه وصور الشبّان والشابّات في شوارع المدن المالية الترابية. اشتهر لاحقاً بمئات الصور التي خلّد فيها بهجة جيل السبعينيات الذي يحيا بكثير من الخفّة وعدم الاكتراث على ضفاف نهر النيجر، ولاحقاً تخصّص في تصوير ظهور النساء.
ومنذ المعرض الذي خصّصته له مؤسّسة "كارتييه" للفن المعاصر في باريس عام 1994، ولج سيديبي العالمية من بابها الواسع. في 2003، سيصير الفنان الأفريقي الأول الذي يحصل على جائزة "هاسيلبلاد"، وهي من أبرز الجوائز الدولية المخصّصة لفن الفوتوغرافيا. وتكرّس تألّقه عام 2007، حين حصل على جائزة "الأسد الذهبي" في "بينالي البندقية".
مرّة في أحد حواراته، اعترف سيديبي، الذي لُقّب بـ "عين باماكو"، بأنه فوجئ بالاهتمام العالمي بصوره: "في البداية لم أكن أؤمن بموهبتي.
لكن الاهتمام الأوروبي بالفوتوغرافيا الأفريقية، جعلني أحس بأنني كنتُ صادقاً في أعمالي، لأنها نالت استحسان كبار النقّاد والمتخصّصين في هذا الفن. أعتقد الآن بأن الصورة هي أفضل طريقة للحياة بعد الموت".