أتحرك كالفراشة وألدغ كالنحلة، هكذا وصف أسطورة الرياضة والملاكمة، محمد علي كلاي نفسه، حينما تحدى جميع منافسيه وشارك في أقوى النزالات في تاريخ اللعبة الشهيرة، ليضع نفسه كملك متّوج على عرش اللعبة.
وإذا اقتبسنا هذا الوصف العبقري داخل أورقة كرة القدم، فلن نجد أفضل من ماركو رويس لكي يكون الحديث عنه منطقياً وحقيقياً، إنه الجناح السريع الذي يتحرك بأناقة غير عادية، ويضرب خصومه ببرودة دم يُحسد عليها، إنه اللاعب الذي كتب اسمه بحروف من نور مع فريقه بروسيا دورتموند، ووضع نفسه وسط أباطرة وعمالقة اللعبة، لأنه يستحق هذا الشرف.
ورغم إصابته وتأكيد إدارة فريقه أنه ليس للبيع، إلا أن أندية عديدة تراقب النجم الكبير وتريد ضمه إلى صفوفها في أقرب فرصة ممكنة. وحتى إذا لم يرحل هذا الموسم بعدما اختاره المدرب يورجن كلوب قائداً للفريق بعد المدافع الصلد ماتس هومليس، فإن هناك فرصاً حقيقية لرحيل "سوبر ماركو" خلال الموسم المقبل، خصوصاً مع وجود بند في عقده يسمح له بالانتقال بعيداً عن قلعة الأيدونا بارك، شريطة دفع مقابل مادي معيّن.
قلب دورتموند
وصل ماركو رويس مع دورتموند إلى مستوى غير معهود خلال الموسم الذهبي للفريق، لم يصل أحد قط إلى صانع اللعب الحقيقي للفريق، فكان ماريو جوتزه يلعب في العمق لكنه يتحول فجأة إلى جناح، ورويس الذي يبدأ على الأطراف، تجده على مشارف منطقة الجزاء، ليتحدث يورجن كلوب بعد الفوز الشهير على ريال مدريد بالأربعة قائلاً، الضغط القوي هو نجم الفريق وصانع ألعابه الحقيقي.
يعتبر رويس الجناح العصري الذي يجيد اللعب على طرفي الملعب، ويستطيع الانطلاق على الخط، وأيضاً هو قوي في الدخول إلى العمق، لذلك يصنع الأهداف ويسجلها.
ليس هذا فقط، بل أيضاً نجح في اللعب كصانع لعب خلف المهاجم الصريح، بعد رحيل جوتزه إلى بايرن ميونخ، ليحافظ بروسيا على ما تبقى من رونقه خلال الموسم الماضي بقدرات اللاعب، الذي استمر في قيادة الكتيبة الصفراء داخل الملعب، جعله قطعه ثمينة لا تُمس في صفوف الفريق الألماني.
صراع ثلاثي
يعرف الجميع في عالم الساحرة المستديرة قيمة رويس، وهو ما دفع مانشستر يونايتد للدخول في منافسة شرسة مع كل من برشلونة، والوافد الجديد إلى السباق، أتلتيكو مدريد لضم اللاعب.
فكل ناد أوروبي سيفوز كثيراً إذا ظفر بخدمات الرشيق الألماني، نظراً لما يتمتع به رويس من إمكانات فردية جبارة، وقدرة كبيرة على استغلال مهاراته في خدمة التكتيك الجماعي للفريق، لأنه نجم يعرف كيف يراوغ، وأين يمرر، ومتى يسدد، باختصار ماركو بمثابة الحلم الجميل لكل المنافسين.
تعاقد برشلونة مع لويس سواريز وأسماء أخرى قوية، لكن تشكيلته حتى هذه اللحظة لن تمانع وجود ماركو رويس، لأن تكتيك المدرب الجديد، لويس إنريكي، يعتمد بشكل كبير على التنوع وعدم التوقع، لذلك سيلعب بأكثر من طريقة، إما 4-3-3 أو 3-4-3 وأخيراً 3-2-3-2 بوضع ميسي كصانع لعب صريح في العمق خلف الثنائي لويس سواريز ونيمار دا سيلفا، وبالتالي هناك احتياج واضح للاعب آخر على اليمين، يجيد المراوغة والقطع في العمق، وملء الفراغ الكبير في مركز الجناح مع تحول ميسي إلى مركز الملعب.
ويراقب مانشستر يونايتد رويس منذ فترة، وبعد قدوم المدير الفني الكبير، لويس فان جال، أصبح التقارب أوضح. يلعب الهولندي بطريقة لعب أقرب إلى 3-5-2 التي تتحول إلى 3-4-1-2، نظام فني صارم يحتاج إلى لاعب يجيد صناعة اللعب من العمق، مع التحول إلى الأطراف لفتح المجال أمام لاعبي الوسط للتقدم، بالإضافة إلى جناح سريع وخفيف، يملاً الفراغ على الأطراف ويقود الهجمات من الخط، وبالطبع مهاجم متحرك، ليس هدافاً متكاملاً، ولا صانع لعب بحت، بل لاعب أشبه بالتسعة والنصف، أي نصف خط وسط، ونصف مهاجم، وماركو رويس قادر على شغل كل هذه المراكز.
ومع مطاردة فيدال وقلب دفاع آخر، يبقى ماركو رويس هو الهدية القيمة التي يجب أن تقدمها إدارة مانشستر يونايتد إلى الخال الهولندي. في البداية سيكون الرهان على الأرجنتيني، أنخل دي ماريا، الذي أصبح موقفه مجهولا مع ريال مدريد، وإذا لم يحدث ذلك، فسيكون الجناح الألماني هو الخيار.
ويدخل أتلتيكو مدريد، عش الدبابير ويريد أيضاً خطف رويس من براثن أباطرة القارة العجوز. ماركو سيكون حلاً سحرياً للمدرب الناجح، دييجو سيميوني، لأنه سيكون همزة الوصل الحقيقية بين خط الوسط والمهاجم الصريح في الأمام. بإيجاز، هو اللاعب المتحرك خلف الهداف وأمام ماكينات منتصف الملعب. مع وجود أجنحة بقيمة كوكي، جريزمان، أردا توران، فإن إضافة لاعب بحجم رويس بينهم وخلف ماندزوكيتش، ستجعل الروخي بلانكوس، فريقاً شبه مستحيل.
يُطبّق سيميوني طريقة الضغط من منتصف الملعب مع التحول من الدفاع إلى الهجوم، خلطة "الكونتر برسينج" الشهيرة التي يلعب بها أيضاً يورجن كلوب مع دورتموند، وكما حقق المدرب الأرجنتيني نجاحاً تاريخياً فاق ما وصل إليه المدرب الألماني في الموسم قبل الماضي، يستطيع "التشولو" أيضاً الوصول بإمكانات ماركو رويس إلى مستوى أعلى، إذا حدثت المفاجأة.