وسط الاضطرابات الجيوسياسية التي تهدد الاقتصاد العالمي وتزيد من المخاطر الاستثمارية، ترتفع المجاهيل في معادلة أسواق المال وأدوات الاستثمار وأسعار السلع والمعادن. وبالتالي تصبح عمليات التنبؤ بتوجهات أسعارها من الصعوبة بمكان.
لكن رغم هذه الصعوبات، أطلق العديد من مصارف الاستثمار وشركات الاستشارات والأبحاث المالية توقعاتها للعام الجديد.
فماذا سيحمل عام 2019 وسط تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين والاضطرابات السياسية في المنطقة العربية؟ وكيف ستنتهي مفاوضات بريكست وتداعياتها على أسواق المال في أوروبا والاقتصاد البريطاني والتحولات الجارية في أسعار النفط؟
مجموعة من المعادلات الصعبة تفرض نفسها على المستثمرين خلال العام الجديد بعد الاختبارات القاسية التي تعرضوا لها خلال العام الجاري.
تشير معظم التوقعات التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، إلى أن تقلبات سوق المال الأميركي والعالمي ستتواصل خلال الشهور الأولى من العام الجديد. وذلك ببساطة، لأن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بالرسوم وإعادة التفاوض التجاري التي أطلقها تحت مسمى "أميركا أولاً"، أجبرت الشركات الأميركية على تقديم "المصلحة الوطنية على الأرباح"، كما هزت الثقة في التجارة الحرة وانسيابها بسلاسة بين أكبر اقتصادين.
والسؤال المطروح عما إذا كان ترامب سيتمكن من مواصلة هذه السياسات وسط التغير السياسي في واشنطن الذي منح الحزب الديمقراطي أغلبية في مجلس النواب، خلال عام 2019.
على الصعيد العالمي يرى مصرف "غولدمان ساكس"، أن معدل النمو العالمي سينخفض من 3.8% الحالي إلى 3.5%. كما يتوقع ارتفاعاً طفيفاً في معدل التضخم العالمي.
أما على الصعيد الأوروبي، فيتوقع المصرف الأميركي، انخفاض معدل النمو في منطقة اليورو من متوسطه الحالي البالغ 1.9% إلى 1.6%. ويلاحظ أن توقعات المصرف لم تأخذ في الحسبان الاضطرابات التي تشهدها حالياً فرنسا وتداعياتها على ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
ويرى المصرف في التحليل الذي نشره على موقعه، أن أسواق المال الأوروبية ستعاني من ثلاثة تحديات رئيسية خلال عام 2019، وهذه التحديات هي حل أزمة إيطاليا الخاصة بالميزانية وديون المصارف، وقضية خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، وتداعيات النزاع التجاري على صادراتها إلى أميركا.
على صعيد البورصات الآسيوية، يرى كبير الاقتصاديين بمؤسسة دايوا اليابانية للاستثمار، سوشيرو مونجي أن "الحرب التجارية بين أميركا والصين ستهيمن على أداء البورصات طوال فترة الهدنة التجارية التي حددت بثلاثة أشهر بين البلدين". وهو ما سيعني أن أسواق المال ستواصل التقلب تبعاً لتغريدات الرئيس ترامب.
كما تواجه الصين أزمة عقارية، حيث توجد أكثر من مائة مليون شقة فارغة في المدن الصينية. ولا يستبعد محللون مصرفيون انفجار الفقاعة العقارية في الصين خلال العام المقبل وسط المديونية الضخمة التي تحملها المصارف والشركات.
على صعيد المعادن الثمينة طرحت عدة مصارف استثمارية وشركات استثمار الذهب على أساس أنه "سلعة العائد" المضمون في العام المقبل. ولكن هل يتحقق ذلك ويصبح العام المقبل 2019، عام الذهب.
في هذا الصدد، توقع كل من مصرفي "جي بي مورغان" و" بانك أوف أميركا"، ارتفاع الذهب وإن كانت مستويات الارتفاع المتوقعة جاءت متباينة بشكل كبير.
وبنيت توقعات ارتفاع الذهب على افتراض أن مصرف الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، سيبطئ وتيرة زيادة ارتفاع الفائدة المصرفية في العام المقبل. كما ستواجه الحكومة الأميركية تحديات في تمويل العجز بالميزانية. وحسب توقعات المصرفين، فإن الذهب سيستفيد كذلك من الانخفاض المتوقع في سعر صرف الدولار.
ويرى مصرف" بانك أوف أميركا" أن سعر أوقية الذهب "الأونصة" سيرتفع في العام المقبل 5%، لكن مصرف "جي بي مورغان"، يعتقد أن العائد على الذهب سيصل العام المقبل إلى 15%.
وهذا المعدل من العائد سيكون مغرياً للمستثمرين الهاربين من سوق المال الأميركي. وما يشجع المستثمرين على وضع أموالهم في الذهب، مع استمرار التوقعات بارتفاع معدلات التضخم.