ماذا يعني وقوع زلزال قرب مفاعل نووي؟

20 ابريل 2018
بعد زلزال ضرب إيران في نوفمبر(عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -
الزلزال الذي ضرب منطقة بوشهر جنوبيّ إيران، أمس، والذي بلغت قوّته 5.9 درجات على مقياس ريختر، لم يؤدّ إلى سقوط ضحايا ولم يتسبب بأضرار مادية، علماً أنّ المنطقة تضم مفاعل الطاقة النووي في البلاد.

وقد طمأن مدير المفاعل محمود جعفري، أنّ "الزلزال لم يؤثّر على المنطقة القريبة من المفاعل". لكن خوف أهالي المنطقة، الذين شعروا بالزلزال، ازداد بسبب قربه من المفاعل وإن لم يحدث أيّ تسرّب. يُذكر أنّه شُعر بالزلزال أيضا في الكويت والبحرين وقطر، خصوصا في البنايات الشاهقة.

ويطرح الأمر تساؤلات حول مدى مشروعيّة خوف الناس، ومدى قدرة الدول على ضمان سلامة مواطنيها في مواجهة الكوارث الطبيعية.

وفي هذا الإطار، يقول مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذريّة التابعة لـ"المجلس الوطني للبحوث العلمية"، بلال نصولي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المفاعلات النووية في العادة تبنى وفق شروط صارمة وبعد دراسة جيولوجية للأراضي التي سوف تشيّد فوقها".

ويلفت إلى أنّه "على مدى 65 عاماً، لم يتأثر أيّ مفاعل نووي نتيجة زلازل"، موضحاً أنّ "كارثة مفاعل فوكوشيما النووي التي أعقبت زلزال اليابان في 11 مارس/ آذار من عام 2011 ليست ناتجة عن الزلزال".

ويؤكّد نصولي أنّه "قبل بناء أيّ مفاعل نووي تعدّ دراسة زلزالية مفصلة تتضمن أقصى درجات الزلازل التي من المحتمل أن تصيب المنطقة، على أن تُعطي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموافقة".



من جهتها، تقول باحثة في الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية، رفضت الكشف عن اسمها لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأمر الرئيسي يتعلّق بطريقة البناء ومتانته، الدول المتقدمة تحرص على ضمان سلامة البناء".

وتلفت إلى أنّ "الأمر يرتبط كذلك بحجم الزلزال وقوته، وبمدى احتمالات حدوث تسونامي، وغيرها من العوامل". وتؤكد الباحثة أنّ "بناء المفاعل النووي في إيران متين"، لكن لم تستطع تقدير "احتمال حدوث تسرّب نووي، لأنّ الأمر يتطلب دراسة معمقة للبناء وكيفية عمل المفاعل وغيرها".

وعن الآثار المحتملة في حال وقوع تسرّب، تقول الباحثة نفسها إنّه "لا يمكن إعطاء إجابة عامة لأنّ الأمر مرتبط بالمواد المشعة وبكيفية عمل المفاعل، لكنّ التسرّب قد يؤدّي إلى تلوّث البيئة والتربة ويؤثر على صحة الإنسان ويتسبب في تشوهات خلقية".

في السياق نفسه، يقول أمين عام المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، معين حمزة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنشآت النووية في أيّ مكان من العالم تخضع إلى رقابة مسبقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تضع شروطاً فنية"، موضحاً أنّها "تعدّ دراسات جيولوجية وزلزالية لتحديد نسبة تأثر المنشآت النووية بنشاط الفوالق الزلزالية القريبة منها".

يضيف حمزة أنّه "في العالم العربي، لا توجد منشآت تضمّ مفاعل نووية مهمّة قد تتأثر بنشاط الفوالق الزلزالية المنتشرة في الشرق الأوسط ومصر ودول المغرب العربي. كذلك فإنّ كل المشاريع التي بوشر العمل فيها لإنشاء مفاعلات نووية لأهداف سلمية خضعت وتخضع لدراسات مسبقة. لكن ما يثير الخوف في إسرائيل هو قرب مفاعل ديمونا النووي من الفوالق الزلزالية الكبيرة مثل فالق الشرق الذي يجتاز فلسطين والأردن ولبنان وصولاً إلى سورية، ويعدّ نشطاً".

وفي الوقت نفسه، يوضح حمزة أنّه "لا تتوفر معلومات واضحة حول مدى تأثر المفاعل بالنشاط الزلزالي نتيجة عدم توقيع إسرائيل على معاهدة حظر الأسلحة النووية، وبالتالي عدم خضوع منشآتها لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية".


ويلفت حمزة إلى أنّ "المنشآت النووية تتأثر وقد تقع أضرار في حال حدوث هزات أرضية أو تسونامي، على غرار ما حدث في فوكوشيما. فنتيجة للزلزال، حدثت موجات تسونامي اجتاحت المفاعل القريب من البحر، ما أدى إلى تسرب مواد مشعة لوّثت منطقة فوكوشيما وجزءاً كبيراً من اليابان".

ويوضح أنّ "لهذه الإشعاعات تأثيراً مباشراً على صحة الإنسان والتربة والزراعة. بالتالي، فإنّ حدوث أيّ زلزال في منطقة تضم منشأة نووية يدعونا إلى الخوف وإجراء أبحاث للتأكد من عدم تأثّر المفاعل، لأنّ خطر التسرّب الإشعاعي قاتل ويتجاوز الزمن".

ويعطي حمزة مثالاً "كارثة تشرنوبيل التي ما زال تأثيرها مستمراً، وإن لم يكن سبب انفجار المفاعل وقوع زلزال". ويشدد على "وجوب اتخاذ الاحتياطات وبناء المنشأة النووية وفق مواصفات هندسية".

وعن خطورة الهزة الأرضية التي وقعت أمس على مسافة مائة كيلومتر من منطقة بوشهر الإيرانية حيث يقع مفاعل بوشهر النووي، يقول حمزة إنّه "لا مصلحة للوكالة الدولية للطاقة الذرية من عدم التأكد من الاحتياطات اللازمة". ويرى أنّ "خوف الناس مبرر، إلا في حال ثبت عدم وجود تسرّب نووي". يضيف: "لكنّني شخصياً، لا أسكن في منطقة قريبة من مفاعل نووي".

دلالات
المساهمون